دليلك للحياة في سجون مصر.. حتى لا يتمّ توريطك

دليلك للحياة في سجون مصر.. حتى لا يتمّ توريطك

26 مايو 2017
(في محكمة القاهرة، تصوير: مصطفى الشيمي/ وكالة الأناضول)
+ الخط -
أن تكون ضيفًا على أحد السجون أو أقسام الشرطة في مصر، أضحى أمرًا أقرب إليك من الهواء الذي تتنفسه. نعم، تقريبًا لا توجد فئةٌ أو قطاعٌ في مصر لم تنل منه الأجهزة الأمنية؛ فلا فرق بين أن تكون مشجِّعًا من روابط "الأولتراس" فتُعتَقل لمنعك من تشجيع فريقك، أو أن تكون طالبًا فتُختطَف لمنعك من ممارسة النشاط الطلابي، أو أن تكون عاملًا يريد أن يمارس حقه الدستوري في الإضراب، فيُلقى القبض عليك، أو أن تكون ممن يهتمون بالسياسة فربّما تواجه ما هو أسوأ من الاعتقال، فربما تختفي قسريًا.

بهذه المقدمة، افتتحت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تقريرها "سجنك ومطرحك.. دليل القبض والتحقيق والسجون"، والذي يقدّم نصائح قانونية مبسّطة للمصريين عن كيفية التصرّف في حال إلقاء القبض على أحدهم، وينقل لهم بعضًا من خبرات المعتقلين في مواجهة ظروف السجن والاحتجاز.


الاستيقاف/ التحرّي
يقول الدليل: عليك أن تتوقّع الاستيقاف في كل مكان.. محطّات المترو والقطارات ومواقف الأتوبيس والميكروباص.. في الكمائن واللجان الأمنية على الطرق.. في الشوارع والميادين العامّة.

ورغم أن الاستيقاف للتحرّي أمر لا يحدث إلا إذا وضع الشخص نفسه طواعية واختيارًا في موضع شبهة أو ريبة ظاهرة، وأن الشرطة لا يحقّ لها أن تتعرّض للشخص الذي تم إيقافه ماديًا بمعنى أنه لا يجوز لها احتجازه أو القبض عليه، إلا أن الواقع المفروض غير هذا.

ويجب أن يعلم من تم استيقافه أن الاستيقاف القانوني لا يستلزم سوى دقائق معدودة للتحقّق من شخصية المشتبه به، أما توقيف الناس لوقت طويل أو وضعهم في مكان مغلق، سواءً كانت سيارة أو كشكًا أو غرفة فإنه يعتبر احتجازًا دون وجه حقّ، كما أن تفتيش المواطنين وحقائبهم بعد هذا الاستيقاف يعدُّ أمرًا مخالفًا للقانون.


القبض والاحتجاز
هناك حالتان للقبض أو الاحتجاز هما:

1- القبض مع وجود أمر ضبط وإحضار صادر من النيابة أو المحكمة: عادةً يصدر هذا القرار بناءً على محضر تحرّيات من المباحث أو من الأمن الوطني، تم تقديمه للنيابة وتم إصدار إذن بالقبض عليك بناء عليه، ومن الممكن أيضًا أن يكون القرار بناءً على بلاغ قُدِم ضدّك من شخص أو من موظف عام. أمر الضبط والإحضار ممكن أن يتضمّن أمرًا بتفتيش البيت.

أمر الضبط والإحضار يصدر من النيابة، ويحدّد فيه التهمة والجهة التي ستنفذه، واسم المواطن وعنوانه تفصيلًا، كما يحدّد لمأمور الضبط القضائي (ضابط المباحث أو ضابط الأمن الوطني) مدّة محدّدة ينفذ فيها الإذن، وإذا لم ينفذ خلالها يجب إصدار إذن جديد.

من حق المواطن أن يسأل الضابط عن الإذن، ومن حقّه الاطلاع عليه، وإذا اشتمل الإذن على تفتيش يجب أن تسمح للضابط بالتفتيش. من حقّ المواطن أيضًا أن يراقب عملية التفتيش حتى يعلم ماذا وجد الضابط أو ماذا وضع. وفي حالة المرأة، لا يجوز للضابط أن يفتش امرأة ويجب أن يوجد عنصر من الشرطة النسائية يتولّى التفتيش.

