زيت يلطّخ النيل

01 سبتمبر 2015
كيف نحمي نيل مصر من التسرّبات؟ (فرانس برس)
+ الخط -

لا يسلم نهر النيل في مصر من حوادث بين حين وآخر، تزيد من معدّلات تلوّثه وتخطف لونه الأزرق الصافي في مجراه في جنوب مصر لتحوّله إلى زيتيّ داكن كلما اقترب من القاهرة.

يوم الخميس الماضي، أعلنت غرفة العمليات المركزية في جهاز شؤون البيئة المصري عن تلوّث بالزيت في نهر النيل وتحديداً في محطة الحمرا. وقد تبيّن أن التلوّث ناتج من تسرّب من وحدة المازوت إلى مياه تبريد المحطة ومنها إلى نهر النيل. وأوضحت وزارة الدولة للشؤون البيئية أنها عمدت إلى "إغلاق أربع محطات للمياه في المحافظة كإجراء احترازي، وأخذ عينات بشكل مستمر كل ساعة بواسطة شركة، ومواصلة سيارات السحب عملها لشفط الزيت الموجود على جانب النهر بجوار محطة الكهرباء". كذلك، أصدر وزير الدولة للشؤون البيئية خالد فهمي تعليمات بتكليف أقرب مركز مكافحة تلوّث في نهر النيل التابع للهيئة العامة للبترول بإزالة التلوّث على نفقة المتسبّب، تحت إشراف جهاز شؤون البيئة وطبقاً للمعايير البيئية، كذلك حرّرت شرطة البيئة والمسطحات محضر شرطة بالواقعة.

وتأتي هذه الواقعة، بعد أشهر من حادث غرق صندل محمّل بـ 500 طنّ من الفوسفات في نهر النيل بالقرب من محافظة قنا، في 22 إبريل/ نيسان الماضي، وهو ما خلّف كارثة بيئية وصحية.

وفي أعقاب غرق صندل الفوسفات، أصيب نحو 400 مواطن في محافظة الشرقية بالتسمم. وفيما أعلنت وزارة الصحة المصرية أن عدد حالات الاشتباه في التسمم ارتفع إلى 379 حالة، ادّعت الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي في مصر على لسان المتحدّث الرسمي باسمها محمد الصرفي، أن لا علاقة لحالات التسمم بمياه الشرب، ملقياً اللوم على الأهالي الذين يشربون في "جراكن" مياهها المستخرجة من آبار لا تخضع لتحلية المياه. لكن الأهالي كذّبوا ادعاءات الشركة، مؤكدين أنهم يشربون من مياه المحطات الرئيسية.

وتوثّق "العربي الجديد" هنا وقائع الإهمال التي شهدها النهر في السنوات الماضية، في ست حوادث. في شهر أكتوبر/تشرين 2012، تسرّبت بقعة من الزيت إلى نهر النيل قرابة سواحل مدينة البوصيلة في محافظة أسوان (جنوب مصر)، وصل قطرها إلى خمسة كيلومترات، وهو ما أدى إلى قطع مياه الشرب عن المدينة وكلّ المناطق التابعة للمحافظة.

وفي شهر ديسمبر/كانون الأول 2012، تسبّب تسرّب مخلفات بترولية إلى نهر النيل من أحد المصانع في نجع حمادي، في تكوّن بقعة بترول بعرض نحو 50 متراً وطول يصل إلى كيلومتر واحد.

أما في شهر مارس/آذار 2014، فقد تسرّبت بقعة زيت إلى النيل وامتدّت على 500 متر وقد بلغت مساحتها 500 متر بـ 10 أمتار متقطعة. أما مصدرها فأحد المراكب السياحية في مرسى كورنيش النيل في أسوان. وقد انتقلت البقعة من مدينة أسوان إلى مدينة إدفو في الصعيد.

إلى ذلك، شهد شهر يناير/ كانون الثاني من العام الجاري واقعة أكثر خطورة، إذ تسرّب السولار إلى مياه نهر النيل لمرّتين في أقل من أسبوع، وهو ما أدّى إلى انقطاع مياه الشرب عن عدد من مناطق محافظة الأقصر لأيام عدّة، لينتهي الأمر بإيقاف عمل المحطة الرئيسية للمدينة عن العمل.

وفي الشهر نفسه، ظهرت بقعة زيت في فرع النيل بالقرب من إيتاي البارود في محافظة البحيرة (غرب الدلتا)، نتيجة حادث سيارة محملة بالزيت عند منطقة التوفيقية.

وفي شهر مارس/ آذار من العام الجاري، وقعت حادثة تسرّب من سفينة شحن ترفع علم ليبيريا إلى مياه البحر الأحمر. وكانت السفينة قد تسببت في كسر الخط الرئيسي لتصدير الزيت الخام. وقدّرت مساحة بقعة الزيت بما يقارب ستة إلى عشرة أمتار مكعّبة. إلى ذلك، قدّرت لجنة جهاز شؤون البيئة في محافظة البحر الأحمر القيمة المادية لمعالجة آثار الأضرار، بمليون ونصف مليون جنيه مصري (192 ألف دولار أميركي).

تضارب في الآراء

كشف تسرّب الزيت الأخير تخبّط الجهاز الإداري في الدولة، من خلال تضارب التصريحات. بينما أكدت غرفة عمليات مجلس الوزراء وجود بقع زيت متقطعة، حاول محافظ أسيوط ياسر الدسوقي التقليل من حجم الكارثة، والقول إن البقعة ليست في المجرى الرئيسي ولا تُشكّل أيّ خطر. أما وزير الدولة للشؤون البيئية خالد فهمي، فقال إن "المنطقة خالية تماماً من أي تلوّث، والبقعة تلاشت وانحصرت بفعل العوامل الجوية".

اقرأ أيضاً: نهر النيل يبتلع أبناءه