رامي كحيل: نحتاج إلى مشاريع تنموية تنهض بالاقتصاد الفلسطيني

رامي كحيل: نحتاج إلى مشاريع تنموية تنهض بالاقتصاد الفلسطيني

01 يوليو 2015
رامي كحيل (العربي الجديد)
+ الخط -
أكد رئيس جمعية "الكادحون الفلسطينيون" في قطاع غزة، رامي كحيل، أن أغلب المهن الصناعية تمر بحالة شلل، وقال لـ "العربي الجديد" إن الوضع الاقتصادي المتردي أثّر سلباً على عمل قرابة 380 ألف كادح.

وهذا نص المقابلة:

* بداية ما هي جمعية "الكادحون الفلسطينيون" وما هو دورها؟

جمعية "الكادحون الفلسطينيون"، هي جمعية تهتم بالكادحين، تأسست منتصف عام 2014 لخدمة ومساعدة شريحة الكادحين والكادحات، وهم العمال، أو أي إنسان يتقاضى أجرته من خلال عمله اليومي، واخترنا هذا الاسم من خلال فهمنا لطبيعة هذه الشريحة، ومدى قدرتها على العطاء في ظل ما تعانيه من معاناة حياتية قاسية. ويتجلى دورنا في تقديم المساعدات لهذه الفئة.

*ما هي الأهداف التي تتوخى جمعية "الكادحون الفلسطينيون" القيام بها؟

لا شك في أن جمعية "الكادحون الفلسطينيون" تتوخى تقديم المساعدة لهذه الفئة من الناس، وهي بالتالي تقوم بشكل رئيسي بتقديم المساعدات، أيّاً كان نوعها، إلى جميع الفئات الكادحة، ويمكن اختصار الأهداف التي تقوم بها الجمعية بالأعمال التالية، أولاً، مساعدة العمال والفقراء.

ثانياً، محاربة البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية في وقت تحولت فيه هذه الشريحة إلى طبقة مهمشة ومهملة، وأصبح المجتمع مجتمعاً وظيفيّاً يتعايش على الراتب، وبالتالي غير قادر على بناء نفسه، يعتمد على المعونات الخارجية، وهذا كان له الأثر الكبير على العطاء والتقدم. ومن هنا، ارتأينا إنشاء هذه الجمعية للنهوض بهذه الشريحة في المجتمع داخل قطاع غزة، وتكوين جسم عمالي يستطيع النهوض بالعمال ويعيد لهم مجدهم، ونشر ثقافة الوعي بين صفوفهم، حتى يتمكنوا من الحصول على أبسط حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.

اقرأ أيضا: الاحتلال يسطو على مفاتيح النمو الفلسطيني

*كيف تصفون وضع العمال والعمل في قطاع غزة، وما هي الأزمات التي يعيشها القطاع برأيكم؟

أولاً، لا بد من الاعتراف بأن وضع قطاع غزة محزن للغاية، وبالتالي فإن وضع العمال أيضاً محزن، فقبل عام 1994، كان الوضع أفضل حالاً، حيث كان اعتماد الاقتصاد والدخل في القطاع يقوم أساساً على العامل، ويمكن ملاحظة وجود ما يقارب 120 ألف عامل منخرطين في كافة الأعمال، ولم نكن نعاني من بطالة ولا نطلب مساعدات. أما الآن، فالمهن متوقفة. عمال بلا عمل. مئات الخريجين دون وظائف. ويمكن القول إن 82% من مصانع غزة مغلقة، جزئياً أو كلياً، كما أن المشاريع متوقفة،ولذا نعاني من ارتفاع واضح في نسبة البطالة التي وصلت إلى 60 %.

اقرأ أيضا: وهم انحصار البطالة المقنعة في فلسطين المحتلة

*ما هي المهن التي يعمل بها الكادح الفلسطيني، والتي تدخل ضمن إطار عملكم؟

في المجمل، يكون عمل الكادحين في كافة المهن، سواء في الأعمال الإنشائية أو الصناعية، ويمكن القول إن هناك تقريباً 36 مهنة تضم هذه الشريحة، كالبناء والنجارة والدهان والكهرباء والزراعة والصيد، إلا أن اللافت في هذا الإطار هو أن أغلب هذه المهن متوقفة الآن بسبب الحصار المفروض على سكان غزة.

*برأيكم كيف يمكن النهوض بشريحة الكادحين اليوم، في ظل ما يعانيه قطاع غزة من أزمات اقتصادية؟

إن طبيعة فلسطين وغياب الموارد الطبيعية للنهوض بالاقتصاد، يتطلبان العمل على الكادر البشري. ونحن في فلسطين نملك قوة بشرية، وهي العمال، فإذا تحسن الحال، وتحديداً الوضع السياسي، سيظهر الانتعاش بشكل واضح لهذه الشريحة، فالعامل يصبح في غنى عن كل المساعدات في حال توفر العمل، وفتحت المعابر. كذلك لا بد في هذا الإطار من مطالبة الحكومة والمسؤولين بتقديم يد العون واحتضان هذه الفئة المهمة ودعمها بكل الوسائل .