أحيانًا تنفّذ الشرطة إذن القبض والتفتيش بطريقة تثير الرعب والخوف في نفوس المطلوب ضبطه وأسرته. قد لا تساعدك هذه الحالة أو قد لا يعطونك فرصة لطلب أي شيء. لكن حاول أن تحتفظ بأكبر قدرٍ من الهدوء، حتى تتمكّن من التركيز في وجوه القوة وحفظ ملامح الضبّاط. فهذا أمرٌ مهمٌ للغاية لأنه في حال التعرّض لأي اعتداءات أو تعذيب تستطيع وصف هؤلاء الضباط في تحقيقات النيابة وإثبات ذلك في شهادتك فيما بعد.

ومن المهمّ أيضًا أن تعلم أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم، وأنك ينبغي أن تحفظ تفاصيلها وملامح مرتكبيها وأسماءهم إن أمكن، حتى يحين الوقت الذي يُحاكمون فيه على تلك الجرائم.

في حالة عدم إظهار الضابط لإذن النيابة أو في حالة عدم وجود إذن، من المهم أن يرسل أفراد الأسرة تلغرافات بما حدث لكلٍ من النائب العام، ومقرّه دار القضاء العالي، وزارة الداخلية، ومقرّها التجمع الخامس في القاهرة، وتُرسَل التلغرافات عن طريق السنترال أو بالاتصال من تليفون أرضي على رقم 124، وتحصل من الموظف المختص على أرقام التلغرافات حتى يمكن استخراج صورٍ رسمية منها واستخدامها في الدفاع.

2- القبض بدون إذن نيابة: في هذه الحالة قد تُعتَقَل لسببين مختلفين، أولهما: القبض عليك متلبسًا بجريمة ما. من الممكن أن تخطف من مظاهرة أو من معرض داخل الجامعة أو من داخل إضراب، أو مدرّجات الاستاد، وهكذا. وفي هذه الحالة يجب أن تعلم أن ما كنت تفعله ليس جريمة قانونيًا، لكن هذا لا يعني أن تعترف أنك كنت تفعلها لأنه من الممكن استغلال اعترافك في تلفيق تهم أخرى لك.

والسبب الثاني: أن يتمّ القبض عليك ضمن عمليات القبض العشوائي، وعادةً ما يكون هذا النوع من الاعتقالات بعد أو قبل عمل احتجاجي، أو حملة اعتقالات تقوم بها الشرطة في منطقة محدّدة قريبة من مكان له رمزية، مثل ميدان التحرير. وفي هذه الحالة يجب أن تحذف حسابك على مواقع التواصل الاجتماعي، وإرسال رسالة طوارئ إلى أحد أصدقائك تخبره فيها بتوقيفك.


حقوقك كمتّهم
للمتّهم أو المشتبه به عدة حقوق، يجب أن تعلمها لأنها من الممكن أن تخفف عنك وطأة الانتهاكات التي قد تتعرّض لها، ومنها: الحق أن تعرف تهمتك، والحق أن تتصل بمحاميك وبأهلك، حق عدم التعرض للضرب أو الإهانة، حق ألا يتم إجبارك على التوقيع على أوراق أو محاضر أو التصوير بجانب أحراز.

إذا تم عرضك على النيابة يجب أن تتمسّك بحقك في حضور محام معك التحقيق. قد يطلب منك وكيل النيابة أن "تدردش" معه قليلًا بشكل غير رسمي. يجب أن تعلم أن هذا غير قانوني وأن كل ما ستقوله سيستخدم ضدك، والأفضل أن تطلب التحقيق معك رسميًا، وفي حضور محاميك.

من حقوقك أمام النيابة أن تُبلَّغ بكل الاتهامات المسندة إليك وعقوبتها والجهة التي تُجري معك التحقيق، وأن تثبت ما تشاء من طلبات أو دفاع في محضر الجلسة، ومن حقك أيضًا التزام الصمت وعدم الإجابة على الأسئلة.

إذا أصبت بجروح أو تم الاعتداء عليك أو تعرّضت للإهانة، يجب أن تثبت هذا في محضر الجلسة، وتتّهم من اعتدى عليك، وتطلب سؤالك كمجنيّ عليه، وتطلب عرضك على الطبّ الشرعي، وتثبت كل تفاصيل الاعتداء أو التعذيب.


