رحيق الألم

رحيق الألم

16 يوليو 2016
+ الخط -
الحياة لا تعطيك كلّ ما تريد، بل تمنحك بعضه، وتُبتلى بالبعض الآخر، ولك الخيار بأن تصبر وتشكر، أو تجزع وتنفر.
انظر دائما إلى أجمل ما يزيّن حياتك، ولا تبتأس من الابتلاء، لأنّه سيزول ويبقى أجرك يزيّن صحيفة أعمالك، إن صبرت ورضيت.
تمتّع بحياتك، وإن مزّق الألم جسدك، اعتبره وخزات خفيفة وستزول. اقنع نفسك بأنّك ملك بين الخلائق إن زاد الابتلاء بك، واعلم أنّ الله ميزك عن جميع أقرانك واصطفاك، فبعد كل هذا العناء، جنّة عرضها السموات والأرض، بشر الله بها عباده الصابرين.
الناظر إلى تاريخنا الإسلامي والنماذج العظيمة في الصبر على الابتلاءات والمصائب يجدها كثيرة جداً .ونتذكر هنا، قول النبي صلى الله عليه وسلم، عندما سأله مصعب بن سعد بن أبيه: "يا رسول الله، أيّ الناس أشد بلاءً، قال الأنبياء، فالأمثل فالأمثل".
والمثل الأقوى للصبر على الابتلاء هو سيدنا أيوب، الذي ابتلي بفقد المال والأبناء والصحة، وفي كلّ مرّة يحل به ابتلاء يصبر، ويحتسب، وترضى نفسه بقضاء الله وقدره.
سيرة نبينا الكريم حافلة بالقصص، ويستحضرني مثلٌ بسيط للصحابي عروة بن الزبير، الذي مات له ولد، وكان قد بترت ساقه، فقال رضي الله عنه: "اللّهم إن كنت ابتليت فقد عافيت، وإن كنت أخذت فقد أبقيت. أخذت عضواً، وأبقيت أعضاء، وأخذت ابناً وأبقيت أبناء"، ولم يجزع عروة، ولم يتذمر، لعلمه أنه عند لطيف خبير، هو أرحم من الأمّ على ولدها، ولم يبتلينا إلا ليختبرصبرنا.
تأكّد أيّها المبتلى، أنّ ما أصابك ما كان ليخطأك، وما أخطأك ما كان ليصيبك، وأن البلاء هو دليل حب الله لك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أحبّ الله قوماً ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع".
الابتلاء هو فرصة ذهبية للتكفير عن ذنوبنا وخطايانا، فعن نبينا الكريم "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا همّ ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها إلّا كفر الله بها من خطاياه".
الصبر مرّ مذاقه، لكن عواقبه أحلى من العسل، فدائماً كن واثقاً بأنّ الله سيفرّج كربك، فاستعن بالله ولا تعجز، واطلب من الله المعونة، وأن يلهمك الرضا، ويهوّن عليك بلائه.
avata
avata
آلاء أحمد المدهون (فلسطين)
آلاء أحمد المدهون (فلسطين)