ديكلان مكينا: كيف يمكننا الخروج من هذا الجحيم؟

ديكلان مكينا: كيف يمكننا الخروج من هذا الجحيم؟

13 سبتمبر 2020
الألبوم يسير بتعرجات غير واضحة المعالم (Getty)
+ الخط -

نهاية الأسبوع الماضي، أصدر مغني الروك الإنكليزي، ديكلان مكينا، ألبوماً جديداً يحمل عنوان Zeros؛ وهو العمل الرسمي الثاني في مسيرة المغني الشاب الذي لا يزال في الثانية والعشرين من عمره، وتمكن من اكتساب شهرة عالمية قبل ستة أعوام عندما أصدر أغنية "البرازيل"، التي صنفت كأفضل نشيد احتجاجي على كأس العالم 2014، إذ انتقد فيها حالة الفقر المدقع في البرازيل والفساد المحيط بالفيفا.

لم يكن ألبومه الأول، What Do You Think About The Car، يتناسب مع الإشادات النقدية المسبقة التي حصل عليها مكينا؛ إذ كان الجميع يتوقع من صاحب أغنية "البرازيل" التي تميزت بنضج لا يمكن أن يملكه شاب في السادسة عشرة من عمره، أن يقدم مستوى أعلى من ذلك الألبوم غير المتكافئ، الذي جمع فيه أغاني منفردة ناجحة طرحها بشكل مسبق، مع عدة أغان جديدة لا تجاريها في المستوى. تلك التجربة شكلت بالتأكيد عامل ضغط إضافياً على النجم الصغير، وصعبت من مهمة إنتاج الألبوم الثاني، Zeros.

وليتمكن مكينا من ردم الفجوة وتجاوز مشكلة الألبوم الأول غير المتكافئ، عاد إلى جذور النقد السياسي في التقاليد الغنية لموسيقى الروك البريطانية الاحتجاجية، وفكك بعض إيماءات ديفيد بوي والبيتلز، بالإضافة إلى أغاني بوب ديلان في السبعينيات، ليفتح باب التجريب على مصراعيه من دون أن يفلت الجذور التي تجعله يقف على أرض ثابتة. وبالفعل، فإن ألبوم Zeros ليس تطوراً طبيعياً لتجربة مكينا فحسب، بل هو تحسن مذهل لا بد من الإشادة به.

ألبوم Zeros هو عمل مفاهيمي مترامي الأطراف عن الناجين المتعثرين الذين يتسلقون عبر الفضاء ويبحثون عن معنى لنهاية العالم؛ يتم طرح الكلمات على شكل رسائل أو حوارات مع شخصيات متخيلة، منها: "إيمي" و"دانيال"، اللذان يتردد اسماهما طيلة الألبوم؛ وهما في الغالب شركاء مكينا في رحلته الافتراضية التي تشكل الظرف الرمزي، الذي يضم أفكاره النسوية والبيئية غير التقليدية.

الألبوم يبدأ على متن صاروخ يحلق نحو الفضاء الخارجي، يصرخ داخله مكينا "سنقتل أنفسنا!" في التراك الأول You Better Believe!!!، وينتهي الإصدار بأغنية Eventually, Darling على شاطئ دافئ في مكان مجهول، مع كلمات تعبر عن تقبل عدم ثبات الحياة على الأرض وتقبل الموت بسلام تام، إذ يرد فيها: "الجميع يغادر في النهاية، يا حبيبي".

وفي هذه الرحلة التي تبدأ بتحدي الطبيعة وتنتهي بالاتحاد معها، يؤكد مكينا على الضرورة الملحة لضمان بقاء كوكبنا على قيد الحياة من بعدنا، ويدين الأفكار التي انتشرت بكثافة في أفلام الخيال العلمي والتي ترفع قيمة الحياة البشرية فوق قيمة كوكب الأرض، فينتقد أشخاصاً ينتمون للمستقبل، يخططون للهروب من حالة الطوارئ المناخية عن طريق استعمار المريخ، فيرد بأغنية Sagittarius A*: "هل تعتقد أن أموالك ستمنعك من التبلل؟.. يا نوح، من الأفضل أن تبدأ ببناء السفينة".

ورغم البداية والخاتمة الواضحتين، فإن الألبوم يسير بتعرجات غير واضحة المعالم، يمكن تبريرها بالشكل الخطابي وردمها بما نتخيله من ردود على الحوارات المجتزأة التي تشكل كلمات الألبوم. لكن على الرغم من التسلسل المتذبذب والهيكل الضبابي، فإن الألبوم ككل يبدو مشرقاً ويؤكد على قدرة مكينا الكبيرة بتقديم المزيد في عالم الروك.

مكينا الذي يستحضر أساطير الروك في ألبومه لا لتكريمهم والاحتفاء بهم، بل ليبني سياقاً ونهجاً خاصاً، قبل أن يقطع تاريخ موسيقى الروك البريطانية ليسأل: "كيف أوقعنا أنفسنا في هذه الفوضى وكيف يمكننا الخروج من هذا الجحيم".

المساهمون