*على من تقع مسؤولية تهميش الكادحين؟

برز تهميش الكادحين والكادحات من خلال تجاهل الجميع اتجاه هذه الشريحة. صحيح أن الحكومات وأصحاب رؤوس الأموال والتجار وأصحاب المصانع، وحتى النقابات العمالية والمؤسسات الدولية، تنادي بدعم العامل الفلسطيني، وتدعو إلى تقديم يد العون له بشتى الوسائل، إلا أنه في الحقيقة، الجميع مقصرون، فلا مساواة ولا عدالة اجتماعية. يعاني العامل من أوضاع اقتصادية ومالية صعبة، ناهيك أساساً عن غياب فرص العمل، ونحن نقول في هذا الصدد، لو أن الجميع يحتضن هذه الفئة الكادحة، لانخفض مستوى البطالة، وانخفضت مستويات الفقر، وشهدنا نمو الاقتصاد المحلي.

اقرأ أيضا: الاقتصاد الفلسطني المنهوب: 10 مليارات دولار سنويا في جيب الاحتلال

*أين يتجلى دوركم في مساعدة الخريجين الجامعيين في ظل عدم توفر وظائف لهم؟

في الحقيقة، تعاني هذه الفئة بشكل لافت، صحيح أن العمال الذين فقدوا عملهم يعانون من أوضاع صعبة، لكن فئة الخريجين سنوياً والذين يشكلون قوة فلسطين المستقبلية يعانون من غياب أية فرصة حقيقية للعمل. بالأرقام، يتم سنوياً تخريج ما يعادل 16 ألف خريج من جامعات وكليات القطاع، وهؤلاء يواجهون شحّاً في الوظائف والأعمال، وبالتالي أمام هذا الواقع ينضمون تلقائياً إلى فئة الكادحين. وهنا يأتي دورنا حيث يكمن في تعليمهم مهنة يرغبون فيها، وتأهيلهم للدخول إلى أعمال بعيدة عن تخصصاتهم ودراستهم، وبرأيي فإن الخيار الأفضل لمواجهة البطالة يكمن في خلق فرص عمل لهم.

*باعتقادكم، ما تأثير الخلافات الداخلية الفلسطينية-الفلسطينية على واقع الاقتصاد الفلسطيني وتحديداً على فئة الكادحين؟

ألحقَ الانقسامُ الداخلي ضرراً بالغاً على الاقتصاد الفلسطيني، حيث شُلَّت الحركة الاقتصادية وتعرضت لخسائر واسعة طالت كافة المهن والصناعات، فقد تم إغلاق الكثير من المصانع لعدم وجود المواد الخام لتشغيلها، وهذا كان سببه أن الفلسطينين بخلافاتهم الداخلية أعطوا الاحتلال الإسرائيلي الذرائع للاستفراد بتدمير البنية التحتية، وأهمها المنشآت الصناعية الحيوية التي كانت تضم وتشغل آلاف العمال، الذين يعتاشون من هذه المصانع ، وهذا كله أثّر سلباً على وضع الكادحين، وكان له الأثر النفسي الصعب على معيشتهم، وبالتالي فإن العمال هم من دفعوا ثمن هذه الخلافات، ولا بد من القول إن العامل الفلسطيني لم يدفع ثمن الخلافات فحسب، بل دفع ثمن الحروب التي دمرت جميع القطاعات الزراعية والصناعية.

اقرأ أيضا: سامي العصمي: عمال غزة لن يصمتوا أمام ضياع حقهم

*انطلاقاً من هذا الواقع الذي يعيشه قطاع غزة، ما هي رسالتكم للمجتمع الدولي؟ وهل تعتقدون أن هناك أية إمكانية دولية تستطيع النهوض بالاقتصاد الفلسطيني، وخاصة اقتصاد غزة؟

لا بد أن يعلم المجتمع الدولي أن الشعب الفلسطيني شعب يحب ويتميز بقدرته على العمل، وهذه أسمى رسالة يجب أن يعيها الجميع في الداخل والخارج، ولذا فإن المطلوب من المجتمع الدولي التدخل بداية لرفع الحصار المفروض على حوالى مليوني مواطن داخل قطاع غزة، والضغط على إسرائيل لفتح المعابر وإدخال المواد الخام لتشغيل المصانع المتوقفة والسماح بالاستيراد والتصدير، إضافة إلى خلق فرص عمل وإقامة مشاريع طويلة الأمد. نحن نريد مشاريع طويلة الأمد لا آنية وغير مجدية، كذلك لا نريد مجتمعاً يعتمد على البطالة المؤقتة، نريد مشاريع تشغيلية طويلة الأمد وأركز على هذا النمط من المشاريع، ونطالب المستثمرين العرب بالقدوم إلى فلسطين والاستثمار فيها ودعم الاقتصاد المحلي، ولا يمكن النهوض بالاقتصاد الفلسطيني سوى عن طريق تسهيل الاستثمارات الأجنبية من جهة، والاعتماد على تشغيل القطاعات الصناعية والزراعية .

