دراسة قطرية: البورصة منتعشة والبنوك قوية وفائض تجاري رغم كورونا

11 اغسطس 2020
+ الخط -

أكدت دراسة أن دولة قطر قدمت نموذجا ناجحا في تجاوز تداعيات فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد، من خلال حزمة تحفيز اقتصادية كبرى وتدابير وإجراءات ناجحة أثبتت كفاءتها وفعاليتها، إذ لم تقتصر على التسيير الكمي فقط بل امتدت لتشمل السياسات المالية بدعم شركات القطاع الخاص المتضررة من الأزمة.

وأوضحت الدراسة التي أعدها إبراهيم حسن جمّال، مدير الدراسات والبحوث في بيت المشورة للاستشارات المالية (شركة مساهمة خاصة)، أنه في أعقاب ظهور وباء كورونا، في 15 مارس/  آذار 2020، اجتمعت اللجنة العليا لإدارة الأزمات الخاصة بمكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، برئاسة أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي وجه بالشروع في حزمة من القرارات والإجراءات.

وتضمنت هذه الإجراءات قرارات متعلقة بالقطاع المالي والاقتصادي، اشتملت على دعم وتقديم محفزات مالية واقتصادية بمبلغ 75 مليار ريال قطري للقطاع الخاص وقيام مصرف قطر المركزي بوضع الآلية المناسبة لتشجيع البنوك على تأجيل أقساط القروض والتزامات القطاع الخاص مع فترة سماح لمدة 6 أشهر وتوجيه بنك قطر للتنمية بتأجيل الأقساط لجميع المقترضين لمدة ستة أشهرمع توجيه الصناديق الحكومية لزيادة استثماراتها في البورصة بمبلغ 10 مليارات ريال.

 

 

وكذلك قيام المصرف المركزي بتوفير سيولة إضافية للبنوك العاملة بالدولة وإعفاء السلع الغذائية والطبية من الرسوم الجمركية لمدة ستة أشهر، على أن ينعكس ذلك على سعر البيع للمستهلك وأيضاً إعفاء القطاعات التالية من رسوم الكهرباء والماء لمدة ستة أشهر: قطاع الضيافة والسياحة، قطاع التجزئة، قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، المجمعات التجارية مقابل تقديم خدمات وإعفاءات للمستأجرين والإعفاء من الإيجارات للمناطق اللوجستية والصناعات الصغيرة والمتوسطة لمدة 6 أشهر.

ولاحظت الدراسة التي تضمنها العدد الثالث عشر من مجلة بيت المشورة العلمية والخاص بأزمة كورونا أن حزمة المحفزات الاقتصادية التي اتخذتها دولة قطر لم تقتصر على السياسات النقدية والتسيير الكمي، لكنها تمثلت في سياسات مالية كذلك لدعم قطاعات اقتصادية معينة لتحفيز النشاط الاقتصادي والتقليل من الآثار السلبية التي قد تصيب هذه القطاعات، وقد باشرت أجهزة الدولة المختلفة بتنفيذ هذه التوجيهات، فقامت الهيئة العامة للجمارك وبالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة بحصر السلع الغذائية والطبية، وألغت الهيئة الرسوم الجمركية المقررة على 905 سلع، تضمنت الأغذية الرئيسية، كاللحوم والأسماك والألبان والأجبان والبقوليات والزيوت والعجائن والعصائر وغيرها، كما تضمنت المستلزمات الطبية والتي تشمل كمامات الوجه والمعقمات ومنتجات الصابون والمنظفات ومناديل التعقيم ومستلزمات النظافة الشخصية والمنزلية للاستخدام الشخصي.

كذلك أعلنت شركة المناطق الاقتصادية في قطر (مناطق) عن الإعفاء مـن الإيجارات للمناطـق اللوجستيـــة والصناعية، وذلك لمدة ستة أشهر اعتباراً من يوم الأحد 15 مارس/ آذار 2020.

