ذكرى ميلاد: يوسف العاني.. سيرة حياة على الخشبة

ذكرى ميلاد: يوسف العاني.. سيرة حياة على الخشبة

01 يوليو 2020
(يوسف العاني)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الأول من تموز/ يوليو، ذكرى ميلاد الفنان والمخرج المسرحي العراقي يوسف العاني  (1927-2016).
في الرابع والعشرين من شباط/ فبراير عام 1944، صعد يوسف العاني على الخشبة بطلاً لمسرحية "القمرجية" التي ألّف نصّها وأخرجها أيضاً وهو في السابعة عشرة من عمره، في لحظة لم تشهد بغداد سوى محاولات حداثوية أولى في الفن الرابع، قدّم معظمها طلبة "معهد الفنون الجميلة" الذي تأسّس سنة 1940.

يوم لن ينسى في حياة الفنان والكاتب والمخرج المسرحي العراقي (1927 – 2016)، بينما ظلّ تاريخ ميلاده غير محدّد بالضبط، وإن كان الأول من تموز/ يوليو الأكثر ترجيحاً بالقرب من نهر ونخلةٍ في مدينة الفلوجة، سيشكّلان رمزيتهما الخاصة في تجربة امتلكت باكراً وعيها النقدي تجاه المجتمع والفن أيضاً.

آمن بأن المسرح ليس للمتعة والتسلية فقط، متنبّهاً لأدواره الاجتماعية والسياسية

هواجس وأحلام كلّها ارتبطت بالمسرح، لكن العاني تخرّج من كلية الإدارة والاقتصاد ثم التحق بمعهد الفنون الجميلة وفُصل منه في السنة الأخيرة على خلفية أعمال اعتبرت أنها تمسّ سياسات الدولة آنذاك، وكان الفن وسيلة مهمة للتعبير عن مقاومة الاستعمار البريطاني، كما يقول في مقابلة صحافية سابقة.

أتت الخطوة الأهم في ذاكرة المسرح العراقي، مع تأسيسه "فرقة المسرح الفني الحديث" عام 1952، بالاشتراك مع الفنان المسرحي إبراهيم جلال (1921 – 1991) وعدد من الفنانين الشباب، والتي وُلدت في ظروف شعبة إلا أنها أخذت على عاتقها الاشتباك مع القضايا السياسية والاجتماعية، وتأكيد ارتباطها بالثقافة العربية والإنسانية عموماً.

قدّمت الفرقة العديد من الأعمال التي تابعها الجمهور بشغف واهتمام كبرين لمقاربتها همومه ومشاكله، وفي تطويرها المشهد المسرحي العراقي وتقديمه في الخارج وتأثيرها في الأجيال اللاحقة من صنّاعه، مثل "الشريعة والخرابة"، و"أني أمك يا شاكر"، و"الخرابة والرهن"، و"نفوس"، و"المفتاح"، والأهم من ذلك كلّه أن شكّلت نموذجاً استثنائياً في تاريخ الفرق العربية حيث نجح مؤسسها وصاحب رؤيتها كفنان وحقّقت النجاح ذاته كمجموعة مسرحية.

آمن العاني بأن المسرح ليس للمتعة والتسلية فقط، متنبّهاً لأدواره في مواجهة السائد والحضّ على التغيير، لذلك ركّز أعماله على التناقض الاجتماعي والصراعات التي تحكم الفرد في مجتمعه ساعياً نحو الحرية والعدالة، وفضّل لمغامرته اللهجة الدارجة في العديد من أعماله، التي استطاع من خلالها إيصال أفكاره ورسائله ببراعة وبلاغة معاً، وكذلك في هضمه للتراث العراقي وبثّه في مسرحه أغنية وشعراً وحكايات شعبية كانت وسيطاً مهماً للوصول إلى جميع الناس على مختلف طبقاتهم ومستوى ثقافتهم.

يوضّح صاحب مسرحية "أهلاً بالحياة" رؤيته في مقابلة صحافية بقوله "..هكذا قاربنا تاريخ العراق اجتماعياَ وانسانياَ في المسرح، وكنا نريد القول وبجرأة اكبر عن قضايا كثيرة دون نسيان الهاجس الفني المتقدم، ودائماَ بهاجس عراقي كما في "خيط البريسم" التي كانت تتناول حكايات الحائكين، مهنة الصبر والألم والانتاج الجميل أيضاَ، ومقاربة الحقيقة على امتداد كل هذه العروض وكما قلت بملامح عراقية".

كَتب العاني العديد من النصوص المسرحية مثل "المصيدة"، و"صورة جديدة"، و"نجمة وزعفران"، ومثّل في العديد من الأعمال منها "مسمار جحا"، و"تموز يقرع تاناقوس"، والنخلة والجيران"، و"ولاية وبعير"، و"البيك والسائق"، و"بغداد الأزل بين الجد والهزل"، و"القربان".

كما ألّف العديد من الكتب النقدية والتوثيقية؛ من بينها "مسرحياتي" (جزءان)، و"شعبنا"، و"بين المسرح والسينما"، و"أفلام العالم من أجل السلام"، و"هوليود بلا رتوش"، و"التجربة المسرحية.. معايشة وحكايات"، و"سيناريو لم أكتبه بعد"، و"المسرح بين الحديث والحدث"، و"شخوص في ذاكرتي".

المساهمون