رمضان ينعش متاجر بريطانيا

رمضان ينعش متاجر بريطانيا

28 يونيو 2015
السلاسل التجارية تنشغل برمضان لتحقيق الأرباح (أرشيف/getty)
+ الخط -

بات رمضان يشكّل موسماً تجارياً بالغ الأهميّة في بريطانيا، خصوصاً بالنسبة للسلاسل التجارية الكبرى العاملة في البلاد، التي أصبحت تراهن على هذا الشهر في زيادة مبيعاتها، بينما اضطرت نشاطات أخرى إلى تغيير سياستها التجارية والخدمية للتناسب مع طبيعة هذا الشهر تفاديا للخسائر.

وتتوقّع السلاسل التجارية الكبرى، أن تزداد نسبة مبيعاتها، لتصل إلى مائة مليون جنيه إسترليني خلال هذا الشهر، مع وجود ثلاثة ملايين مسلم يفطرون مع غروب الشمس خلال شهر رمضان.

وسجّلت مبيعات الأرز والفواكه واللحوم ارتفاعاً ملحوظا خلال الأيام الماضية. وباعت سلسة متاجر "موريسونز" وحدها نحو مليوني طن من الأرز، وما يزيد عن 80 ألف صندوق تمر، فيما توقّعت متاجر "تيسكو"، أن تقفز مبيعاتها إلى 30 مليون جنيه إسترليني خلال هذا الشهر.
 
وفي سلسة "تيسكو" وهي الإمبراطورية الأكبر في قطاع التجزئة ببريطانيا، وكانت حتى ما قبل عدة سنوات تخلو حتى من اللحوم الحلال، تحولت في العام الحالي إلى الانشغال بالاحتفال بشهر رمضان المبارك، عبر الترويج لعروض خاصة، في أكثر من 300 من محالها المنتشرة في البلاد، حتّى ارتفع الطلب بشكل كبير على منتجات بعينها، ومنها الطحين والزيت والأرز والتمر، التي ازدادت بنسبة 70%.

كما قالت الناطقة باسم سلسلة متاجر "سينسبوري" هنا بسير، إنّ رمضان أصبح يعتبر من بين أهمّ شهور السنة بالنسبة لهم، مشيرة إلى أنّ مبيعات الأرز ارتفعت بنسبة 111%.

وأضافت أنهم يقدمون عروضاً ترويجية لشهر رمضان في 270 متجراً حتى تاريخ 21 يوليو/تموز المقبل، وخاصة المتاجر الموجودة في المناطق، التي تقطنها أعداد كبيرة من المشترين من الجالية المسلمة.

وبات واضحاً أن لشهر رمضان تأثيرا على سير العمل وحركة التجارة في بريطانيا، حتى باتت تتهيّأ لاستقباله جميع المحال التجارية، لتفادي الخسارة التي قد يتعرّضون لها وذلك عن طريق ترويج عروض خاصة، أو لاستقبال الأرباح الهائلة التي يجلبها هذا الشهر على الكثير من أصحاب المتاجر الكبرى، التي باتت تنتظر قدومه بفارغ الصبر.

وشوهدت أنواع مختلفة من التمور والعصائر والمواد الغذائية التي يرتفع الطلب عليها في رمضان وهي تغزو العديد من المتاجر الرئيسية الكبرى، فيما تصدر أغلب محال السوبرماركت منذ أيام عبارة "رمضان مبارك" بالإنجليزية.

وبحسب جورج سكوت، المستشار في شركة "كونلومينو" للاستشارات التجارية، فإن من منطلق المناسبات الدينية، يعتبر رمضان ثاني موسم تجاري من حيث مبيعات الطعام بعد عيدي الميلاد والفصح في بريطانيا.

وأضاف سكوت، أن المتاجر تأخرت في فهم أهميّة الربح خلال هذا الشهر، وأهمّية رمضان تكمن في أنّه سوق تجاري متنام، لأنّ البلد بات أكثر تنوّعاً وتطمح محلاّته التجارية إلى اكتساب المزيد من الزبائن، لافتا إلى أن أعداد المسلمين في البلاد من المتوقّع أن تصل إلى 7.75 ملايين مع حلول عام 2050.

