درعا: التعفيش بعد التدمير والريف الغربي يرفض "الاتفاق"

درعا: التعفيش بعد التدمير والريف الغربي يرفض "الاتفاق"

أمين العاصي

avata
أمين العاصي
08 يوليو 2018
+ الخط -
لم يكن أمام المعارضة السورية المسلحة في جنوب البلاد إلا القبول بالإملاء الروسي لإفشال سيناريو سحقها وحاضنتها الشعبية عسكرياً، تحت غطاء إقليمي ودولي، إذ كان من الواضح أن لدى الروس ضوءاً أخضر للقيام بكل ما من شأنه إعادة قوات النظام إلى الحدود الشمالية للأراضي التي تحتلها إسرائيل. وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان" أن جيش الاحتلال لا يستبعد أن يقتحم الحدود مع سورية في حال تبين أن قوات إيرانية وعناصر من "حزب الله" تتمركز في المناطق التي ستسيطر عليها قوات النظام في جنوب سورية ومنطقة الجولان قريباً.

لكن الغموض لا يزال يلف هذا الاتفاق، خصوصاً لجهة مصير ريف درعا الغربي وريف القنيطرة الذي لا يزال تحت سيطرة المعارضة، إذ ترفض فصائل تسيطر على هذا الريف الاتفاق، وهي حاولت تغيير المعادلة العسكرية الجمعة في القنيطرة إلا أنها فشلت في ذلك. وساد هدوء حذر في محافظة درعا جنوبي سورية، أمس السبت، بعد يوم من التوصل إلى "اتفاق" بين وفدي المعارضة وروسيا يقضي بوقف إطلاق النار وتسليم الفصائل لسلاحها الثقيل، بعد أكثر من 15 يوماً من بدء النظام لعملية عسكرية بهدف إخضاع المعارضة في جنوب سورية. وأدت الحملة العسكرية أيضاً إلى توسيع سيطرة النظام في محافظة درعا لتصل إلى نحو 70 في المائة من مجمل المحافظة، وتقليص سيطرة المعارضة إلى نحو الربع، فيما يسيطر "جيش خالد"، المبايع لتنظيم "داعش"، على المساحة المتبقية.

وأصدرت غرفة العمليات المركزية التابعة للمعارضة السورية في درعا بياناً، أكدت فيه قبول بنود هذا "الاتفاق". وجاء في البيان أنّ كلاً من غرف "توحيد الصفوف، ورص الصفوف، والبنيان المرصوص، وصد الغزاة، بذلت ما في وسعها حقناً للدِّماء وطلباً للحريَّة والكرامة، وأنها وافقت على الاتفاق بعد تعهد الجانب الروسي بضمان الاتفاق، مع التأكيد الجازم بعدم دخول قوى الجيش والأمن والمليشيات الطائفية متعددة الجنسيات إلى القرى والبلدات، والبدء بعودة الأهالي المهجرين والمشردين إلى قراهم وبلداتهم، بعد رجوع الثوار إلى القرى والمدن التي سيطرت عليها المليشيات والإسراع بعودة المؤسسات المدنية للعمل، وفتح الطّرق أمام الحركة الاقتصادية والتنقلات المدنية". ولفت إلى أن الاتفاق جاء "مع الوعد بتطبيق اتفاق أستانة بما يتعلق بملف المعتقلين والمخطوفين، والمسارعة لإطلاق سراحهم، وتسوية أوضاع المنشقين، بما يضمن سلامة وعدم ملاحقة أي منهم، مع فتح طريق الخروج لمن يرغب في الهجرة إلى إدلب". وشدد على أن "قوى الثورة تعتبر هذه الخطوات بمثابة خارطة طريق وتسوية للوضع الراهن لحين إيجاد حل شامل على مستوى سورية، فإنها تطالب برعاية أممية لتثبيت هذا الاتفاق ومتابعة تنفيذ بنوده، بما يضمن سلامة أهلنا وصون حقوقهم"، وفق البيان.

