دور العولمة في الاقتصاد العربي

دور العولمة في الاقتصاد العربي

03 ابريل 2018
+ الخط -
أصبحت العولمة من المفاهيم الشائعة بعد تطوّر وانتشار العلاقات التجارية الدولية، وظهر دورها في دعم التداول التجاري بين الدول، الذي يشمل تجارة السلع وانتشار المعلومات وتبادل رؤوس الأموال، ومن الممكن تصنيف العولمة بأنها حالة شكّلت جزءًا من الثقافة العامة؛ إذ تظهر في نتائج التطوّر التكنولوجي المتعدّدة، ويمكن القول إن العولمة لن تظلّ مفهومًا فقط بل صارت نمط حياة سائداً أثّر في العديد من المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ لذلك اختلفت وجهات النظر بين المفكّرين والباحثين حول العولمة عند دراستها وتحليلها لبيان مدى الإيجابية أو السلبية الناتجة عنها.


تأثر الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظٍ في العولمة منذ ظهورها في القرن العشرين، وتمثلت التأثيرات الاقتصادية في زيادة نمو العلاقات التجارية بين الدّول، ودمج الاقتصادات المحلية في الأسواق العالمية، وساهم ذلك إيجابيًا في دعم نمو الأنظمة الاقتصادية المختلفة، وزيادة عمق العلاقات التي تربط بين الأطراف الدولية، ما ساعد لاحقًا على بناء نظام اقتصادي دولي أكثر اندماجًا مع مستجدات العولمة، ولكن في المقابل أثرت العولمة سلبيًا؛ بسبب دورها في زيادة الصراعات الدولية من أجل الهيمنة على الاقتصاد العالمي، وعدم توافقها مع كافة المعايير المجتمعية الخاصّة بأغلب دول العالم، وأدّت إلى زيادة ضعف القطاعات الاقتصادية في مجموعةٍ من الدّول النامية، ومثلما تأثر الاقتصاد العالمي بالعولمة كان لها دور وتأثير أساسي أيضًا في الاقتصاد العربي.

لعبت العولمة دورًا محوريًا في الاقتصاد العربي، فنتجت عنها مجموعة من الآثار الإيجابية والسلبية التي لا تقل تأثيرًا عن تلك المؤثرة في الاقتصاد العالمي عمومًا والأوروبي خصوصًا، فمن الإيجابيات التي قدّمتها العولمة للاقتصاد العربي المساهمة في تقليل الرسوم الجمركية المترتبة على النشاطات التجاريّة في شراء وبيع السلع، وإزالة العوائق أمام التبادل التجاري لتعزيز مفهوم تحرير التّجارة بين الدول العربية والدول الأخرى، والمساهمة في توصيل الإنتاج العربي إلى السوق العالمي، وهكذا ساهمت العولمة في فتح الآفاق أمام الاقتصاد العربي ليكون أكثر تشاركية مع الاقتصاد العالمي.

مثلما قدّمت العولمة إيجابيات للاقتصاد العربي كذلك كانت لها آثار سلبية، فأدّت إلى ارتفاع أسعار السلع الواردة إلى السوق العربي؛ بسبب سعي الدول العربية نحو استيراد المنتجات المنبثقة عن العولمة، مثل الأجهزة الإلكترونية الذكية، ونتجت عنها أيضًا زيادة في معدل المنافسة العالمية في مجال الصناعة المتعلقة بالإنتاج الرقمي التكنولوجي، ما أضعف قدرة الاقتصاد العربي على المنافسة في هذا المجال؛ بسبب عدم امتلاك جميع المواد الأولية التي تساعد على دعم الإنتاج العربي الرقمي القادر على منافسة الإنتاج العالمي، كذلك تأثر سلبيًا مجال الخدمات في الدول العربية نتيجة عجز الميزان التجاري عن استيعاب تدفق الخدمات المتواترة من دون توقف، وقد لا يجد أي وسيلة مناسبة لتنظيمه، الذي يعرقلُ نمو الاقتصاد العربي بشكل سليم.

تستنتج من الآثار الإيجابية والسلبية الناتجة عن العولمة ودورها في الاقتصاد العربي مجموعة من النقاط التي يجب إدراكها؛ بهدف الاستفادة من مخرجات العولمة وآثارها الإيجابية للمساهمة في تطوير الاقتصاد العربي، فمن الضروري تطوير القوانين الاقتصادية العربيّة حتّى تتمكّن من مواكبة التطوّرات في الاقتصاد العالمي، كما يجب دعم مستويات الإنتاج العربية وتحديدًا في قطاع الصناعة، خصوصًا الرقمية من حيث مواصفات وجودة المنتجات، ويساهم ذلك في امتلاك الصناعات العربية مميزات تجعلها قادرةً على المنافسة في الأسواق العالمية؛ لذلك يجب على الدّول العربية فهم استراتيجيات العولمة ومؤثراتها بهدف الاستفادة منها في تطوير الاقتصاد العربي.