داخل الأخدود والمحرقة

داخل الأخدود والمحرقة

02 اغسطس 2015
لطيفة يوسف / فلسطين
+ الخط -

يصنع الإنسان الفلسطيني عجزه كما يصنع مائدة يومه. حيث يأكله الضجر وتُعييه حيل اليأس. بينما تصرخ، في وجهه، المؤسسة البلاغية بصوتها الانتهازي الفجّ: أنْ تحرّك، إنّها المحرقة!

هناك حيث تقام مرافعة الشكاية العامّة يقيم. حمأة مغلولة في صفحات التواصل الاجتماعي (حمّالة أوجه اللحظة). وسجالات راجفة، يحرص كل طرف فيها أن يذكي محرقته الخاصّة في وجه نقيضه. في حين تغيب ردود "الأفعال" البيّنة (منها، مثلاً، الصمت في أحد تشكيلاته الجوّانية/الثأريّة).

يدخل الجمهور، أيضاً، دائرة النار عُنوةً. وما هي إلا لحظات حتى ينعم ببردها وسلامها، ذلك أن جرعة السياسة تأتي مقطّرة في علب الاحتواء الواسعة؛ ومقدّرة وفقاً لتعاليم الإدانة التفاعليّة (إنّها مآثر التسوية المريحة لا الاشتباك المخيف).

ليس سؤال المواجهة محلّ الغرابة هنا. إذ تحضر ترسانة عسكرية يمكن استنفارها بالفكرة القدريّة التي لا يمكن اجتنابها. بل يقع الأمر على خط تماس المقاومة المشوشّة. ففي الوقت الذي تتضخم فيه ذات "غزّة"، تُصوّر "الضفّة" على أنّها بؤرة التخاذل والمفاسد والخيانات. وفي مقابل المكان الخرب بآلة إعماره البطيئة، تُشيّد مدينة "روابي" العصريّة.

لم يعد يقبل أحد بالانتفاخ المكتبي على حساب المظلمة الذاهبة مع بالونات النضال، ووخزاته العابرة. لقد صار لمحمد أبو خضير أخ صغير اسمه علي دوابشة. أخ بالنار لا بالرّضاعة. آمن به. ثمّ غاب أصحاب الأخدود.

المساهمون