ردود فعل غاضبة في الجزائر من تصريحات مارين لوبان

ردود فعل غاضبة في الجزائر من تصريحات مارين لوبان: حنين للاستعمار

09 يوليو 2020
لوبان ردّت على مطالبة الجزائر لفرنسا باعتذار رسمي عن جرائم الاستعمار (Getty)
+ الخط -

أثارت تصريحات زعيمة الجبهة الوطنية في فرنسا، اليمينية مارين لوبان، التي كانت أدلت بها قبل يومين بشأن مطالبة الجزائر لفرنسا باعتذار رسمي عن جرائم الاستعمار،  جدلاً كبيراً في الجزائر.

وتأتي هذه التصريحات عقب تسليم فرنسا للجزائر 24 من جماجم المقاومين وقادة المقاومة الشعبية، كانت في متحف بباريس.

ووصف رئيس البرلمان الجزائري سليمان شنين تصريحات لوبان بأنها تعكس انزعاجاً من التوجه الجديد للجزائر نحو بناء الجمهورية الجديدة ، وقال شنين، في كلمة له خلال جلسة اختتام دورة البرلمان: "لم ولن يرضى اللوبي الاستعماري وأذياله، حيث يستمر هذا اللوبي في مواقفه المخزية والمتطاولة على الأحرار أحفاد المجاهدين الشرفاء والمتطاولة والمتعارضة مع كل قيم الإنسانية"، مشيرا إلى أن مواقف كموقف ماري لوبان "هي التي تزيد شعبنا إصرارا على مسار المطالبة بكل ما يريح شهداءنا في جنة الخلد، وينصف ذاكرتنا التاريخية، على غرار استعادة جماجم المقاومين بعد 170 عاما، والتي تمثل رسالة متجددة لكل أصحاب الحقوق بأنه لا يضيع حق وراءه مطالب، وأن المقاومة متوارثة جيلا بعد جيل".

وكان شنين يعلق على تغريدة كتبتها لوبان على صفحتها الرسمية في "تويتر"، خاطبت فيها السلطة الجزائرية، قائلة إن "القادة الجزائريين يطالبون باعتذار عن الماضي من أجل إخفاء الحاضر؛ اقتصاد مدمر و شباب ضائع، بلد في طريق التفكيك. حان الوقت ليواجهوا نتيجة 60 سنة من الاستقلال".

وانتقد رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قوجيل تصريحات لوبان، وقال خلال اختتام دورة البرلمان إن "مسؤولة هذا الحزب اليميني، وهو من الأحزاب التي ينتمي إليها المعمرون والمؤيدون لأطروحة الجزائر فرنسية، تظل ممن يعرقل العلاقات بين البلدين، لأنها من الطبقة التي لم تنس الجزائر وتريد العودة إليها"، لافتا إلى أن استرجاع رفات قادة المقاومة الشعبية الـ24 أزعج التيارات اليمينية في فرنسا.

وأصدر حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يحوز على الأغلبية النيابية، بيانا دان فيه موقف قوى اليمين المتطرف في فرنسا، وأفاد البيان بأن "التهجم الجديد لمسؤولة التجمع الوطني، اليميني المتطرف في فرنسا، يؤكد مرة أخرى العقدة التاريخية لجزء من الطبقة السياسية في فرنسا تجاه الجزائر المستقلة، خاصة في هذه المرحلة التي تعرف إرساء معالم نظام حكم جديد، منذ انتخابات ديسمبر/كانون الأول الماضي"

ونشر رئيس حركة البناء الوطني(إسلامي) عبد القادر بن قرينة، بيانا هاجم فيه السياسية الفرنسية، وأكد أن "التصريحات الأخيرة لرئيسة اليمين المتطرف الفرنسي، التي يعرف الجميع مدى عداوتها للعرب والمسلمين وللجزائريين خصوصا، والتي تتهجم فيها على الجزائر، تؤكد مرة أخرى أن مقاومة وكفاح الشعب الجزائري من أجل استقلاله ما زالا يقلقان ويزعجان فرنسا الاستعمارية ويثيران أبواقها المتطرفة". وأضاف أن "مثل هذه التصريحات الاستفزازية، والتي نرفضها ونستهجن عدم اتخاذ أي موقف من النخب الفرنسية تجاهها، لن تزيد الشعب الجزائري المكتوي بنار المستعمر الغاشم، الذي لم يترك بعد 132 سنة غير الدمار والخراب والأمية واليتم وضحايا التجارب النووية وتاريخا مثقلا بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، إلا قوة ووحدة وإصرارا في عزمه على المضي قدما في بناء الجزائر الجديدة".

ودان حزب الحرية والعدالة الذي يقوده المتحدث باسم الرئاسة محد السعيد تصريحات ماري لوبان، وأكد بيان للحزب أن تصريحاتها "توضح النزعة العنصرية الحاقدة المتأصلة في هذا التيار، الذي لا يجد مناسبة إلا ويستغلها بتصريحات الكراهية والعداء لكل ما هو جزائري، وضد كل طلب ترفعه الجزائر دولة وشعبا حول ضرورة اعتذار فرنسا عن جرائمها واحتلالها للجزائر"، لافتا إلى أنه كان يتوقع مثل هذه المواقف "بعد استرجاع الجزائر لجماجم زعماء المقاومة الجزائرية الباسلة، لأنه يذكر أمثال مارين لوبان بالماضي الاستعماري البشع لبلدها، وجرائم والدها مجرم الحرب، جون ماري لوبان".

وكان جون ماري لوبان، والد زعيمة الجبهة الوطنية في فرنسا، مسؤول شرطة في باريس، وتورط في قمع مظاهرات العمال الجزائريين في باريس في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961، المناوئة للقمع والجرائم الفرنسية في الجزائر، والمطالبة بحق الجزائر في الاستقلال.  

في السياق نفسه، وصف حزب التجمع الوطني الديمقراطي تصريحات الجبهة الوطنية الفرنسية المتطرفة بـ"غير المسؤولة"، وأنها "سلوك كولونيالي تمارسه لوبيات سياسية ودوائر إعلامية مرتبطة بها، هدفها كسر أي محاولة لبناء علاقات بين الجزائر وفرنسا، أساسها الاحترام والمصالح المشتركة". واعتبر التجمع أن "التصريحات المتباهية بماضي الاستعمار الأسود، هي جزء من الحنين إلى زمن الوصاية الذي ولى إلى غير رجعة. الشعب الجزائري، يعرف أن المكان الطبيعي للوبان وأمثالها هو مزبلة التاريخ".

المساهمون