رداً على نضال قبلان: أين مواطنة الكرد؟

رداً على نضال قبلان: أين مواطنة الكرد؟

11 اغسطس 2015
+ الخط -
لو كان أنشتاين حياً، لشكر الساسة الكرد على حماقتهم. سنوافق جدلاً بأن الأستاذ مروان قبلان معه حق في وصفه ساسة الكرد بالحماقة، في مقاله في "العربي الجديد"، (1 أغسطس/آب الجاري). ولكن، لنرى ونقارن أوضاع الكرد في الدول الأربع، إيران وسورية وتركيا والعراق، قبل انطلاق الثورات العربية، وبعد سقوط الدولة العثمانية، لنجد أنه كانت هناك دول وامبراطوريات قائمة، مثل دولة العراق والجمهورية العربية السورية وتركيا الأتاتوركية، وإيران الوحيدة التي تغير نظام الحكم فيها من امبراطوري إلى كهنوتي ديني. وسوف يجد المراقب والمؤرخ السياسي، من دون تعب أو تعمق، أن الكرد شاركوا في الثورة الإيرانية مع الإسلاميين والقوميين في مقابل حصولهم على حقوقهم الثقافية، والاعتراف بهم. وقد حدث مثل هذا الشيء في تركيا، والكل يعرف كيف استغل أتاتورك الكرد بأنهم أشقاء ومسلمون، وبمجرد قيام الجمهورية التركية، سيعترف بالكرد وبهويتهم القومية. 
لكن، مع الأسف، تم خذلان الكرد في الجمهوريتين الحديثيتين، الإسلامية والعلمانية. وقد أراد الكرد، يا أستاذ قبلان، انتزاع حقوقهم من جيرانهم وإخوتهم في الدين في المواطنة والمساواة، بمشاركتهم بثوراتهم ضد الظلم. ولكن، لا ملالي إيران، ولا باشاوات الترك، اعترفوا بمواطنة الكرد وحقوقهم. أما ما يخص سورية والعراق، فإن القاصي والداني والسياسي، والإنسان العادي، يعلمون أنه، حاليا، لا يوجد شيء اسمه سورية والعراق، وأن هاتين الدولتين أصبحتا من الماضي، وإن لم تعلن وفاتهما وتقسيمهما من اللاعبين الدوليين. ولكن، لنصف حال الكرد في العراق بعد سقوط صدام حسين، ولا يوجد شيء اسمه دولة عراقية، وإنما تستطيع أن تسميها دولة شيعية طائفية، تؤمن بولاية الفقيه، ولاتعترف لا بالكرد، ولا بالعرب السنة، فأي شراكة وأي مواطنة تريد أن يقوم بها الكرد، في ظل حكومة تأخذ شرعيتها وشعبيتها من فتاوي رجال دين إيرانيين.
هذا قبل ظهور تنظيم داعش، فما بالك بعد ظهور داعش وتقسيم العراق عملياً، أي مواطنة وأي شراكة تريد من الكرد تحقيقها، بوجود كيانيين دينيين شيعي وسني، لا يؤمن بمواطنة أخيه العربي، لكي يؤمن بالكردي شريكاً له. أما في سورية، فحزب البعث معروف بعدائه للكرد، وهو يقوم على نظرية القومية الواحدة، ولا يعترف بأي تعددية سياسية وحزبية، حتى ولو كانت عربية. وبعد الثورة السورية، أفرزت المعارضة السورية قوى، لا تقل شأناً في تعاطيها في الشأن الكردي عن عقلية حزب البعث، وأصبحت ترى في الكرد انفصاليين، لمجرد أنهم كرد. وحتى الآن، لا تعترف القوى المتحاربة بشيء اسمه مواطنة، أو صناديق اقتراع، أو أقليات، بدءاً من نظام الأسد وانتهاء بأصغر فصيل مقاتل للمعارضة، إلا من رحم ربي.
الخلاصة، على الإخوة والمثقفين العرب أن ينظروا بموضوعية وصدق للواقع في الشرق الأوسط، وأن يعلموا أن المشكلة ليست في إخوانهم وجيرانهم الكرد فقط، وإنما في الدول التي تعاديهم، والدول والمجموعات التي تحيط بالكرد ولا تعترف لا بحقوق ولا بمواطنة ولا بمعارضة من هم من قوميتهم، ليعترفوا بمواطنة الكرد، فالأجدى أن تنصحوا العرب والترك والفرس بتحقيق مبادئ المساواة والمواطنة، ثم تطلبوا من الكرد أن يكونوا شركاء معهم، لأن الكرد ليسوا من هم يحكمون تركيا أو إيران أو سورية والعراق.
avata
avata
سليم بطال (سورية)
سليم بطال (سورية)