وينص الاتفاق، الذي تم التوصل إليه يوم الجمعة الماضي، خلال جلسة مفاوضات عقدت في مدينة بصرى الشام بالريف الشرقي من درعا، وفق مصادر في المعارضة، على وقف إطلاق النار وتسليم السلاح الثقيل بشكل تدريجي، وانسحاب النظام من أربع بلدات سيطر عليها أخيراً، وهي السهوة والجيزة وكحيل والمسيفرة، ووقف فوري لإطلاق النار، بالإضافة إلى عدم دخول قوات النظام إلى مناطق المعارضة. وأضافت أن الاتفاق يتضمن أن "تعود مؤسسات الدولة السورية المدنية، بإدارة أبنائها، ورفع العلم السوري (علم النظام)، وفتح الطرق بين مناطق المعارضة في درعا مع دمشق والسويداء أمام حركة الأشخاص والحركة التجارية، وتشكيل قوى محلية لحفظ الأمن مدعومة من قوة مركزية تحمل سلاحاً متوسطاً".

من جانبها، ذكرت وسائل إعلام روسية أن الاتفاق ينص على "وقف إطلاق النار في درعا"، بالإضافة إلى قيام الفصائل المسلحة بتسليم سلاحها الثقيل والمتوسط في جميع المدن والبلدات. كذلك ينص على حق جميع مقاتلي الجيش السوري الحر بتسوية أوضاعهم، بضمانات روسية، ويمكن لمن لا يرغب من المسلحين في تسوية وضعهم مغادرة الجنوب السوري مع عائلاتهم إلى إدلب في شمال غربي سورية. وتقوم فصائل الجيش السوري الحر بـ "تسليم مواقعها على طول خط الجبهة مع تنظيم داعش لقوات النظام. كما يستطيع جميع الأهالي، الذين خرجوا من مدنهم وبلداتهم، العودة إليها بضمانات روسية، على أن يتم تسليم جميع نقاط المراقبة على طول الحدود السورية الأردنية، ورفع علم النظام، وعودة مؤسسات الأخير بعد خروج غير الراغبين في تسوية أوضاعهم، والعمل على حل مشكلة المنشقين والمتخلفين عن خدمة العلم وإعطائهم فترة تأجيل لمدة ستة أشهر.

وأكد رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري، في تغريدة تعليقاً على الاتفاق، أن "المعركة مع النظام السوري مستمرة ولا يمكن تحديدها جغرافياً". وقال "ماضون في معركتنا ضد هذا النظام المجرم وواهم من يعتقد أن معركتنا مع النظام يمكن أن تحددها جغرافيا أو يمكن لها أن تنتهي بسهولة". وأضاف أن "القلوب المؤمنة بهزيمة النظام والحناجر التي هتفت لإسقاطه والدماء الزكية التي روت أرض سورية في سبيل ذلك لا يمكن لقوة في الأرض أن تهزمها". واحتفت وسائل إعلام النظام، أمس السبت، بما سمته بـ"الإنجاز الاستراتيجي". وذكرت وكالة "سانا"، التابعة للنظام، أن قوات الأخير رفعت علمها على معبر نصيب الحدودي مع الأردن بريف درعا الجنوبي. ولم يكن للنظام أي دور في التفاوض مع المعارضة السورية، إذ تولى ضباط روس كل شيء، وكانوا يصدرون الأوامر لقوات النظام بالتصعيد أو وقف إطلاق النار حسب مجريات التفاوض. ويقع معبر نصيب الحدودي إلى الجنوب من مدينة درعا بنحو 15 كيلومتراً، ويقابله معبر جابر من الطرف الأردني، وسيطرت عليه المعارضة منذ 3 سنوات، وهو مغلق منذ ذلك الحين، ما أدى إلى خسارة اقتصادية كبرى للنظام والأردن. من جهته، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس السبت، إلى أن قوات النظام أرسلت تعزيزات عسكرية إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وإلى الحدود السورية – الأردنية. وتقول المعارضة إن إدارة معبر نصيب ستكون مشتركة بإشراف روسي، ويرفع علم النظام السوري عليه فقط. ولم يكن أمام المعارضة السورية إلا القبول بالشروط الروسية، إذ لم تجد دعماً إقليمياً أو دولياً يساندها، وكان من الواضح أن المتصارعين على سورية اتخذوا قرار القضاء على المعارضة، وإعادة تعويم النظام في منطقة حساسة، أي فوضى فيها تهدد أمن إسرائيل. واستطاعت المعارضة تحسين شروط الاتفاق، ومنعت سيناريو سحقها عسكرياً الذي كان يحاول النظام تطبيقه، ولكن عادة ما يتخلى الروس عن التزاماتهم، وهو ما قد يفتح أبواب الصراع العسكري مرة أخرى، خصوصاً في حال عدم حل أزمة المعتقلين لدى النظام، أو في حال حاولت قوات النظام الدخول إلى مناطق المعارضة.

