رئيس الوزراء المصري يوجه بمراجعة قيم التصالح لاحتواء الغضب الشعبي

رئيس الوزراء المصري يوجه بمراجعة قيم التصالح لاحتواء الغضب الشعبي

09 سبتمبر 2020
حتى عام 2015 مثّل البناء العشوائي ما نسبته 80% من إجمالي المساكن في مصر (Getty)
+ الخط -

عقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم الأربعاء، مؤتمراً صحافياً، بحضور عدد من الوزراء المعنيين بملف التصالح في مخالفات البناء، في محاولة لاحتواء حالة الغضب الشعبي لدى المواطنين نتيجة حملات الإزالة التي طاولت منازل الآلاف من البسطاء في مختلف المحافظات أخيراً، بدعوى مخالفة قوانين البناء.
وقال مدبولي إنه "وجه كافة إدارات الدولة بإعطاء فترة سماح لمدة شهرين للمواطنين الراغبين في التصالح، من أجل استكمال المستندات الخاصة بطلب التصالح في مخالفات البناء واستيفائها، فضلاً عن توجيه المحافظين بمراجعة قيم التصالح في جميع المحافظات، وفي حال سداد قيم مسبقة قبل التخفيض، فإن ما تم سداده سيكون جزءاً من قيمة التصالح النهائية".
وأضاف أن "الأجهزة التنفيذية لن تهدم بيتاً مأهولاً بالسكان، وسيتم إيقاف إجراءات الهدم وتجميدها بمجرد سداد المواطن نسبة 25% من إجمالي قيمة التصالح قبل نهاية الشهر الجاري"، مستطرداً بأن "الحكومة تسعى للانتهاء من منظومة جديدة لإصدار شهادة لكل وحدة سكنية على مستوى الجمهورية، وعدم السماح، بعد تطبيقها، بإصدار أي ترخيص أو خدمات للوحدة إلا بوجود هذه الشهادة".

وجه رئيس الوزراء كافة إدارات الدولة بإعطاء فترة سماح لمدة شهرين للمواطنين الراغبين في التصالح، من أجل استكمال المستندات

وتابع مدبولي أنه "سيتم استلام أي مستندات يتقدم بها المواطنون الراغبون في التصالح، بغض النظر عن اكتمالها من عدمه، وتسليمهم نموذجاً يقضي بوقف أي إجراءات تتعلق بالهدم"، مشيراً إلى أن "التصالح في مخالفات البناء يعني تحويل المبنى إلى رسمي، وهو ما يساهم في زيادة القيمة العقارية له بصورة مضاعفة، ويجعله أصلاً معترفاً به للتعامل مع البنوك"، على حد تعبيره.
وأضاف: "ظاهرة البناء غير المخطط، أو البناء العشوائي، بدأت في مصر في سبعينيات القرن الماضي، وجاءت نتيجة تزايد النمو السكاني، وعدم قدرة الدولة في هذه المرحلة على توفير السكن لجميع المواطنين، فكان التوجه في هذه المرحلة للبناء من دون دراسة"، مستكملاً "اعتباراً من منتصف الثمانينيات، وحتى عام 2015، مثّل البناء العشوائي نحو 80% من جملة المباني في مصر، الأمر الذي نتج عنه حجم هائل من المشكلات والتحديات لأجهزة الدولة".

وواصل مدبولي: "كان من المفترض أن تكون القرى في مصر عبارة عن تجمعات سكنية صغيرة، ولكن ما حدث هو امتداد عشوائي غير مخطط، ومثّل ضغطاً كبيراً على مرافق الدولة، فالتعديات تجاوزت قرابة 400 ألف فدان، والدولة المصرية فقدت نحو 90 ألف فدان من الأراضي الزراعية من فترة الثمانينيات نتيجة البناء عليها، في حين تبلغ كلفة استصلاح الفدان الواحد حالياً ما بين 150 و200 ألف جنيه"، وفق قوله.
واستطرد بالقول إن "إقامة محطة مياه في هذا التخطيط العشوائي تتطلب نزع ملكية أرض أخرى، والدولة تحاول تعويض الآثار السلبية لفقدان هذا الحجم من الأراضي الزراعية، وحين وجه رئيس الجمهورية بتوصيل الصرف الصحي للقرى في عام 2014، كان حجم التغطية لا يتجاوز 12%، وهو ما ارتفع حالياً إلى نحو 40% من إجمالي الريف المصري".

