رهانات عربية في سباق اليونسكو

رهانات عربية في سباق اليونسكو

11 فبراير 2016
(مبنى اليونسكو، تصوير: إليوت بلوندي)
+ الخط -

في الـ 19 من شباط/ فبراير الجاري، يلتقي في باريس ممثّلون عن 58 بلداً من أعضاء "منظّمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم" (اليونسكو) الفائزين بعضوية مجلسها التنفيذي، وهو أعلى هيئة منبثقة عن المؤتمر العام للمنظّمة.

يأتي الاجتماع في وقت بدأت الدول التي تملك حقّ التصويت في المجلس التنفيذي، تشاوراً غير رسمي حول انتخاب مدير عام جديد لليونسكو خلفاً لمديرته الحالية إيرينا بوكوفا، التي تنتهي ولايتها قبل منتصف العام المقبل.

سيكون من بين المشاركين في الاجتماع مندوبون من ستّة بلدان عربية تتمتّع بعضوية المجلس حالياً، من بينها مصر وقطر اللتان ظهرت بوادر تنافسهما في وقت مبكر، بما قد يؤثّر على فرص العرب في الحصول على المنصب.

لكن لاعباً عربياً ثالثاً، وهو فرنسي من أصل يمني، يبدو أنه يتمتّع بقبول دولي خارج نطاق التوازنات العربية، بدأ يتردّد اسمه في أروقة المنظّمة لطول ارتباطه بها، وهو مديرها العام المساعد السابق أحمد الصياد، الذي ترك المنظّمة عام 2013، ثم سرعان ما عاد إليها سفيراً لليمن فيها.

يمثّل قطر في التنافس المحتمَل الوزير والسفير السابق حمد بن عبد العزيز الكوّاري، فيما لم تحدّد مصر بشكل نهائي من سيقع عليه الاختيار لتمثيلها، من بين أسماء متداولة، أبرزها: وزير التعليم العالي أشرف الشيحي، ومندوب مصر في اليونسكو محمد سامح عمرو، والسفيرة مشيرة خطاب.

يرى متابعون أن المماحكات المحلية أحياناً والإقليمية أحياناً أخرى كثيراً ما حالت دون أن تتمكّن البلدان العربية من إنجاح أي مرشّح عربي للفوز بالموقع الأول في المنظّمة؛ إذ أدّى التنافس العربي سابقاً إلى "إسقاط" عدّة شخصيات؛ من بينهم وزير الثقافة المصري السابق في انتخابات 2009 التي فازت فيها المديرة الحالية، وقبله الوزير السعودي الراحل غازي القصيبي في انتخابات 1999 التي فاز فيها الياباني كويشيرو ماتسورا.

لا يُستبعد أن تكون عودة مندوب اليمن في اليونسكو إلى الموقع الذي سبق أن شغله قبل قرابة ربع قرن كانت مقصودة كمدخل للمنافسة على المنصب. وما يرجّح ذلك، ما ذكرته مصادر يمنية لـ "العربي الجديد" من أن اسم الصياد كان يُطرح في جميع الانتخابات السابقة تقريباً.

لكن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح حال مراراً دون استكمال الترشيح لعدم اطمئنانه لتوجّهات الصياد الثورية المبكّرة. هذه التوجهات هي التي تسببت أصلاً في قرار إبعاده من بلاده على الطريقة العربية التقليدية؛ أي بتعيينه سفيراً لدى دولة ما، أو مندوباً في منظّمة عربية أو دولية.

غير أن وقوف صالح ضدّ ترشيح الصياد لم يمنع فرنسا وأصدقاءها من اختياره للمنصب الثاني الذي استمر فيه 16 عاماً متواصلة. هكذا، من المتوقّع أن يلقى ترشيحه ترحيباً من فرنسا وروسيا اللتين درس الصياد في جامعاتهما، وربما من الولايات المتحدة أيضاً، لأن أراشيفها تحفظ دوره في إعادة العضوية إليها عام 2003، أثناء مسؤوليته عن العلاقات الخارجية لليونسكو.

