رحلة في عقل كومان... المدرب المثالي لبرشلونة؟

رحلة في عقل كومان | المدرب المثالي لبرشلونة؟
19 اغسطس 2020
+ الخط -

لطالما كان الهولندي رونالد كومان أحد أبرز المرشحين لتدريب فريق برشلونة الإسباني بعد رحيل الإسباني لويس إنريكي، وخصوصاً خلال فترة الثورة على مواطنه إرنستو فالفيردي، لكنه لم يحظ بهذه الفرصة أبداً. اليوم، ومع رحيل المدرب الإسباني كيكي سيتين، أعلن برشلونة رسمياً  تعيين كومان لقيادة "عهد كتالوني جديد".

قبل أي شيء وبعيداً عن سوء إدارة جوسيب ماريا بارتوميو، وحرصاً على الواقعية وعدم التعلق بأحلام وردية لم تُغير شيئاً في السنوات الماضية، فإنّ أي مدرب جديد سيستلم تدريب الفريق، وحتى لو كان كومان، عليه ضبط غرفة الملابس أولاً وإحداث تغييرات جذرية في التشكيلة واستبعاد أسماء ودمج العنصر الشاب، وإلا...

رحلة في عقل كومان

رونالد كومان هو مدافع فريق برشلونة السابق، وكان حجراً أساسياً في تشكيلة "الدريم تيم" الخاصة بمواطنه يوهان كرويف.

درّب كومان المنتخب الهولندي وكذلك أندية إيفرتون ساوثهامبتون في إنكلترا، فالنسيا في إسبانيا، أياكس وفيينورد في بلاده.

وقبل أن يتعاقد برشلونة رسمياً مع كومان، سنذهب في رحلة في عقل كومان لمعرفة أسلوبه التكتيكي.

لعب كومان تحت قيادة كرويف، وهو يعرف جيداً معنى اللعب التموضعي، أو ما يُعرف بالنسبة لبرشلونة بـ"تيكي-تاكا". هو الرجل الذي يبحث دائماً عن تطوير المواهب الشابة ومنحها فرصاً حقيقية مع الفريق الأول، وربما ماتيس دي ليخت وفرانكي دي يونغ مع هولندا من أبرز الأمثلة.

كيف يُفكر كومان؟

يقول في إجابته مرة على هذا السؤل: "حسناً أنا مدرب يُحب اللعب بطريقة (4-3-3)، لكنها ليست كتاباً مُقدساً، أنا رجل استباقي وأصنع ردة فعل مع أي تغيير. وعليه قد أتحول فجأة إلى (4-2-3-1) أو (3-4-3)، وذلك بحسب مقتضيات حالة الفريق على أرض الملعب".

أما بالنسبة للدفاع، فكومان يعرف جيداً أهميته الكبيرة للنجاح: "أحُب الحفاظ على خط دفاعي عالٍ وأشجع قلوب الدفاع دائماً على الجرأة والمشاركة في بناء اللعب من الخلف، وأحياناً أطلب من قلبي الدفاع لعب كرات طويلة خلف ظهر دفاع المنافس في حالات تكتيكية مُعينة".

وفي زمن أصبح للظهير دور عظيم، يقول كومان عن أسلوبه: "أنا أحب صعود الأظهرة كثيراً، مثلما كان يحصل مع إيفرتون والمنتخب الهولندي، لكنني أرفض بقاءهما في مناطق الاستحواذ، أريد منهما أن يبقيا في أعلى خط التماس لفتح الملعب تماماً. في المختصر أنا أحُب الأظهرة التي تُهاجم ولا أحُب الظهير المقلوب".

كومان مثلاً يهتم كثيراً بخط الوسط، لاعب خط الوسط "الدفاعي" مهم جداً، كونه يتحكم بإيقاع اللعب. والمثال على ذلك مورغان شنايردلين في إيفرتون وفرانكي دي يونغ مع هولندا. أما لاعبو خط الوسط الآخرون فلهم مهمتان: الأولى تغطية الملعب بأكمله والمساندة الدفاعية، والثانية لعب دور لاعب خط وسط مهاجم.