وزعم مدبولي أن "الدولة تحتاج إلى 300 مليار جنيه لتغطية مشروعات الصرف الصحي في الريف المصري واستكمالها، في وقت تواجه فيه ظاهرة البناء العشوائي بالنمط نفسه، سواء في الريف أو على أطراف المدن، وحتى في المناطق التي كان يطلق عليها مخططة بالقاهرة والجيزة، مثل مدينة نصر ومصر الجديدة والدقي والعجوزة، حيث كانت رخصة البناء فيها لا تتعدى 4 طوابق، وهي الآن تصل إلى 12 طابقاً".
وأضاف: "هناك مناطق مثل فيصل والهرم بالجيزة تعاني من ظاهرة نقص المياه، ما دفع الحكومة إلى إنشاء محطات مياه هائلة، لاستيعاب الزيادة الكبيرة في السكان بسبب البناء العشوائي، على الرغم من أن المباني في هذه المناطق متجاوزة، وغير مخططة، وفي فترة لم تتجاوز ثلاث سنوات عادت ظاهرة ضعف المياه بسبب تجاوزات البناء".

توعّد ناشطون مصريون بالتظاهر يوم 20 سبتمبر/أيلول الجاري، رفضاً لقرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن استمرار حملات الإزالة

وقال إن "البناء العشوائي هو نزيف لموارد الدولة، ويتطلب وقفة حاسمة من أجل التصدي لهذه الظاهرة، فالدولة لن تسمح بالبناء العشوائي مرة أخرى، خصوصاً أنها توسعت في الأحوزة العمرانية، وأنشأت جيلاً رابعاً من المدن الجديدة، يسمح باستيعاب نحو 24 مليون نسمة، بعد إضافة نحو 160 ألف فدان تم استقطاعها من الرقعة الزراعية بطريقة مخططة".
واستدرك قائلاً: "التعامل مع هذا الحجم الهائل من الكثافات السكانية في المدن يستنزف موارد الدولة، ويهدر المليارات من الجنيهات على إنشاء الطرق والجسور. وقانون التصالح في بعض مخالفات البناء منح المواطن مهلة زمنية تبلغ 6 أشهر للتقدم بطلب التصالح، إلا أن عدد الطلبات التي تم التقدم بها حتى الآن لم تكن بالقدر الكافي، أو الذي يتناسب مع حجم المخالفات على أرض الواقع".
وأوضح أن "الملاك هم الشاغلون للوحدات السكنية في مناطق الريف، وكذلك الحال في أغلب المدن الجديدة، فالأصل في قانون التصالح هو مخاطبة صاحب الأرض، أو صاحب الرخصة المخالفة، ولكن المشكلة في وجود عقارات في المدن الكبرى تخضع لظاهرة (الكاحول)، وهي أن المالك مستتر وغير معروف، وبالتالي سمح القانون في هذه الحال بأن يتقدم صاحب الوحدة السكنية منفرداً للتصالح في مخالفات البناء".

وختم رئيس الوزراء بالقول إن "القانون نص على سداد قيمة التصالح على عدة أقساط، ومنح المواطن حق التظلم من قيمة التصالح، كما يسر عليه إجراءات تقديم المستندات، وعندما وصلت إلى الحكومة بعض الشكاوى من أن المستندات المطلوبة كثيرة، وقيمة الرسوم مرتفعة في بعض المناطق، وجهنا المحافظين بمراعاة البعد الاجتماعي، ومراجعة التقديرات الأولية باللجان المشكلة في كل محافظة لخفض قيمة التصالح".
وكان ناشطون مصريون قد دشنوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل وسم #مش_عايزينك_ونازل_20_سبتمبر، للدعوة إلى التظاهر في يوم 20 سبتمبر/أيلول الجاري، رفضاً لقرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن استمرار حملات الإزالة التي تطاول منازل المواطنين في جميع المحافظات، وعدم توفير منازل بديلة للبسطاء منهم.