دراسات ما هبّ ودبّ

دراسات ما هبّ ودبّ

23 ديسمبر 2014
تصطدم الدراسات ببعضها البعض (فرانس برس)
+ الخط -
تقول إحدى الدراسات الحديثة، والموثقة من خلال مجلة "نيو إنغلند جورنال أوف ميديسن"، إنّ استبدال الرجل تمارينه الرياضية اليومية، بالنظر إلى مؤخرة امرأة جميلة لمدة عشر دقائق، من شأنه أن يطيل متوسط عمره خمس سنوات. تردّ دراسة أخرى موثقة أيضاً من جامعة كامبردج، أنّ المشاهد الإباحية والجنسية تتلف الدماغ، وأنّ خطر المواد المثيرة أقوى من خطر المخدرات.

يتناقل الإعلام العالمي الدراسات. وكلّ يوم تُنشر دراسة تنفي ما قبلها.

دراسات الحمية الغذائية مثال ملحوظ في هذا الإطار. فكم من مدرسة تقول لا للخبز أو الفواكه مثلاً، تناقضها دراسات أخرى تشدد على الخبز والفواكه.

في السياسة، والاقتصاد، والبيئة، والصحة، والتعليم، والقضايا الإجتماعية المختلفة، وكلّ ما يتعلق بحياة الإنسان، في واقعها، وخفاياها النفسية والما ورائية. كلّ حالة وظاهرة ومؤسسة لها دراساتها ونظرياتها.

تصطدم الدراسات ببعضها البعض. ويعلن كلّ منها أنّه توصّل إلى الحقيقة المطلقة. تستخدم غالباً مصطلحات تخفف لهجة ذلك اليقين، وتحاول إلهاء المتلقي عن زرع الفكرة لديه. منها عبارة "يقترح الباحثون". أو "يجادلون". أو مثلاً "يفترضون". والعبارة الأخيرة هي الأدق فعلياً ولو أنّها تختفي في بحر الإلهاء عنها بما توصلت الدراسة له من نتائج.

فكلّ دراسة أو نظرية، تنطلق من فرضية معينة. والفرضية حين تبحث العلاقة بين متغيرين، يمكن إثباتها ونفيها في اللحظة نفسها بحسب المنهاج المستخدم والشريحة المستطلعة... وأهداف الدراسة.

تلك الأهداف غالباً ما تتخذ شكلاً سياسياً. فهنالك أحزاب تستدل على شعبيتها عبر دراسات "علمية". وكذلك الأمر في استطلاع المواطنين حول خطط حكومية معينة أو قرارات. فإذا كان القائمون على الدراسة من صف الحكومة أثبتوا "علمياً" أن معظم المواطنين يؤيدونها. وإذا كانوا في غير صفها أثبتوا "علمياً" أيضاً أنّ معظم المواطنين لا يؤيدونها.

وكما تروّج الشركات لمنتجاتها من خلال تلك الدراسات أيضاً، فتزرع في لا وعي المستهلك حاجته لمنتجاتها، فإنّ المتدينين يروجون لأفكارهم، والملحدين كذلك. فمثلاً تقول دراسة إنّ "الأطفال الذين يتلقون تعليماً دينياً، سيلاقون صعوبة في التمييز ما بين الواقع والخيال". أو مثلاً أنّ "دراسة ضمت 37 ألف كندي أثبتت أنّه كلما زاد التدين قلّ العثور على الاضطرابات النفسية وحالات الجنون والاكتئاب والرهاب الاجتماعي".

أما تمويل الدراسات فحكاية أخرى. وحكاية غريبة، غرابة أنّ أهم الأبحاث المتعلقة بمضار التدخين، لطالما موّلتها أهم شركات التبغ في العالم.

المساهمون