 

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

 

تدابير نقدية ومالية

ولفتت الدراسة إلى أنه في إطار السياسة النقدية والمالية والقرارات التي تم اعتمادها من قبل لجنة الأزمات فقد قام مصرف قطر المركزي بما يلي:

- للحفاظ على ربط العملة بالدولار قام مصرف قطر المركزي تماشيًا مع قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في 4 مارس/ آذار بخفض سعر فائدة الإيداع 50 نقطة أساس وسعر فائدة الاقتراض من المصرف 75 نقطة أساس وسعر إعادة الشراء 50 نقطة أساس، وفي 16 مارس/ آذار خفض سعر فائدة الإيداع 50 نقطة أساس وسعر فائدة الاقتراض من المصرف 100 نقطة أساس وسعر إعادة الشراء 50 نقطة أساس، ليصبح سعر فائدة الإيداع لدى المصرف بعد هذه التخفيضات 1%، وسعر فائدة الإقراض من المصرف 2.5%، وسعر إعادة الشراء 1%.

- توجيه البنوك والمصارف وشركات التمويل بتأجيل سداد أقساط القروض والفوائد/ العوائد المترتبة على القروض الخاصة بالقطاعات المتضررة ولمدة ستة أشهر اعتبارًا من 16 مارس/ آذار لمن يرغب بفائدة/ عائد منخفض ودون فرض أي عمولات أو رسوم تأخير ودون أي تأثير على تصنيفهم الائتماني. ثم تقرر في 19 مايو/ أيار أن تحتسب الفائدة/ العائد خلال فترة التأجيل بمعدل لا يزيد عن 2.5%، وعلى البنوك وشركات التمويل التي احتسبت فائدة/ عائدًا يزيد عن ذلك إجراء التسويات اللازمة اعتبارًا من 16 مارس/ آذار 2020.

- تخصيص نافذة إعادة شراء (ريبو) بمبلغ 50 مليار ريال قطري بعائد صفري لأغراض توفير السيولة للبنوك لتمكنها من الالتزام بتخفيض سعر الفائدة/ العائد على عملاء القطاعات المتأثرة المنتفعين بقرار تأجيل الأقساط، بالإضافة إلى تمكين البنوك من منح قروض جديدة بدون رسوم أو عمولات لعملاء القطاعات المتضررة بسعر فائدة/ عائد لا يتجاوز 1.5%، على أن يعاد تسعير هذه القروض بعد انتهاء فترة 6 شهور من تاريخ 16 مارس/ آذار 2020 أو انتهاء تسهيلات الريبو المذكورة في هذا البند أو بإشعار من مصرف قطر المركزي أيهما أقرب (وقد تم تفصيله لاحقًا في برنامج الضمان).

 

 

- تم إطلاق برنامج الضمان الوطني للاستجابة لتداعيات فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) لدعم شركات القطاع الخاص المتضررة لتمكينها من الحصول على التمويل اللازم والسريع لدفع رواتب الموظفين والإيجارات، وذلك بضمانات حكومية قدرها 3 مليارات ريال، علماً أن مدير البرنامج هو بنك قطر للتنمية، فيما تقدم البنوك والمصارف العاملة في دولة قطر التمويلات إلى شركات القطاع الخاص المتضررة من تداعيات كورونا لتغطية  مستحقات 6 أشهر من الرواتب والإيجارات كحد أقصى وضمن سقف 7.5 ملايين ريال قطري. 

- قام مصرف قطر المركزي بعدد من الإجراءات لتسهيل الوصول للخدمات المالية في ظل أوضاع الحظر والإغلاقات الإلكترونية، وإلغاء بعض الرسوم المفروضة عل الخدمات المصرفية الإلكترونية.

 

فعالية ونجاح

وأشارت الدراسة إلى أن التدابير التي قامت بها الدولة أثبتت نجاحها وفقا لحزمة من المؤشرات، إذ لم تتأثر السيولة المحلية أو الأجنبية للقطاع المصرفي بتداعيات جائحة كورونا، فقد كشفت البيانات المتاحة عن استمرار معدلات السيولة بالارتفاع في بداية عام 2020 بنسبة أعلى من حجم السيولة في نهاية عام 2019، ورغم تداعيات جائحة كورونا، إلا أن البنوك والمصارف العاملة في دولة قطر استمرت بتقديم التسهيلات الائتمانية والتمويلات للقطاعات المختلفة، وهو ما يعكس قوة القطاع المصرفي وسلامة أوضاعه، إذ قفز حجم التمويلات المقدمة بسبب المحفزات والضمانات التي قدمتها الدولة للبنوك والمصارف للاستمرار بتقديم تمويلاتها فزادت في مايو 2020 بنسبة 2%، كما ارتفعت نسبة التمويلات المقدمة للقطاع الخاص بنسبة 4.8% في مايو 2020 مقارنة بديسمبر 2019.

