دمج مخيمات العراق... حلّ للنازحين؟

دمج مخيمات العراق... حلّ للنازحين؟

16 يوليو 2020
ما زال مليون عراقي على أقلّ تقدير في المخيّمات (سفين حميد/ فرانس برس)
+ الخط -

 

في إجراء يقول مسؤولون في وزارة الهجرة العراقية إنّه يهدف إلى تركيز الجهود الإغاثية والإنسانية في داخل المخيّمات التي يقطنها النازحون العراقيون في شمال البلاد وغربها، تستعدّ لجنة حكومية لإجراء عمليات دمج مخيمات عدّة مع مراجعة وضع أخرى والعمل على إعادة من يمكن إعادته إلى مناطق سكنهم الأصلية أو منحهم خيار السكن في منازل مستأجرة في محيط المخيّمات، وفقاً لإجراءات أمنية يتمّ الاتفاق عليها في هذا الإطار. ويأتي ذلك في ظلّ تراجع واضح بمساعدات الأمم المتحدة المقدّمة للنازحين العراقيين، فضلاً عن تعثّر برامج وزارة الهجرة الإغاثية كواحد من أبرز انعكاسات وباء كورونا في العراق. يُذكر أنّ إصابات بفيروس كورونا الجديد سُجّلت قبل أيام في ثلاثة من تلك المخيّمات وسط مخاوف من اتّساع رقعته في تلك المكتظة بالعائلات العراقية.

تفيد بيانات وزارة الهجرة لعام 2020 بأنّ ما لا يقلّ عن مليون عراقي ما زالوا يقطنون في المخيّمات من أصل خمسة ملايين نازح تركوا مدنهم وبلداتهم بفعل اجتياح تنظيم داعش في عام 2014 مساحات واسعة في الشمال والغرب. وثمّة عوامل عدّة تُبقي النزوح قائماً في العراق، أبرزها احتلال مليشيات مسلحة نحو 13 منطقة ورفضها الانسحاب منها، فضلاً عن الدمار الهائل الذي لحق بالمناطق التي كانت تحت سيطرة "داعش" عند استعادتها.

ويقول مسؤولون عراقيون في وزارة الهجرة لـ"العربي الجديد" إنّ "الخطة الجديدة ستكون قائمة على محاور عدّة، من بينها السعي إلى إعادة من يمكن إعادته إلى مدينته وتوفير الحدّ الأدنى من المساعدة الممكنة له وكذلك دمج المخيّمات التي تضمّ أقلّ من 200 عائلة بمخيّمات أخرى لتركيز الجهود وعدم تشتيتها". ويلفت المسؤولون الذين فضّلوا عدم الكشف عن هويّتهم إلى أنّ "مخيّمات في ديالى ونينوى ستشهد تنفيذ هذه الخطة في غضون الأسابيع الستّة المقبلة".

في محافظة ديالى شرقي العراق التي تضمّ عدداً غير قليل من مخيّمات النازحين، يقول نائب المحافظ ورئيس لجنة المخيّمات محمد البياتي لـ"العربي الجديد" إنّ "مخيّم النازحين في مدينة بعقوبة المعروف بمخيّم سعد هو من بين المخيّمات المشمولة بخطة الدمج". يضيف البياتي أنّ "العائلات النازحة ليست مجبرة على أيّ شيء، وقد طُرحت ثلاثة خيارات أمامها، إمّا الاندماج مع المجتمع المُضيف من خلال السكن في مدينة بعقوبة، وإمّا العودة إلى مدنهم المحررة، وإمّا نقلهم ودمجهم مع النازحين في مخيّم آخر قريب هو مخيّم الوند. ونحن نعمل على مساعدة العائلات في اختيار ما يناسبها ولا نيّة لدينا لفرض خياراتنا عليهم". ويوضح البياتي أنّ "ثمّة تعويضات لتلك العائلات، لكنّ هذه التعويضات للأسف متأخّرة في لجنة تعويضات بغداد. كذلك ثمّة منح مالية لكنّه يتوجّب على العائلات أن تعود إلى مناطقها الأصلية حتى تستلم تلك المنح، وهذا موضوع متعلق بالحكومة الاتحادية في بغداد".

 

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

 

أم أحمد نازحة تقيم في مخيّم في وسط محافظة ديالى، تخبر "العربي الجديد" أنّها فيه منذ عام 2015 وأنّ "قرارات كهذه من شأنها أن تتسبّب في مشاكل عدّة بالنسبة إلينا كنازحين، إذ لا نملك المال الكافي للبقاء في مدينة بعقوبة فيما نشعر بصعوبة الانتقال إلى مخيّم آخر، ما يعني النزوح من جديد". تضيف: "كذلك لا تتوفّر تعويضات وليس من السهل تسلّمها لأنّ عائلات كثيرة سبق أن عادت ما زالت تنتظرها منذ نحو عامَين. بالتالي فإنّ لا خيار لدينا غير الانتقال إلى مخيّم الوند والبحث عن عمل لزوجي الذي استطاع بشقّ الأنفس الحصول على عمل داخل أحد المحال التجارية في مدينة بعقوبة".

من جهته، قال مدير مكتب حقوق الإنسان في ديالى، صلاح مهدي، في تصريحات صحافية، إنّ لجنة إعادة دمج المخيّمات قرّرت إغلاق مخيّم سعد للنازحين، وإذا نُفِّذ هذا القرار ستكون له تداعيات سلبية على نحو 150 عائلة نازحة تعيش في المخيّم منذ خمس سنوات وأبناؤها في المدارس، بالإضافة إلى ارتباطات مصادر الرزق. هكذا ستترتّب على نقلهم تداعيات نفسية سلبية، لأنّ مخيّم الوند يبعد عن بعقوبة 100 كيلومتر. ودعا مهدي إلى التريّث في تطبيق قرار إغلاق مخيّم سعد في الوقت الراهن، خصوصاً في ظلّ الأوضاع التي تمرّ بها المحافظة على خلفية أزمة كورونا وكذلك الوضع الاقتصادي الصعب. ورأى بالتالي ضرورة إبقائهم في المخيّم إلى حين حسم ملفّ عودتهم إلى مناطقهم المحررة أو الانتظار إلى حين تصير العائلات قادرة مادياً على الانتقال إلى الوند أو أي مكان آخر. تجدر الإشارة إلى أنّ مخيّم سعد أنشئ في داخل مدينة بعقوبة إلى شمال شرق بغداد في عام 2015 لاستيعاب عشرات العائلات النازحة من المناطق التي اجتاحها "داعش" في منتصف يونيو/ حزيران من عام 2014.

 

 

أمّا عضو شبكة منظمات المجتمع المدني في نينوى، أحمد سعدي، فيقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "أيّ تحرّك في اتجاه تقليل عدد النازحين أو دمج المخيّمات يجب أن يقترن بتقديم ضمانات وتصحيح أوضاع النازحين، بعيداً عن العشوائية مثلما حدث عند دمج مخيّمات سهل نينوى في العام الماضي". يضيف سعدي أنّ "آلاف العائلات تنتظر العودة إلى مناطقها، لكنّ منازلها مدمّرة، فيما استقرّت أخرى في المخيّمات ووجد معيلوها أعمالاً تؤمّن لهم عيشهم وكذلك مدارس للأطفال. بالتالي، لا يمكن وضع خطط دمج ونقل النازحين من دون التشاور معهم، حتى لا يكون ذلك تهجيراً جديداً".

المساهمون