خُدّام الدولة..أزمة مغربية إثر استفادة مسؤولين من أراضٍ مخزنية

خُدّام الدولة..أزمة مغربية إثر استفادة مسؤولين من أراضٍ مخزنية

27 يوليو 2016
تفويت أراضٍ مؤهلة للبناء لصالح المسؤولين يغضب المغاربة (Getty)
+ الخط -
أدى الكشف عن استفادة مسؤولين كبار بالمغرب من أراض بأسعار زهيدة، إلى ردود أفعال قوية من قبل رواد وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمع المدني، حيث دعا البعض إلى فتح تحقيق في هذه القضية.
وأثيرت القضية عندما نشرت وثائق تفيد باستفادة والي الرباط، عبد الوافي لفتيت، من أرض مساحتها 4775 متراً مربعاً في حي راقٍ بالرباط، بسعر 32 دولارا للمتر المربع، فيما يصل متوسط الأسعار في تلك المنطقة إلى ألف دولار للمتر الواحد، وفق مختصين.
الضجة التي أثارها هذا الخبر، دفعت وزيري الاقتصاد والمالية والداخلية، إلى إصدار بيان مساء الأحد، حيث جرى التأكيد على أن الوالي استفاد من تلك الأرض المعدة لبناء مساكن، بموجب مرسوم أصدره الراحل الحسن الثاني، يمكّن "موظفي وخدّام الدولة" من الاستفادة من تلك الأراضي.
واعتبر البيان أن حزباً حرك هذه القضية لاعتبارات سياسية وانتخابية، عوض السعي لتغيير المرسوم الذي يمنح ذلك الحق لكبار الموظفين في الدولة، مؤكداً أن تغيير مرسوم لا يتم إلا مرسوم.
غير أنه مساء أول من أمس الاثنين، جرى تسريب وثائق إلى مواقع إلكترونية، تفيد باستفادة مسؤولين حزبيين وسياسيين ووزراء سابقين ومستشارين كبار من تلك الأراضي الواقعة بالعاصمة الرباط.
وأشارت الوثائق إلى استفادة شخصيات مثل وزيري الاقتصاد والمالية والداخلية والأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، ومحمد المعتصم مستشار الملك، وحسن أوريد، الناطق الرسمي السابق باسم القصر، وتوفيق احجيرة، القيادي في حزب الاستقلال ووزير الإسكان السابق، وبوعمر تغوان، وزير التجهيز السابق.
وبعد ورود اسمه، ضمن المستفيدين من أراضي الدولة، بادر زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، إلى تقديم توضيح عبر صفحته على "فيسبوك"، حيث اعترف بأنه اشترى، بمعية زوجته، أرضاً بتجزئة الزاهرية بالرباط بسعر 37 دولارا للمتر المربع في عام 2002، مشددا على أن ذلك السعر لم يكن زهيداً في تلك الفترة.
وأشار إلى أن جل الأراضي كانت في تلك الفترة في ملكية الدولة أو مؤسساتها أو شركاتها، مؤكداً أنه استفاد من تلك الأرض بناء على طلب تقدم به للإدارة المعنية، ومضيفاً أنه مستعد للمساءلة أمام أية مؤسسة تودّ البحث في الأمر.

ويعد زعيم الاشتراكيين المسؤول السياسي الوحيد الذي بادر إلى تقديم توضيحات حول ظروف حصوله على تلك الأرض، بعد البيان الذي أصدره وزيرا الداخلية والاقتصاد والمالية حول والي العاصمة.
واتضح أن المستفيدين حصلوا على أراض لإقامة مساكن خاصة بهم، بأراضي الدولة، التابعة لمديرية الأملاك المخزنية الخاضع لوصاية وزارة الاقتصاد والمالية، حيث صدر مرسوم عن الملك الراحل الحسن الثاني، يسمح باستفادة موظفين من أراض في تجزئة "الزاهرية"، بأسعار محددة.
ودأبت الدولة على بيع الأراضي المسماة "مخزنية"، حيث تدر عليها 200 مليون دولار، وتوجه 40% من ذلك المبلغ إلى خزانة الدولة. وترصد أغلب الأراضي المخصصة للاستثمار.
وعلّق نشطاء مغاربة على إشارة بيان وزيري الاقتصاد والمالية والداخلية إلى استفادة من أطلقوا عليهم "خدّام الدولة"، من أراض بأسعار زهيدة، علما أن سعر العقار مرتفع في المغرب، خاصة في مدن مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش وطنجة.
واعتبر البعض أنه عندما يحمّل الوزيران حزبا معيناً مسؤولية تسريب أسماء المستفيدين، فإنهما يشيران، ضمنياً، إلى حزب العدالة والتنمية، الذي هو على خلاف مع عمدة العاصمة، محمد الصديقي، المنتمي للحزب الذي يقود الحكومة.
من ناحية أخرى، عمّم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، توجيهاً للمنتسبين إليه، يدعوهم فيه إلى عدم الرد على بلاغ وزارتي الداخلية والمالية، فيما أعلن نوابه في البرلمان عن نيتهما توجيه سؤال آني للوزيرين بالبرلمان، حول الأرض التي استفاد منها والي مدينة الرباط.
وذهب مسؤول سابق بوزارة الإسكان، في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى أن الأراضي المخزنية، تسخر عادة من أجل إقامة مشاريع استثمارية أو مشاريع لفائدة الوزارات، حيث يقتطع منها جزء من أجل إقامة مساكن للموظفين.
وشدّد على أن لائحة المستفيدين من تلك الأراضي طويلة، مؤكداً على أن السعر الذي يكون أثار حفيظة المراقبين في حالة المسؤولين الكبار، ربما يعود إلى كون السعر محدداً في المرسوم، ولم يتطور تبعاً لارتفاع أسعار العقار.
وأكد مراقبون على أن استفادة المسؤولين من أراضي الدولة يكفله القانون، بالنظر للمرسوم الذي يمنحهم ذلك الحق، غير أن ذلك الحق يصبح غير مشروع بالنظر للثمن الزهيد الذي بذلوه من أجل الاستفادة منها.