اقرأ أيضاً: أوكراني أغنى أغنياء بريطانيا بثروة 8.6 مليارات دولار

وبينما أصبح شهر رمضان الأمثل بالنسبة للمتاجر الكبرى، لكسب مزيد من الزبائن وتلبية جميع الأذواق، فإن نشاطات أخرى خدمية لم تخف تأثر نشاطها خلال هذا الشهر، حيث لم تحظ بارتفاع نسبة مبيعاتها أو ازدياد حركة العمل فيها، بل على النقيض من ذلك تقلّصت الأرباح لدى بعضها أو بقيت على حالها.

وفي حديث لـ "العربي الجديد"، قال فنسنت بيطار، مدير "كافيه مولان روج"، في منطقة كينغستون في لندن، إنّ رمضان لا يؤثّر نسبياً على العمل، لأنّهم يستقبلون زبائن من جنسيات مختلفة، ولكنّه يلحظ غياب الزبون المسلم عن المقهى.

وعن الموظفين المسلمين العاملين لديه، قال بيطار إنّه يبدّل مواعيد العمل كي يتمكّنون من ممارسة صيامهم، ومواعيد العمل تبقى على حالها.

و"تصبح الحركة شبه معدومة في شهر رمضان"، حسبما قال داني، وهو صاحب محل "دانيز" للشعر والتجميل في شارع "أولد لندن روود" في كينغستون.

وأضاف زبائننا من جنسيات مختلفة لكن نسبة المسلمين منهم تصل إلى نحو 70%، لذلك يتراجع العمل خلال هذا الشهر بشكل ملحوظ ونحاول إحياء الحركة داخل الصالون عن طريق تقديم عروض رمضانية وتخفيضات تشجّع الزبائن على القدوم.

ما هي سوى بضع خطوات في الشارع ذاته، تحدّث "العربي الجديد" إلى مدير مطعم "لذيذ"، الذي قال إنّ دوام عمل المطعم تبدّل خلال رمضان، إذ يفتح لغاية الحادية عشرة مساء، بعد أن كان يقفل عند السادسة، وعلى الرغم من ذلك تدنّى عدد الزبائن لأنّ غالبيتهم من أصول آسيوية باكستانية وهندية يأتون طلباً لأطعمة بلادهم الأصليّة التي يوفّرها المطعم، بيد أنّهم يفضّلون تناول الإفطار مع العائلة خلال هذا الشهر.

لا تختلف الأوضاع في مطعم "وادي لبنان" في كينغستون، عن بقيّة المحلاّت حيث يتقلّص عدد الزبائن بنحو 50%، وفق إبراهيم الصعبي صاحب المطعم، لأنّ نصف الزبائن مسلمون، وفي المقابل تزداد الطلبات الخارجية وإعداد ولائم الإفطار للبيوت، وعن مواعيد العمل قال الصعبي إنّها لا تتغيّر بل تبقى وفق نظام دوام أوقات العمل في المنطقة.

أمّا لويس بطرس، صاحب مقهى "لاسيغال"، الذي يبعد أمتاراً معدودة عن "وادي لبنان"، فقال إنّ رمضان لا يؤثّر كثيراً على العمل، لكنه يتضاءل بنسبة 10% تقريباً لأنّ طعام المقهى متنوّع وعالمي ولا يقتصر على المأكولات اللبنانية أو العربية، لافتا إلى أنّهم يرتّبون مواعيد العمل بما يتلاءم والموظف المسلم.

كان المجلس الإسلامي البريطاني، قد أصدر في فبراير/شابط الماضي، إحصائية عن المسلمين في بريطانيا، تظهر أنهم يمثلون نحو 5% من عدد السكان الإجمالي، وأن 47 % منهم ولدوا في بريطانيا.


اقرأ أيضاً: تجارة الملابس المستعملة تغزو شرق أوروبا "المتقشف"

المساهمون