*كيف تنظرون إلى استمرار توقف عجلة الإعمار والبناء في غزة ؟ وما تأثير ذلك على شريحة الكادحين؟

جميع العمال يعولون بشكل كبير على مشاريع إعادة الإعمار في قطاع غزة، لكن تحكم الاحتلال الإسرائيلي في إدخال مواد البناء جعل أمنياتهم تتبخر مع توقف هذه المشاريع، وأثّر سلباً على أعمالهم. ومن هنا فإن إعادة الإعمار تعني تشغيل عشرات الآلاف من العمال، مما يؤدي إلى تقليص معدلات البطالة، ولا بد من الإشارة إلى أن المهن أغلبها تعتمد على تشغيل قطاع الإنشاءات، ولذا نحن نأمل أن يتم إدخال كافة مواد البناء لتشغيل هذه الشريحة الواسعة.

*ما هي الخطط والمشاريع المستقبلية التي تنوي الجمعية القيام بها لدعم شريحة الكادحين؟

نحن، في الجمعية، نملك الكثير من الأفكار والآراء التي تحتاج إلى تطبيق، وهذه الآراء تتجلى في أشكال متعددة منها ما هو نظري ومنها ما هو عملي، إلا أنه في النهاية يصب في صالح العمال، الفئة الأكثر تضرراً ممّا يحصل داخل القطاع، ومن الحروب المتكررة والحصار المفروض، ولذا وضعنا برامج عمل على المدى القريب والبعيد، وبدأنا بتنفيذ هذه البرامج من أجل دعم العامل الفلسطيني، ونحن نتطلع إلى دعم العامل الفلسطيني ليس في قطاع غزة وحسب، بل نطمح إلى بناء شراكات مع جمعيات تعنى بالعمال الفلسطينيين في جميع الأراضي. وفي هذا الإطار نعمل على بناء مراكز تعليمية مختصة في تعليم المهن المختلفة، كما نعمل على إنشاء عيادات صحية لخدمة عوائل الكادحين والكادحات.

اقرأ أيضا: الاحتلال يقضي على دباغة الجلود في الخليل

بالإضافة إلى ذلك، نسعى إلى القيام بمشاريع تنموية ذات بعد اجتماعي، تتبلور من خلال إقامة محطات تحلية مياه في المناطق الفقيرة، وتحديداً في المخيمات، كذلك نعمل على إنشاء جمعيات تعاونية ومراكز رياض أطفال تهتم بأبناء الكادحين. إلى ذلك تطمح الجمعية أيضاً إلى العمل على بناء وحدات سكانية للكادحين، إذ من المعروف أن العمال والكادحين والكادحات يعيشون في بيوت مستأجَرة وهم معرضون للطرد في أية لحظة في حال تخلفهم عن سداد الأجور، وهناك المئات من العمال الذين لا يملكون أجور منازلهم ويتعرضون للطرد، وبالتالي فإن قيام مشاريع إسكانية يعد من أبرز أولويات الجمعية.

*هل تملكون إمكانيات تخولكم القيام بهذه المشاريع؟

نحن جمعية نحاول قدر المستطاع تأمين احتياجات العمال والكادحين، ونسعى إلى تقديم المشاريع الحيوية ذات النفع العام إلى الحكومة، وننتظر الدعم والرد، وبالتالي، كما ذكرت، هناك مشاريع بعيدة وأخرى على المدى المتوسط.

شباب في مهب البطالة
سبّب العدوان الإسرائيلي الأخير العام الماضي في رفع نسب الفقر والبطالة إلى معدلات كبيرة جداً مقارنة مع السنوات الماضية. وبحسب بيانات كل من وزارة الاقتصاد والعمل، فقد أسهم العدوان الإسرائيلي في زيادة أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل حيث فقدت 17137 أسرة مصدر رزقها وفرصة عمل معيلها جراء تجريف الأراضي الزراعية وتدمير المزروعات. كما فقد 2458 عاملاً فرصة عملهم جراء تدمير منشآت تجارية، حيث بلغ عدد المنشآت التي دمرتها قوات الاحتلال 1578 منشأة من بينها 693 منشأة دمرت كلياً، كما فقد 2372 عاملاً فرصة عملهم جراء تدمير 225 منشأة صناعية من بينها 109 منشآت دمرت كلياً.

اقرأ أيضا: سواعد فلسطين: واقع الانتهاكات بين حواجز الاحتلال وحدّة البطالة

إلى ذلك يعاني قطاع غزة من حصار يعد الأعنف، حيث تقوم السلطات الإسرائيلية بوضع قيود شديدة على تنقل السلع والبضائع من وإلى قطاع غزة، ناهيك عن القيود المفروضة على حركة الأفراد ما يسهم بوقف العمل في قطاعات اقتصادية ويحول دون قدرة العمالة الفلسطينية الماهرة على الانتقال إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما تتواصل القيود المفروضة على وصول المزارعين إلى أراضيهم وكذلك على عمليات الصيد البحري. إلى ذلك، يشير تقرير صادر عن البنك الدولي إلى أن نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43 %، وهي الأعلى في العالم، في حين ارتفعت البطالة في صفوف الشباب إلى ما يزيد عن 60% بحلول نهاية عام 2014.






المساهمون