ونُتابع الرحلة في عقل كومان: "أطلب من "الأجنحة" أن يتوجهوا دائماً نحو الداخل والتوجه نحو العمق أكثر، وهو ما سيسمح بخلق فرص أكثر ويفتح المساحات دائماً".

لعل هذا الأمر سيكون مثالياً لبرشلونة مع وجود الأرجنتيني ليونيل ميسي يميناً والفرنسي عثمان ديمبيلي أو الإسباني أنسو فاتي يساراً.

وعن المهاجم، فبالنسبة لكومان، يُحب المهاجم الصياد أو التسعة الوهمي. البلجيكي روميلو لوكاكو كان صياداً في إيفرتون، ولعب تحت قيادة كومان، بينما ممفيس ديباي مثلاً يشغل مركز "التسعة الوهمي" مع منتخب هولندا، والاثنان صنعا الفارق في الثلث الأخير مع المدرب الهولندي.

عقلية كومان وبرشلونة

فلنتفق جميعاً على أن عقلية كومان التكتيكية تُناسب برشلونة، بعيداً عن كل المشاكل (إدارية أو فنية)، لكن ما الذي يمكن توقعه في الملعب؟

أولاً: السرعة في التحرك مع كرة وبدونها، والانتقال السريع من الوسط إلى الهجوم. وهو أمر مطلوب في برشلونة منذ سنوات.

ثانياً: تمريرات طولية وأمامية أكثر، فالفريق عانى مع فالفيردي وسيتين من مشكلة التمرير السلبي في عرض الملعب بسبب الاستحواذ السلبي في الوسط. مع كومان، قد نشهد تمريرات نحو الأمام أكثر وفعالية أكبر لكل الفريق مع كرة وبدونها.

ثالثاً: لاعب خط الوسط الدفاعي إن كان دي يونغ، أو الإسباني سيرجيو بوسكيتس في حال استمر مع برشلونة، أو البوسني ميراليم بيانيتش، سيكون أهم مركز في الفريق بالنسبة لكومان. هو نقطة الانطلاق في الهجمات وتغيير الإيقاع (إبطاء أو إسراع)، وهو القلب النابض للفريق على أرض الملعب.

رابعاً: ولادة البرازيلي فيليبي كوتينيو من جديد في حال عودته، إذ إنّ كومان يفضل دائماً وجود لاعب خط وسط هجومي، وخصوصاً في تشكيلة (4-2-3-1)، وكوتينيو قد يكون الخيار المثالي لكومان، وربما نشهد ولادة البرازيلي من جديد بقميص النادي "الكتالوني".

خامساً: تطوير الشباب ومنحهم فرصاً أكثر، إذ إن كومان خلال وجوده مع كل الأندية التي دربها والمنتخب الهولندي، منح الكثير من الأهمية لتطوير المواهب، وهو الأمر الذي فشل فيه أكثر من مدرب في السنوات الأخيرة مع برشلونة، وهناك أسماء شابة مُميزة في "الكتالوني" بحاجة إلى رعاية وفرص أكثر.

في النهاية، قد ينجح كومان وقد يسقط مثل من سبقه بسبب التخطيط الرياضي السيئ من الإدارة، خصوصاً مع بقاء بارتوميو في القيادة حتى منتصف عام 2021 أقله. لكن وفقاً لما يحتاج إليه برشلونة حالياً، يبدو كومان المرشح الأفضل، الأمر ليس تكتيكياً فقط بل هو انضباطي.

وربما على كومان صناعة ثورة في المنظومة بأكملها، والتعاقد مع لاعبين بدلاء قادرين على التغيير، وضبط غرفة الملابس، وتطوير اللاعبين الشباب، ومنح الثقة والمعنويات للفريق كله من جديد.

مهمة كومان صعبة جداً، لكنها ليست مستحيلة، فهو رجل المهمات الصعبة، وعودة هولندا بقوة أكبر مثال على عمله.

المساهمون