زيارة السيسي إلى موسكو: غير استثنائية ولا اتفاقات عسكرية

زيارة السيسي إلى موسكو: غير استثنائية ولا اتفاقات عسكرية

15 فبراير 2014
+ الخط -

زيارة لوزيري الدفاع والخارجية المصريين إلى موسكو ضمن إطار اتفاق 2+2 لتبادل الزيارات مع نظيريهما الروسيين لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، حولتها وسائل الإعلام المصرية إلى زيارة استثنائية، واعتبر البعض أن استقبالاً حافلاً وخارقاً لقواعد البروتوكول أولاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي، على هامش إعلانه عن دعمه للترشح لرئاسة الجمهورية في مصر.

ورغم ما في هذا الدعم من تدخل غير مبرر في الشأن المصري، سارعت الولايات المتحدة لإدانته، إلاّ أن الحقيقة التي لم تركز عليها وسائل الإعلام المصرية أن بوتين التقى السيسي مع فهمي مرتين خلال يومين، كل منهما كانت مدتها بين 10 دقائق وربع ساعة فقط، وذلك بناء على طلب السيسي نفسه.

السيسي بنفسه عبر، وبصورة خارجة عن المألوف سياسياً في مثل هذه اللقاءات، عن أنه هو من طلب لقاء بوتين ولو لدقائق، حيث وجه له الشكر على إفساح الوقت له ولوزير الخارجية نبيل فهمي لمقابلته "وسط المشاغل التي تحيط بمنصب الرئيس هنا"، حسب قول السيسي في تسجيل تلفزيوني بثه التلفزيون المصري.

وبدا بوتين في تسجيل آخر واقفاً على نحو متعجل مع السيسي وفهمي يحييهما، ثم يتركهما ويدخل إلى مكتبه، والذي يقع في المبنى ذاته بقصر الكرملين الذي تقع فيه المكاتب التي احتضنت مباحثات السيسي وفهمي مع نظيريهما، وزير الخارجية سيرجي لافروف، ووزير الدفاع سيرجي شويجو.

وحتى في كيفية جلسة السيسي مع بوتين، والتي ادعى الإعلام المصري أنها خاصة واستثنائية "وتعامل فيها بوتين مع السيسي نداً لند"، فقد أظهرت الصور الواسعة أن السيسي ثم فهمي يجلسان على يمين بوتين بالترتيب.

كما أظهر أرشيف صور الكرملين أن هذا المقعد جلس فيه جميع ضيوف بوتين من السياسيين، وأن مائدة المباحثات في مكتبه مستطيلة وليست دائرية أو مربعة حتى يجلس هو على رأسها، بل إنه اعتاد الجلوس في مواجهة ضيفه أياً كان، ومن هؤلاء الضيوف رئيس الوزراء الفرنسي ورئيس الوزراء العراقي ووزير الخارجية الأميركي وولي عهد إمارة أبوظبي.

ومن الناحية الموضوعية، فإن الزيارة كانت مرتقبة منذ زيارة لافروف وشويجو إلى القاهرة في نوفمبرتشرين الثاني الماضي، كما أنها بحسب وسائل الإعلام الروسية الرسمية لم تشهد توقيع أي اتفاقيات رسمية في مجال التسليح، وإنما اتفق السيسي وشويجو على "التعجيل بتوقيع اتفاقية عسكرية بين الطرفين، وتسريع إعداد الوثائق التي من شأنها دفع التعاون العسكري والتقني".

وذكرت صحف روسية محلية أن هذه الوثائق التي ستوقع لاحقاً عبارة عن شراء مصر من روسيا عدة مقاتلات "ميج 29" وأنظمة دفاع جوي ومروحيات "مي "35 ومنظومات صاروخية بحرية وأسلحة خفيفة، بقيمة مالية لم تحدد، وإنما أكدت أن الإمارات والسعودية قامتا بتمويل هذه الصفقة.

ولم يدل المسؤولون المصريون بأي تصريحات محددة تدل على توقيع اتفاقيات أو تطوير العلاقات في أي مجال، غير أن مصادر رسمية مصرية قالت لـ"الجديد" إن هذا التعتيم يأتي في إطار الحفاظ على سرية معلومات تخص الأمن القومي.

وبحسب المصادر فإن التقارب المصري الروسي، خصوصاً على المستوى العسكري، لا يعني الالتفات نهائياً عن المساعدات الأميركية، التي ما زالت تتدفق على مصر خاصة في المجال العسكري.

فرغم قرار تعليق بعض المساعدات العسكرية بقيمة 500 مليون دولار، فإن المصادر أكدت استمرار وصول قطع الغيار للأسلحة الأميركية الموجودة بحوزة القوات المسلحة المصرية، وأن قرار الكونجرس لم يمس التعاقدات المبرمة بين مصر وشركات أميركية عملاقة لتوريد الأسلحة وقطع الغيار، والتي تدخل ضمن إجمالي المساعدات الأميركية لمصر.

وتحاول بعض وسائل الإعلام المصرية خلق حالة شعبية من الترحيب بالتوجه سياسياً وعسكرياً نحو روسيا، منذ أن أعلنت الأخيرة عن تأييدها للانقلاب العسكري، لا سيما وأن روسيا هي الدولة الوحيدة (مع عدة دول كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي) التي تعتبر جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، على خلفية مناصبتها العداء لجميع الفصائل الإسلامية منذ الحرب في الشيشان.