 ووفق الدراسة فإن الميزان التجاري في دولة قطر  استمر في تحقيق فوائض إيجابية وبدأت مستويات الصادرات القطرية في التحسن اعتبارا من مايو/ أيار 2020، وذلك بسبب الرفع التدريجي للقيود في الدول واستئناف النشاط الاقتصادي حركته، وبالنسبة إلى البورصة فإن مؤشرها السعري انتعش وعاود الصعود مجددا ويقترب حاليا من مستويات ما قبل جائحة كورونا، وهو ما يعكس فعالية التدابير والمحفزات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة، وأهمها توجيه الصناديق الحكومية لزيادة استثماراتها في البورصة بمبلغ 10 مليارات ريال قطري، أما على مستوى مؤشر أسعار العقارات فإنه لم يتأثر بتداعيات كورونا نتيجة إجراءات الدعم للقطاع الخاص والإعفاء من الإيجارات والرسوم لبعض المناطق والقطاعات.

 

 

التمويل الإسلامي

واستعرضت الدراسة دور مؤسسات التمويل الإسلامي في قطر وجائحة كورونا المستجد، إذ تعتبر هذه المؤسسات جزءًا لا يتجزأ من منظومة القطاع المالي والاقتصادي في الدولة، وخلال جائحة وباء كورونا المستجد قامت الدولة باتباع بعض سياسات الحظر والإغلاقات ثم وجهت بحزمة من المحفزات الاقتصادية للقطاعات المتضررة، ورغم أن هذه الإجراءات والسياسات عامة إلا أن آلية تعامل مؤسسات التمويل الإسلامي معها وفق طبيعتها والتزامها بالضوابط الشرعية تمثلت في: تأجيل الأقساط المستحقة، إذ وجّه مصرف قطر المركزي جميع البنوك ومؤسسات التمويل بتأجيل أقساط العملاء المتضررين من الجائحة دون فوائد، على أن يقوم المركزي بفتح نافذة الإقراض (الريبو) لهذه المؤسسات بفائدة صفرية.

قامت المصارف الإسلامية وشركات التمويل الإسلامية بتنفيذ هذا التوجيه بتأجيل سداد الأقساط المستحقة على العملاء المتضررين، إذ هو المبدأ الذي تعتمد عليه ضمن أصولها الشرعية في التعامل مع الديون، وفي برنامج الضمان الوطني للاستجابة لتداعيات فيروس كورونا الذي أطلقه مصرف قطر المركزي بإدارة بنك قطر للتنمية، تلاحظ مراعاة طبيعة المصارف الإسلامية، إذ أضاف البرنامج المصارف الإسلامية ضمن البنوك التي تقوم بعملية التمويل، واستخدم مصطلح العوائد (مع الفوائد) في التعميم الصادر عنه، وراعى في آلياته دخول المصارف الإسلامية في هذا البرنامج، وقد اشتركت جميع المصارف الإسلامية في برنامج الضمان الوطني، وفق صيغها التمويلية حيث استخدمت صيغة (التورق المصرفي المنظم) من خلال مرابحات السلع والمعادن في تمويل عملاء القطاعات المستهدفة.

وبيّنت الدراسة أن التباعد الاجتماعي الذي فرضه فيروس كورونا استدعى توسعًا في الخدمات المصرفية الرقمية وتوفيرها للمتعاملين، وفي هذا الإطار تميزت تجربة مؤسسات التمويل الإسلامية العاملة في قطر في مجال التكنولوجيا المالية، وقد حصل مصرف قطر الإسلامي على جائزة أفضل بنك رقمي في دولة قطر من مجلة "ذي آيجن بانكر" The Asian Banker، واستطاعت مؤسسات التمويل الإسلامية تقديم خدماتها للمتعاملين من دون توقف خلال هذه الجائحة عبر منصاتها الرقمية المختلفة.