رجال يموتون في إيران

رجال يموتون في إيران

22 فبراير 2017
يعمل ساعات طويلة (عطا كناري/ فرانس برس)
+ الخط -
من الممكن ألا تكون هذه الدراسة الأولى من نوعها في العالم، لكنّها أقلقت كثيرين في إيران بحسب ما يبدو. وكانت وكالة "مهر" الإيرانية قد نشرت أخيراً، دراسة جديدة، نقلاً عن الدائرة الرسميّة للأحوال الشخصية، أفادت أنّ رجال إيران يموتون أصغر من النساء. وخلال العام الفارسي الجاري الذي ينتهي في 21 مارس/ آذار المقبل، تخطّى عدد المواليد 12 مليوناً، أكثر من ستة ملايين و300 ألف منهم ذكور والبقية إناث. وهو ما يعني أنّ نسبة الذكور أعلى من الإناث. لكن، خلال الفترة نفسها، وبحسب الدراسة، بلغ عدد الوفيّات 293 ألفاً، أكثر من 155 ألفاً منهم ذكور والبقية إناث. فتخلص الدراسة إلى أنّ ارتفاع معدّل المواليد الذكور بالمقارنة مع الإناث، يقابله ارتفاع نسبة الوفيات بين الرجال.

توضح مواقع إيرانيّة عدّة تناقلت هذه الدراسة، أنّ هذه النتائج قد تكون مماثلة في دول أخرى، إذ إنّ الرجال يموتون أصغر من النساء. وبحسب بعض المواقع الطبيّة الإيرانيّة، فإنّ الرجال الإيرانيّين يموتون أصغر من النساء بفترة تتراوح ما بين خمس وسبع سنوات.

انتحار

يعيد موقع "أطباء بلا حدود" الأمر إلى ارتفاع نسبة الانتحار بين الرجال بالمقارنة مع النساء في العالم، وفي إيران كذلك. يضيف من جهة أخرى، أنّ الرجال أكثر عرضة لحوادث السير، وهذا ليس محصوراً في إيران وحدها.

أمّا موقع "تبيان"، فيشير إلى أنّ الأمر يتعلق بالهرمونات والوضع الصحي، إذ إنّ الرجال في إيران أكثر عرضة للإصابة بالسكتات القلبية والدماغية بخلاف النساء عموماً. ويشرح أنّ هؤلاء الأخيرات يحميهنّ هرمون الإستروجين من الإصابة بأمراض عدّة، وهو ما يجعلهنّ يعشن أكثر من بنحو عشر سنوات أحياناً.

في السياق، يقول الطبيب المتخصّص في أمراض القلب، محمود عليزاده، إنّ "نتائج الدراسة صحيحة في ظلّ اهتمام النساء بالرياضة وبصحتهنّ بطريقة لافتة، في وقت لا يحرص الرجال على إجراء فحوصات طبية دورية، الأمر الذي يؤدّي ربما إلى إصابتهم بأمراض لا ينتبهون إليها إلا بعد فوات الأوان". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "إعالة الأسرة في إيران تقع على عاتق الرجل غالباً، الأمر الذي يزيد من المسؤوليات الملقاة على كاهله، وهذا يؤدّي إلى رفع مستوى القلق والتوتر لديه، وبالتالي الموت".



وفي حين تعدّ السكتة القلبيّة السبب الثالث للوفاة في إيران، يُذكر أنّ الرجال هم أكثر عرضة للإصابة بتلك السكتة بالمقارنة مع النساء. ويعزو عليزاده الأمر إلى "عامِلَيْ الضغط والقلق اللذَين يؤدّيان إلى الإصابة بسكتات قلبية بين الرجال. وفي ما يتعلق بأمراض السرطان، فهي ليست محصورة بالرجال على الرغم من ارتفاع نسبتها في إيران عموماً". ويؤكد أنّ "النساء الإيرانيات كما الرجال الإيرانيين، عرضة للإصابة بهذه الأمراض".

تدخين

ويلفت عليزاده إلى عامل آخر يؤدّي إلى ارتفاع نسبة الوفيّات بين الرجال، وهو التدخين، موضحاً أنّ "الرجال يدخّنون بنسبة أكبر من النساء. تجدر الإشارة إلى أنّ جمعيّة مكافحة التدخين الإيرانية كانت قد ذكرت في وقت سابق أنّ نسبة المدخنين الرجال تبلغ 28 في المائة في مقابل 3 في المائة لدى النساء". ويؤكّد أنّ "المشروبات الكحولية بالإضافة إلى حوادث السير، هما عاملان لا يخصّان إيران وحدها، إلا أنّهما يؤدّيان إلى ارتفاع نسبة الوفيات لدى الرجال وفي عمر مبكر".

إلى ذلك، تشير مواقع إيرانيّة عن عادات غذائيّة وصحيّة سيّئة لدى الرجال الإيرانيّين. ففي الوقت الذي تهتم المرأة الإيرانية بصحتها ومظهرها، يبقى الرجال ساعات طويلة في العمل ويتناولون طعامهم خارج بيوتهم، وهو ما يزيد من إصابتهم بأمراض مزمنة قد تؤدي إلى الوفاة.

ويرى رئيس لجنة الدراسات الاجتماعية والتجمّعات الإنسانية في أمانة اللجنة العليا للثورة الثقافية، محمد جواد محمودي، أنّ ما تضمنته الدراسة صحيح، لافتاً إلى أنّ "الأمل باستمرار الحياة عند الرجال أقلّ بالمقارنة مع النساء". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ هذا "الأمل" هو المصطلح المستخدم للدلالة على عدد السنوات التي يتوقّع الفرد أن يعيشها، عازياً الأمر إلى أسباب نفسيّة. ويقول محمودي إنّ "متوسّط عمر الرجال في إيران هو 73 عاماً، وعادة ما تكون أسباب الوفاة طبيعية أو نتيجة الإصابة بأمراض تتعلّق بالتقدّم في السنّ، في مقابل 75 عاماً لدى النساء". ويشير إلى أنّ "عدد الوفيات لا يسجّل في كلّ أنحاء إيران بدقّة، الأمر الذي يؤدّي إلى اختلاف في الأرقام بين مدينة وأخرى. لكن في كلّ الأحوال، فإنّ موت الرجال أصغر من النساء يُعدّ أمراً حقيقياً".

ويتابع محمودي، إنّ "ثمّة تراجعاً في معدلات الخصوبة والمواليد، الأمر الذي قد يؤدّي إلى ارتفاع في نسبة الإناث في المستقبل". يضيف، أنّه "لا توجد عوامل تخصّ إيران دون غيرها من البلدان، لكنّ الوضع الاقتصادي وكذلك الصحي يؤثّران بصورة كبيرة على الرجال ويزيدان من نسبة إرهاقهم وبالتالي وفاتهم".

المساهمون