دراسة حقوقية تنتقد قانون الجمعيات المصري وتحذّر من تداعياته
العربي الجديد ــ القاهرة
وجهت الدراسات عدة ملاحظات للقانون (بول/Getty)
انتقدت دراسة حقوقية صادرة عن التنسيقية المصرية للحقوق والحريات (منظمة مجتمع مدني مصرية)، قانون تنظيم عمل المنظمات والجمعيات الأهلية الجديد، ووصفته بـ"قانون تأميم المجتمع ككل وصناعة قشرة مجتمعية مختلفة موالية بشكل كامل للسلطة".

ووصفت الدراسة التي صدرت أمس الإثنين، بعنوان "فلسفة النظام في تقييد المجتمع المدني"، القانون بأنه "ذو تأثير بالغ وخطير، نظرا لتعلقه ليس فقط بالعمل الأهلي المزمع إنشاؤه فقط؛ وإنما سيخضع له نحو 47 ألف جمعية محلية و100 جمعية ومنظمة أجنبية تعمل بمصر".

وعرضت ثلاثة أشكال للعلاقة بين السلطة والمجتمع المدني، هي التعاون والتنسيق، ثم التنافس أو الصدام، الاحتواء أو الاختراق من الدولة للمجتمع المدني، وأشارت إلى أن الشكل الثالث هو الأقرب للعلاقة بين النظام والمجتمع المدني في الأنظمة الديكتاتورية وخاصة الدول العربية؛ من خلال تعمد السلطة بناء "قشرة اجتماعية بديلة تحلها محل المجتمع المدني وتوكل لها تمثيله، بل وتصنع مجتمعاً بديلا ليكون انعكاسا لظل النظام".

وبحسب الدراسة التي أعدها الباحث عزت غنيم، فمن المنتظر طبقاً لهذا القانون، المزيد من القوانين المقيّدة لكل عناصر العمل المدني في مصر. "فبعد قوانين الإرهاب والتظاهر وحاليا قانون الجمعيات تنتظر تعديلات لقوانين الإعلام والنقابات والأحزاب وكل ما يتعلق بالمجتمع المدني في مصر، ليتم غلق العمل العام بشكل كامل ووضع تصور لإغلاق وعي المواطنين وتحديد مسارات تلقيهم للمعلومات من اتجاه واحد، ألا وهو النظام".

وعرفت الدراسة المجتمع المدني بـ"أنه كل التنظيمات التطوعية الأهلية غير الهادفة للربح والتي تسعى إلى الصالح العام مع التركيز على منظومة القيم المدنية التي حددها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هذا المجتمع له دور وأهمية خاصة في تعزيز الديمقراطية في الدول ويجعل الأنظمة تحت عين المواطنين، وليس العكس".

ولفتت إلى أن القانون 32 لسنة 1964 وصل إلى قمة الهيمنة التنظيمية للنظام على الجمعيات الأهلية (اندماج وظيفي هيكلي كامل وإشراف وتوجيه ورقابة)، وكان من سلبياته زيادة حدة الرقابة، وترسيخ علاقة الوصاية والاندماج الوظيفي والتنظيمي مع مؤسسات الدولة، وزيادة الأعباء وتقليل عدد الجمعيات.


وقالت إن القانون رقم 153 لسنه 1999 كان من أفضل القوانين فعليّا، من مميزاته العمل بمجرد الإخطار، والحل بحكم قضائي، بالإضافة إلى نشاط العمل الحقوقي من بين الأنشطة، ولكنه لم يستمر كثيرا، وتم الحكم بعدم دستوريته.

وأشارت إلى أن المجتمع المدني أصبح في الثمانينيات جزءا من سياسات الإصلاح الاقتصادي وتنمية المصادر الذاتية لدخل الأسر الفقيرة. ثم جاء القانون 84 لسنة 2002 وتحول دور الدولة من مرحلة الإشراف والتوجيه إلى مرحلة الرقابة والإشراف. ثم حل القانون الجديد.

وأكدت الدراسة أن الأصل في أي قانون لتنظيم العمل الأهلي والمدني أنه يوضع لتنظيم علاقة الجمعيات بالمجتمع وليس علاقة الدولة بها، مشيرا إلى أن مصر في طريقها للتحول إلى نموذج كوريا الشمالية.

ووجهت الدراسة عدة ملاحظات على القانون، وأكدت وجود ثلاث مخالفات دستورية، فضلا عن عدم واقعية النصوص القانونية ومخالفتها لمعايير ديمقراطية تأسيس الجمعيات.

ووفقاً للقانون الجديد، يجب على الجمعيات الأهلية الحصول على موافقة مسبقة على أي تبرعات تتجاوز عشرة آلاف جنيه. وإذا لم تمنح الموافقة خلال 60 يوما يعتبر الطلب مرفوضا تلقائيا. وإذا لم يتم إخطار السلطات قد يعاقب المسؤولون عن ذلك بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات وبغرامة تصل إلى مليون جنيه.

ويمنح القانون الحكومة سلطة تقرير مَن يحق له تأسيس جمعية أهلية وأهدافها. ويلزم الجمعيات بالعمل وفقا "لخطط الدولة للتنمية"، وهو ما يضع قيودا شديدة على العمل الذي قد تقوم به في مجالات لا تعتبرها الحكومة ذات أولوية.

ويمكن أن يحبس رؤساء الجمعيات والمنظمات الذين ينقلون مقر كياناتهم بدون إبلاغ السلطات لمدة سنة، كما أنه يمكن أن تصل عقوبة أي مخالفة للقانون إلى السجن خمس سنوات وغرامة تصل إلى مليون جنيه مصري (65 ألف دولار)، وأي جماعة لا تُسجل نفسها بموجب القانون الجديد في غضون ستة أشهر ستعتبر منحلة تلقائيا.

وكان مجلس النواب المصري، قد وافق في جلسته التي عُقدت يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على قانون الجمعيات الأهلية الجديد؛ تمهيدا للتوقيع عليه نهائيا من الرئاسة، ولاقى رفضا حقوقيا وحزبيا ونقابيا واسعا، ويتألف القانون من 89 مادة، حدد فيه المشرّع آليات عمل وسبل تمويل الجمعيات الأهلية، وكذلك العقوبات ضد من يتجاوز القانون.