الحبس
إذا أمرت النيابة بحبسك، فهنا يجب أن تتعاطى مع الموقف. أنت الآن محبوس، ورأس مالك في الحبس "السجائر"؛ أنت تساوي سجائرك، امتلك السجائر حتى یطیعك الشاویش والمخبر والعساكر، بعلبة سجائر یمكنك أن تدخل رادیو أو صحيفة أو كتاباً أو حتى أدویة، بعلبة سجائر تنتقل من زنزانة لأخرى، ویُفتَح لك التریُّض. السجائر تفعل ما لا تتخیّله في السجن.

من المهم أيضًا أن تصادق السجناء الجنائیین، وسیدلونك على أشیاءٍ لم تعلمها من قبل، أين تخبئ كتاباتك، كيف تُهرِّب رسائلك؟ لكن احذر مع من تتعامل فبينهم من قد يرشدون عنك.

ومن قواعد الحبس أيضًا، أن لكل مكان احتجاز (عنبر)، مسؤول (نبطشي) يتولّى الكلام مع إدارة السجن وتنظيم المعيشة داخل العنبر. في العنابر الجنائي أو السياسي، يكون النبطشي أقدم مسجون في العنبر. يجب أن تعلم من المسؤول عن مكان وجودك وتتحدّث إليه لتعرف كيف سيتم ترتيب أمر إقامتك ومعيشتك.


قائمة احتياجات السجين
أدوات نظافة شخصية: صابون، فرشاة ومعجون أسنان، ماكينة حلاقة من البلاستيك، وفوطة.

أدوية: مراهم لعلاج الحكة، أدوية مغص، برد، مسكنات، وصابون سائل أو قطع.

أغطية وفراش: غطاء ثقيل رمادي اللون ميري، مفرش سرير وكيس مخدّة يفضل أن يكون لونها أبيض.

الملابس: يختلف زي المحبوس احتياطيًا عن المحبوس بحكم قضائي، فإذا كنت من النوع الأوّل يجب أن ترتدي زيًا أبيض، وحذاء أبيض من البلاستيك، وإذا من النوع الثاني يجب أن ترتدي ملابس زرقاء سادة تمامًا، وحذاء من البلاستيك الأزرق، ملابس داخلية بيضاء.

الطعام: معلبات مغلفة بالورق أو البلاستيك وجبن أبيض، حلاوة، عسل، مربى، تونة في برطمان بلاستيك، فاكهة (يفضل أن تكون من النوع الذي يعيش فترة طويلة دون أن يفسد كالبرتقال، ليمون، رمان.. إلخ).

أموال السجن: السجائر هي عملة السجن، وسواء أكنت مدخنًا أم غير مدخن، فهي سبيلك للمقايضة والحصول على الخدمات وقضاء احتياجاتك.


نصائح عامة
الهاتف المسرّب: من المفروض أن قانون السجون يسمح لك بمكالمة، لكن عادة يتمّ إهدار هذا الحق. وفي بعض الأحيان يتم تسريب هاتف بشكل أو بآخر إلى أماكن الاحتجاز، في هذه اللحظة لا تكلم سوى أهلك أو المحامي، وفي أمور تتعلّق بحالتك وطلباتك فقط، لأن الهاتف غير المعروف مصدره، قد يكون مدسوساً عليك أو مراقباً حتى يتم استدرجاك لإعطاء معلومات تدينك أو تدين شخصاً آخر.

محام محدّد: عند التحقيق معك في النيابة، يجب أن تطلب محاميا محددا بالاسم، حتى لا يتمّ الزج بمحامي آخر للإيقاع بك.

التحقيق في الأوقات الرسمية: إذا تم استدعاؤك للتحقيق في غير المواعيد الرسمية، يجب أن تصرّ على أن يتم التحقيق في المواعيد الرسمية أي نهارًا وفي حضور محاميك، وتحجّج بأنك تشعر بالإرهاق وغير قادر على السهر أو متعب. أصرّ على ذلك مهما تمّ تهديدك.

وقائع التعذيب المعنوي: أثناء التحقيق، لا بد أن تذكر وقائع التعذيب والترهيب المعنوي التي تعرّضت لها، مثل حرمانك من النوم، التخويف، التهديد، الحرمان من الطعام أو العلاج. ولا بد أن تصر على إثبات هذا في تحقيق النيابة.

الاطلاع على الأقوال: قبل التوقيع على أقوالك أمام النيابة، وبعد التحقيق، من حقك أن تصر على قراءة المكتوب، من أجل التأكد أن إجابتك بالنص تمت كتابتها ولم يتمّ التعديل فيها أو نسيان شيء منها.

المساهمون