زيدان.. ساحر ريال مدريد مرّة أخرى

زيدان.. ساحر ريال مدريد مرّة أخرى

28 يناير 2017
(على ملعب يوكوهاما، تصوير: أساهي شيمبون)
+ الخط -

فارقٌ كبيرٌ بين زين الدين زيدان الذي أنهى مسيرته كلاعب بنطح ماتيرازي لاعب إيطاليا في نهائي كأس العالم 2006، ردًا على سبَّه، وبين المدرّب الهادئ، قليل الكلام، المتواضع، الذي ينسب النجاح للاعبي الفريق، ويرى في الهزيمة أمرًا قاسيًا لكنه مُحتّم بعد أربعين مباراة بدون هزيمة.

بدا وكأن اللاعب الأسطورة، عاد ليصنع أسطورة أخرى كمدرب ومنقذ لفريق فاز بألقاب هامّة خلال السنوات الأخيرة، لكنه لم يوحِ بالثّقة والتفوق مُطلقًا. عادة ما يرى مشجعو كرة القدم أن اللاعب النجم، الذي يُمتع الجماهير، يُمكنه أن يكون مدربًا رائعًا، رغم أن هناك الكثير من الحالات التي تناقض هذا الاعتقاد.

ولهذا كان ظهور زيدان كمساعد للمدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي في موسم 2013-2014 مُفجرًا لنبوءة توليه مهمّة الرجل الأوّل في مرحلة لاحقة. كانت مسألة وقت فقط، وهذا ما حدث قبل عام بالتمام، عندما تمت إقالة مدرّب الفريق "رفائيل بينيتث" وتعيين زيدان مديرًا فنيًا. كان ترتيب الفريق في جدول الدوري متراجعًا، وتم اعتباره مهزومًا في الكأس لمشاركة لاعبٍ لا يحقّ له اللعب لحصوله على بطاقة حمراء.

لم يكن هناك ما يخسره الفريق، مجرّد التخلّص من المدرّب وتعيين آخر كان مطلبًا لرفع الروح المعنوية والتخلّص من الحظ السيئ. ومن أفضل من زيدان؟ لكن الفريق لم يخسر، بل فاز بدوري الأبطال الأوروبي.

أصبح وجود زيدان كمدربٍ لريال مدريد يشيع حالة من التفاؤل والبهجة، بل والثقة لدى مشجعي الفريق، بالطبع توجد أسباب موضوعية للتفاؤل والثقة، منها تحَسُن حالة الفريق ونتائجه. وشعوريًا، توجد حالة من النشوة لدى اللاعبين والمشجعين، فإنجاز الفريق مصاحب لتخبط وتعثر المنافسين. ولم لا؟ ألم يتفوّقوا هم أيضًا عندما كان الفريق في حالة مزرية يرثى لها؟ لم يعد ذكر برشلونة وأتليتكو مدريد مثيرًا للخوف والتضرّع بعدم التعرّض لفضيحة جديدة بعد سنوات فاز خلالها برشلونة أكثر من مرّة، بأربعة أو خمسة أهداف.

الجانب الآخر، وقد يكون الأهم، في سحر زيدان هو تعامله النفسي مع اللاعبين. لا يوجد من يشتكي من جلوسه احتياطيًا. ورغم إصابة الكثير من اللاعبين الأساسيين، يؤدّي من يحلّ محلهم دوره بشكل رائع أيضًا. وهذا يرفع الحالة المعنوية. من جانب يوجد عدد كبير منهم كان يرى زيدان اللاعب الرائع الذي يصنع المعجزات بالكرة. ومن جانب آخر توجد تلك الثقة التي يبثّها بشكلٍ فردي وجماعي لدى اللاعبين. وأيضًا في تصريحاته، عندما يقول إن كل لاعبي الفريق مهمّون، وإنه لا يستطيع أن يشارك بخمسة وعشرين لاعبًا في المباراة، لكن كل لاعب يشارك عندما يحين الوقت المناسب. هذه الكلمات الدبلوماسية المهادنة مُكررة، قِيلت مرارًا من قبل، وليست مُقنعة دائمًا. لكنها في هذه الحالة مُقنعة، على الأقل حتى الآن.

ورغم أن ريال مدريد خسر المباراتين الأخيرتين في الكأس والدوري، إلا أن حالة الثقة والتفاؤل لم تهتز (نكتب هذه السطور قبل لقاء العودة في الكأس أمام فريق سيلتا). ورغم الفارق البسيط في النقاط بين ريال مدريد وملاحقيه في الدوري، أشبيلية وبرشلونة، إلا أن الخوف غير موجود تقريبًا. كأنّما كلمات زيدان مُقنعة بأن الهزيمة كانت يجب أن تحدث، وإنها مفيدة لكي يفيق الفريق ويعود إلى الفوز. وإن الأرقام القياسية ليست مهمّة، وإنما المهم هو الفوز بالألقاب في النهاية.

على استحياء تُعقد مقارنات بين زيدان وجوسيب غوارديولا. المقارنة ظالمة، ليس لأن الأوّل يمسك بدفة الأمور قبل عام واحد فقط، وإنّما لأن الظروف أيضًا مختلفة، وطريقة التفكير والصلاحيات التي يتمتّع بها كل منهما في دائرة عمله؛ غوارديولا في عامه الأوّل كمدرب غير معروف اشترط التخلّص من نجوم الفريق وقتها، رونالدينيو وصامويل إيتو وديكو وغيرهم. واستعان بالكثير من لاعبي الفريق الرديف وناشئي برشلونة. لكن زيدان على العكس، يوحي بأنه شخص طيّب غير مثير للمشاكل، يتمتّع بحب وإعجاب واحترام لاعبيه، بل إنه استطاع أن يجعل لاعبًا مثل كريستيانو رونالدو يشارك في بعض المباريات فقط، ورغم هذا لا يثير المشاكل ولا يعترض.

المساهمون