دراسة أميركية: استفزاز الولايات المتحدة آخر ما يريده "داعش"

دراسة أميركية: استفزاز الولايات المتحدة آخر ما يريده "داعش"

10 أكتوبر 2014
"داعش" يسعى إلى ردع التدخل الأميركي (محمد وسام/فرانس برس)
+ الخط -

لكي يفي الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بتعهده بالقضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، عليه القيام بالتزام عسكري طويل في العراق وسورية، ولا يزال هناك من يعتقد، في أوساط القوى الغربية، بأن استخدام القوة العسكرية ضد "داعش" خطأ، لأن ذلك قد يدعم ادعاء الجهاديين بأن ما يحدث هو تعبئة الغرب ضد الإسلام، مما يساعد في الدعاية التي يقوم بها "داعش"، وخاصة في حال وقوع ضحايا بين المدنيين. في المقابل سيسهّل ذلك على "داعش" تجنيد أعضاء جدد. ولهذه الأسباب يعتقد البعض أن "داعش" كان يأمل استثارة مواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية طوال الوقت.

لكن، بالنظر الى تاريخ هذا التنظيم، من الواضح أن آخر ما يريده "داعش" هو أن تصعّد الولايات المتحدة من جهودها العسكرية ضده في العراق. وفي نهاية الأمر، فإن الولايات المتحدة، بالتعاون مع العشائر السنّية، كانت هي التي سحقت شبكة التنظيم، التي ظهرت في العراق أواخر عام 2006 وأوائل 2007.

وبحلول عام 2008 شُلّ التنظيم، بمقتل 2400 من أعضائه واعتقال 8800 آخرين. وعند انسحاب الجيش الأميركي من العراق في ديسمبر/كانون الأول 2011، كان للشبكة التي تُعرف الآن بـ"داعش،" ما بين 800 إلى ألف عضو.

وعلى الرغم من أن الحرب الدائرة الآن في سورية قد تكون أنعشت "داعش"، إلا أن انسحاب الولايات المتحدة هو الذي قلب الميزان لصالح هذا التنظيم. على سبيل المثال، فقدت القوات العراقية، بانسحاب الجيش الأميركي، المعلومات الاستخبارية الأميركية، وكذلك النقل بواسطة الطائرات المروحية، مما أضعف قدرتها على تنفيذ العمليات الليلية لمكافحة الإرهاب بشكل كبير.

وعلى الصعيد السياسي، استغل رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، الانسحاب الأميركي لعزل شخصيات عسكرية كبيرة كانت تثق بها الولايات المتحدة، واستبدلها بشخصيات موالية له، أقل كفاءة بكثير.

وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 2012، استغل الجهاديون ذلك لمضاعفة الهجمات، التي كانوا يشنونها أسبوعياً. ولذلك فإن ما قام به "داعش" في العراق، لا سيما قطع رأسي الصحافيين الأميركيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف، والذي اعتقد بعض مسؤولي الحكومة الأميركية، بمن فيهم عضو لجنة الكونغرس للاستخبارات، النائب آدم شيف، أن القصد منه هو إغراء أوباما للقيام بعمل عسكري، قُصد به في الواقع ردع الولايات المتحدة.

ففي شريط إعدام فولي، على سبيل المثال، يدّعي مقاتل "داعش" البريطاني، المتهم بقطع رأس فولي، أنه ينتقم من غارات الولايات المتحدة، ومحاولتها حرمان المسلمين من حقوقهم في العيش في أمان تحت الخلافة الإسلامية. وفي الشريط الثاني اُرغم سوتلوف على السؤال ما إذا كان الشعب الأميركي يرغب في حرب أخرى ضد "داعش" بعد إنفاقه مليارات الدولارات من أموال الضرائب، وفقدان الآلاف من أفراد القوات الأميركية. كما حذر الحكومات، التي تفكر في مساعدة الولايات المتحدة. ثم يعرض الشريط بعد ذلك الرهينة البريطاني، ديفيد هينس.

وأشار المقاتل في "داعش" بوضوح إلى أن الحملة العسكرية الغربية في العراق ستؤدي إلى "حرب شرسة أخرى لا يمكن الانتصار فيها"، وأن الغرب، بمواصلته قتال التنظيم، سيتسبب في مقتل المزيد من المواطنين البريطانيين.

وكان أسلاف "داعش"، ممن يؤمنون بأيديولوجيته، قد استخدموا الأساليب نفسها مع الرهائن الغربيين، عندما قطعت شبكة أبي مصعب الزرقاوي رأس المواطن الأميركي، نيكولاس بريغ، والمواطن البريطاني، كينيث بيغلي عام 2004.

ولم يكن الزرقاوي يحاول جر الولايات المتحدة وبريطانيا إلى حرب أعمق في العراق، فكان هناك ما يفوق 140 ألف جندي أميركي في العراق، لكنه كان يحاول إضعاف الدعم الشعبي للحرب، ويختبر ما إذا كان للغرب مقدرة على مثل ذلك النوع من القتال. واُرغم بيغلي قبيل قتله على قراءة بيان يقول إن العراقيين لا يريدون قوات أجنبية على أراضيهم، يسير جنودها في شوارعهم حاملين البنادق، وإن ذلك غير سليم وغيرعادل، وإنهم يريدون مغادرة القوات.

ولـ"داعش" أيضاً سبب استراتيجي معقول، لمحاولة ردع المزيد من التدخل العسكري الغربي، فالاحتفاظ بالأراضي والتوسع هو هدف الجماعة الرئيسي. والنتيجة المحتملة للعمل العسكري الغربي هي فقدان الكثير من الأراضي، التي يسيطر عليها التنظيم، وسقوط الخلافة، وتلاشي صورة القوة، وحتمية التقدم.

وكذلك كان الحال مع المنظمات التابعة لـ"القاعدة" في الصومال واليمن ومالي، خلال السنوات الأخيرة، فعلى الرغم من ضعفها، مقارنة بـ"داعش"، إلا أنها ظلت تفقد منطقة تلو الأخرى. وبعبارة أخرى، قد تعيد حرب أخرى "داعش" إلى ما كان عليه قبل عام 2004، مجرّد تهديد أمني خصوصاً بالنسبة إلى العراق ولكن ليس قوة تتحدى "القاعدة" من حيث قدرتها على التقدم.

ترجمة "العربي الجديد" عن دراسة لجامعة "جورج تاون"