دمشق ومحادثات جنيف: شروط للعرقلة...ومضايا تغيب عن دي ميستورا

دمشق ومحادثات جنيف: شروط للعرقلة...ومضايا تغيب عن دي ميستورا

10 يناير 2016
تصعيد الغارات الروسية بموازاة جهود المفاوضات (فراس فهم/الأناضول)
+ الخط -
لم تخرج زيارة المبعوث الأممي لسورية ستيفان دي ميستورا لدمشق عن سياق التوقعات، والتي كانت تشير إلى موافقة بطعم الرفض لناحية استعداد النظام للذهاب إلى المفاوضات المزمع عقدها في جنيف مع المعارضة، في 25 من الشهر الحالي، مع العمل على إغراق المفاوضات بتفاصيل تمنحه المزيد من الوقت لدفع المعارضة إلى الاستسلام لشروط دمشق وموسكو وطهران، وتظهره بمظهر المتوافق مع التوجهات الدولية.

اقرأ أيضاً: النظام السوري يوافق على الذهاب للمفاوضات ويعرقل لكسب الوقت 

وغاب ملف مضايا بالكامل عن بيانات وتصريحات كل من النظام والوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا غداة اللقاء الذي جمع الأخير مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس السبت. وظهر الموقف الحقيقي للمعلم لناحية عرقلة تحضيرات جنيف، من خلال اشتراطه الحصول على لائحتين من الأسماء قبل الوصول إلى المحادثات: الأولى لقائمة ما سماها "التنظيمات الإرهابية"، والثانية لأعضاء الوفد المفاوض، وهو ما يدل على أن وفد النظام لن يذهب إلى جنيف للتفاوض بقدر ذهابه لاصطياد الثغرات واللعب على عامل الوقت، وحرف مسار المفاوضات إلى موضوع مكافحة الإرهاب الذي يلعب عليه الروس كورقة، مستغلاً اعتباره أولوية من قبل الولايات المتحدة والغرب عموماً.

وخلال اجتماع الأمس، قدم دي ميستورا عرضاً حول جهود الحل السياسي للنزاع السوري، ومتابعة أوراق فيينا وقرارات مجلس الأمن الأخيرة، معتبراً أن اللقاء السوري – السوري من الأهمية بمكان في دفع عجلة الحل بين الأطراف المتصارعة.

وأجرى دي ميستورا محادثاته في دمشق، قبل توجّهه إلى طهران، التي يبدو أنه سيحاول من خلالها التخفيف ما أمكن من آثار الخلاف السعودي الإيراني على مفاوضات جنيف الخاصة بسورية، وذلك قبل أن يتوجه إلى نيويورك في 21 من الشهر الجاري، ويقدم إحاطة الى مجلس الأمن بما توصل إليه من مشاورات مع كل الأطراف.

وبموازاة جولات دي ميستورا المكوكية لإقناع طرفي المعارضة والنظام بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، تسعى روسيا إلى عرقلة تلك المفاوضات من خلال استمرارها بارتكاب المجازر بحق المدنيين في مناطق المعارضة والتي كانت آخرها مجزرة يوم أمس التي استهدفت خلالها سوقاً شعبياً ومبنى للقضاء في مدينة معرة النعمان بريف إدلب والتي راح ضحيتها أكثر من خمسين قتيلاً معظمهم من المدنيين.

وفي هذا الإطار، قال السفير السابق المنشق عن النظام بسام العمادي، لـ"العربي الجديد"، إن استراتيحية النظام أصبحت واضحة، ففي البداية يوافق النظام على تنفيذ قرار مجلس الأمن، لأنه ليس من المنطق أن يخالف القانون الدولي الذي أصبح القرار الدولي جزءاً منه. لكن في المقابل سيماطل ويخادع، والدليل ما قاله المعلم في بكين سابقاً بأنّ النظام مستعد لتشكيل حكومة وحدة وطنية، "بالطبع تحت أقدام بشار" (الأسد). وأوضح أنه سيكون نصيب المعارضة بضع وزارات ليست ذات قيمة مع الاحتفاظ بالجيش والأمن، منوهاً إلى أن هذا لا يغيّر شيئاً، لذلك سنرى النظام يسير كلامياً مع القرار ومع المفاوضات، لكنه عملياً يفرغها من مضمونها ويضيع الوقت في التفاصيل حتى يصبح قوياً على الأرض كما يظن بمساعدة الروس والإيرانيين.

وبيّن العمادي أن "خطة النظام مفضوحة؛ فوفد النظام سيشكل من موظفي وزارة الخارجية مع أو بدون معلمهم، ما يعني أن المفاوضات ستكون مضيعة للوقت، لأن أمثال هؤلاء لا صلاحية لهم بالقبول بأي بند ينهي أية صلاحية لبشار ونظامه، فهم منفذون للأوامر وليسوا صانعي قرار، وسيكون سقف تفاوضهم هو عرض بضع وزارات، التي من المؤكد أنها ستكون غير سيادية، على الوفد المفاوض، وسيماطل وفد النظام ويراوغ ويدخل وفد المعارضة في تفاصيل ومناورات حتى يمر الوقت وينتهي الزخم الدولي".

ولفت السفير العمادي إلى أن هذه هي الطريقة التي سيتبعها النظام لعدم تنفيذ القرار الدولي بدلاً من رفضه لها؛ فالقرار الصادر عن مجلس الأمن حتى وإن كان تحت الفصل السادس وليس السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فإنه أصبح جزءاً من القانون الدولي، ولا تجوز مخالفته أو رفضه، ولكن يمكن لكل طرف أن يفسر ما جاء فيه على الشكل الذي يناسبه، وخصوصاً أن هذا القرار جاء بعبارات تحمل الكثير من التفاسير والتأويلات، وخال من أية قوة أو ضغط تجبر هذا الطرف أو ذاك على تنفيذه بالقوة.

بقي على وفد المعارضة الإصرار على ما جاء في مقدمة قرار مجلس الأمن بأن الهدف من المفاوضات هو "إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة تخوَّل سلطات تنفيذية كاملة"، وهذا يجب أن يكون البند الأول على جدول الأعمال، وعدم مناقشة أي بند آخر قبل الانتهاء منه، وعدم الانجرار وراء بنود إضافية، كما فعل وفد النظام في جنيف 2، بحسب السفير العمادي.

في هذه الأثناء، يتوقع أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة، غداً الاثنين، لبحث الأوضاع في مضايا والفوعة وكفريا، البلدات السورية المحاصرة. وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية، بافل كشيشيك، إن إدخال المساعدات إلى بلدات مضايا وكفريا والفوعة لن يبدأ قبل الأحد نظراً لتعقيد الأمور. وقال كشيشيك: "إنها عملية كبيرة ومعقّدة، لأنه ينبغي أن تجري في الوقت نفسه في مضايا وكفريا والفوعة، وأن يتم التنسيق بين أطراف عدة. لهذا لا أعتقد أنها يمكن أن تبدأ قبل الأحد".


اقرأ أيضاً: المفاوضات السورية: سيناريوهات ولاءات

المساهمون