وفقاً لما يتداوله دبلوماسيون عرب في باريس وواشنطن، فإن الصياد يستمدّ قوّته من ضعف حكومة بلاده، على عكس ما يظن بعضهم، إذ إن اليمن يمرّ بمرحلة ضعف وتمزّق إلى درجة لم يعد أحد في المنطقة أو خارجها يخشى من نفوذه. وأقرب مثال على أن الضعف قد يصبح عاملاً إيجابياً هو فوز السودان على السعودية بعضوية المجلس التنفيذي في المنظّمة خلال التنافس بينهما في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

يُذكر أن اليونسكو تقسّم الدول الأعضاء فيها إلى ستّ مجموعات على أساس جغرافي، وإذا ما نظرنا إلى قائمة مدراء اليونسكو السابقين، سنجد أن هؤلاء المدراء يتوزّعون على جميع المجموعات الجغرافية باستثناء العالم العربي، ما قد يرفع حظوظ أيّ مرشح عربي في الانتخابات المقبلة.

لكن، ونظراً إلى أن أصوات العرب لا تمثّل سوى 10 بالمائة من إجمالي أصوات المجلس التنفيذي (ست دول من بين 58 عضواً في المجلس هي عُمان ولبنان والسودان والمغرب ومصر وقطر)، فإنه يتعيّن على العرب أن يأخذوا بعين الاعتبار معيار المرشّح الأكثر إقناعاً لأكبر نسبة من الدول الممثّلة في المجلس التنفيذي.

صحيح أن المجلس التنفيذي يتولّى الاختيار ويترك لمؤتمر اليونسكو العام قرار التعيين، ولكن المؤتمر لا يرفض عادة ما يوصي به المجلس.

وينتخب المؤتمر العام المدير العام لليونسكو لولاية أربع سنوات ويمكن إعادة انتخابه لولاية ثانية مرّة واحدة. أما في السابق، فكانت مدة ولاية المدير العام ستّ سنوات، ويمكن تجديدها لستّ أخرى.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجموعات الدولية والمدراء الذين اختيروا لتمثيلها

المجموعة الأولى (غربية): النصيب الأكبر من المدراء السابقين هم البريطاني جوليان (1946 – 1948) والأميركيان جون و. تايلور (1952 – 1953) ولوثر إيفانز (1953 – 1958)، والإيطالي فيتوريو فيرونيزي (1958 – 1961) والفرنسي رينيه ماهيو (1961 - 1974 ) والإسباني فيديريكو مايور 1999-1987. وتمثّل هذه المجموعة حالياً في المجلس التنفيذي اليونان وايطاليا وإسبانيا وفرنسا والولايات المتّحدة الأميركية وبريطانيا وإيرلندا الشمالية.

المجموعة الثانية (أوربا الشرقية وروسيا): تمثّلها المديرة الحالية إيرينا بوكوفا من بلغاريا (2009 - 2007). وفي عضوية المجلس التنفيذي، تمثّلها حالياً ليتوانيا والفيدرالية الروسية وصربيا وسلوفينيا.

المجموعة الثالثة (أميركا اللاتينية): المكسيكي خايمي توريس بوديت (1948 - 1952). وتمثّل هذه المجموعة حالياً في المجلس التنفيذي دول من بينها البرازيل وهايتي والمكسيك ونيكاراغوا وباراغواي.

المجموعة الرابعة (آسيا): الياباني كويشيرو ماتسورا (2009 - 1999). من بين دولها حالياً إيران وماليزيا وباكستان وكوريا وسيريلانكا وفيتنام.

المجموعة الخامسة (أفريقيا): السينغالي أحمد مختار أمبو السنغال (1974 - 1987). واختيرت لعضوية المجلس التنفيذي في آخر انتخابات سبع دول هي الكاميرون وكوت ديفوار وغانا وكينيا ونيجيريا والسنغال وجنوب أفريقيا.

المجموعة السادسة (عربية): لم يصل منها أحد حتى الآن إلى منصب مدير عام اليونسكو. ويمثّلها في المجلس التنفذي حالياً: لبنان وسلطنة عمان وقطر والسودان.




اقرأ أيضاً: بعثة فلسطين في اليونسكو: سابقة في التفريط الثقافي

دلالات

المساهمون