Skip to main content
زعيم "طالبان" الجديد يعلن الحرب على واشنطن
صبغة الله صابر ــ كابول
أصبح أخوندزاده زعيماً للحركة في مايو الماضي (فيسبوك)
دعا الزعيم الجديد لحركة "طالبان أفغانستان"، الملا هيبة الله أخوندزاده، في أول رسالة له، اليوم السبت، الولايات المتحدة الأميركية إلى البحث عن طريقة وصفها بـ"المعقولة" لإنهاء المعضلة الأفغانية بدلاً من مواصلة الاحتلال. وشدّد في الوقت نفسه على مواصلة "الكفاح المسلّح حتى إنهاء الاحتلال الأميركي بشكل كامل"، داعياً الشعب الأفغاني والعاملين والموظفين في الحكومة إلى ترك ما وصفه بـ"العمالة الأميركية".

ويحمل البيان الأول للملا هيبة الله أخوندزاده منذ توليه زعامة الحركة في مايو/ أيار المنصرم، في طياته الكثير من الرسائل؛ أبرزها أنّ الحرب في أفغانستان طويلة الأمد وأن محاولات السلام، والتي جرت بإشراف بكين وواشنطن ومشاركة كابول وإسلام أباد، أصبحت في خبر كان. إذ يتعهد الرجل في بداية رسالته بالمضي قدماً في محاربة المحتلين، قائلاً: "سأمضي على ما مضى عليه مؤسس الحركة الملا عمر وخليفته الراحل الملا منصور"، والذي قتل في غارة أميركية في شهر مايو/ أيار الماضي في إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان.

وشدّد الرجل على أنّ الحل الوحيد للمعضلة الأفغانية هو خروج القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان بشكل كامل، وأن الحركة تتعهد بمقاتلتها حالة وجودها في البلاد.

سياسة "طالبان"

وأكّد الملا هيبة الله في الوقت نفسه أن للحركة سياسة واضحة تجاه المعضلة، كما أن لديها استعداداً كاملاً لمواصلة القتال؛ فهي كذلك رسمت خطوطاً واضحة للعمل السياسي من خلال مكتبها في الدوحة، إلا أنه ألمح أكثر من مرة في رسالته إلى أن الأساس هو إنهاء الاحتلال الأميركي.

وفي جزء من رسالته، لفت زعيم "طالبان"، إلى أن الحركة تحترم جميع أقوام وقبائل الأفغان، وأنها لا تريد أن تكون بمعزل عنها سواء في العمل السياسي أو تشكيل الحكومة أو غيرها من الأمور المتعلقة بمستقبل أفغانستان، معتبراً أنّ التوحد والتماسك بين أطياف أفغانستان المختلفة سيساهمان في حلحلة الأزمة.

أيضاً، دعا الملا هيبة الله أخوندزاده قادة الحركة الميدانين إلى الدقة والتريث في جميع أعمالهم حتى لا يتضرر عامة المواطنين، داعياً إياهم إلى التعامل الحسن مع جميع أطياف الشعب.

وتأتي النقطة المهمة التي يوصي بها زعيم الحركة الميدانيين، في وقتٍ كثرت فيه الأحاديث حول استراتيجية الحركة القتالية في ظل تزايد الاختطافات والاغتيالات في صفوف عامة الناس ورجال القبائل.

وسبق أن وُجهت انتقادات شديدة من قبل بعض القادة الميدانيين لزعيم الحركة بعد أن نشرت تقارير تؤكد أن الملا هيبة الله أخوندزاده أمر باغتيال وقتل كل من يعمل في الحكومة. وقد تبنت حركة "طالبان" اغتيال وخطف عشرات المواطنين في شمال البلاد خلال الأسابيع الماضية؛ بذريعة أنّهم يعلمون في الحكومة أو يساندونها بشكل أو آخر.

ولا تزال عمليات قتل المواطنين واغتيالهم متواصلة، إذ قتل اليوم ستة أفراد من أسرة واحدة في إقليم قندهار، كما نفذت عملية انتحارية ضد زعيم قبائل شينواري في مدينة جلال أباد، مما أدى إلى مقتل مدنيين وإصابة عشرة آخرين. كذلك قتل خلال الليل الفائت القائد في الحزب "الإسلامي" رحمت شاه خان.

وفي وقت سابق، تبنت "طالبان" مقتل ستة مواطنين في قندوز بعد اختطافهم بذريعة أنّهم كانوا يعملون في الحكومة. وهناك ترجيحات أن تكون يد ثالثة تقوم بمثل هذه الاغتيالات، ولكن ثمة عمليات، كما أشير إليها، تبنتها الحركة، وهي ظاهرة جديدة في سياسة "طالبان" منذ أن تولى هيبة الله زعامة الحركة.

استراتيجية واشنطن

كذلك فإن الأهم في البيان الأول لزعيم الحركة أنه أتى بعد أيام من إعلان القوات الأميركية استعادة نشاطها العسكري ضد الحركة في أفغانستان.

ويُعتقد هنا أن أمر الرئيس الأميركي، باراك أوباما، باستعادة النشاط العسكري ضد "طالبان" يوحي بتغيير استراتيجية واشنطن بعد أن فقدت هي وكابول أملها في الحوار مع الحركة؛ وليس هذا فقط بل يُعتقد أن سياسة واشنطن قد تغيرت إزاء الحركة برمتها، عقب اغتيال الملا منصور. أمّا السبب الثاني فهو التقارب بين موسكو وطهران من جهة و"طالبان" من جهة أخرى.

ويرى الخبراء أن واشنطن كان بإمكانها اغتيال الملا منصور في أكثر من مناسبة سابقة، إلا أنها فعلت ذلك بعد التقارب بين طهران وموسكو و"طالبان". إذ كان منصور هو اللاعب الرئيسي في التقارب، لذا قضت عليه ثم أمرت باستعادة النشاط العسكري في أفغانستان.

حلفاء "طالبان"

في المقابل، أكّد الملا هيبة الله أخوندزاده أنه لم يحصل على أي دعم من إيران وباكستان، لافتاً إلى أن "طالبان" حركة أفغانية محضة تسعى لإنهاء الاحتلال الأميركي، الأمر الذي قد لا يشك فيه كثيرون. ولكن في ما يتعلق بدعم باكستان وإيران للحركة فهذا أمر قد لا يقتنع به الكثير من الأفغان، لا سيما أن سلفه الملا أختر منصور قتل وهو في طريقه من إيران إلى باكستان.

كما أن هيبة الله أخوندزاده نفسه يدعو في رسالته ذاتها دول المنطقة إلى التعاون معهم لإنهاء الاحتلال الأميركي.