ولا تزال فصائل ريف درعا الغربي، ومناطق في ريف القنيطرة، رسمياً خارج هذا الاتفاق، بانتظار أن يقوم وفد الفصائل المفاوض بعرض البنود كاملة عليها، لتوافق عليه أو ترفضه. ويضم ريف درعا الغربي العديد من البلدات والقرى الواقعة غربي الطريق الدولي الذي يربط العاصمة دمشق بمدينة درعا، وأبرزها نوى، والحارة. وحاولت فصائل المعارضة السورية يوم الجمعة إجراء تغيير في المعادلة العسكرية، من خلال شن هجوم مباغت على مدينة البعث بالقرب من مدينة القنيطرة، إلا أنها اضطرت للانسحاب بعد أن قتلت، وفق مصادرها، نحو 45 من عناصر النظام، لكن قوات النظام أكدت أنها صدت الهجوم وقتلت وأصابت عدداً من المهاجمين. وأكد القيادي في الجيش السوري الحر في الجنوب السوري، إبراهيم الجباوي، لـ"العربي الجديد"، أن الاتفاق يشمل كل المنطقة الجنوبية "إذا وقعت فصائل ريف درعا الغربي الاتفاق"، مضيفاً "أي فصيل يوقع ينضم تلقائياً للاتفاق، لكن فصائل ريف درعا الغربي لم تقبل التوقيع".

إلى ذلك، لم تنته بعد مأساة عشرات آلاف النازحين في ريف درعا، إذ أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، أن آلاف العائلات "لا تزال تخشى العودة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام، خشية اعتقال أبنائها من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها". وأكد "المرصد" أن البلدات والقرى التي لم تدخلها قوات النظام تشهد عودة آلاف النازحين إليها عقب إبرام الاتفاق بين المعارضة والجانب الروسي. ونقل عن مصادر وصفها بـ"الموثوقة" أن بلدة صيدا تشهد عمليات تعفيش من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بعد تدمير أجزاء منها من جراء القصف الصاروخي والمدفعي والجوي من قوات النظام وطائراته والروس. وأكد "المرصد" أنه وثق مقتل 159 مدنياً، بينهم 32 طفلاً و33 امرأة، منذ 19 يونيو/ حزيران الماضي، في الغارات والقصف الصاروخي والمدفعي المكثف من قبل الروس والنظام على محافظة درعا وانفجار ألغام. وأشار إلى مقتل 135 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها منذ 19 يونيو/ حزيران، تاريخ بدء العملية العسكرية لقوات النظام في ريف درعا، في حين ارتفع إلى 131 على الأقل عدد قتلى الفصائل في الفترة ذاتها، من جراء القصف الجوي والصاروخي، والاشتباكات. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت، الجمعة، أن عدد الفارين من القتال الدائر جنوب غربي سورية، منذ 17 يونيو/ حزيران، بلغ أكثر من 325 ألف شخص.

ذات صلة

الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة

سياسة

قُتل 40 شخصاً على الأقل، وجُرح العشرات، في إطلاق نار أعقبه اندلاع حريق، مساء اليوم الجمعة، في صالة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو.
الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.
الصورة
تظاهرات في ذكرى الثورة السورية (العربي الجديد)

سياسة

خرجت تظاهرات في مدن وبلدات شمال غربي سورية اليوم الجمعة، إحياءً للذكرى الـ13 لانطلاقة الثورة السورية.

المساهمون