خيبات أردوغان السورية

خيبات أردوغان السورية

25 فبراير 2020
خيبات أردوغان قامت على أنقاض رهانات خاطئة(آدم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -

خلال معركة مرج دابق، قرب مدينة حلب، عام 1516، حسم الجيش العثماني المواجهة ضد المماليك عبر استخدام مئات المدافع التي كانت سلاحاً نوعياً حينها، ما فتح طريق سيطرة الدولة العثمانية على دمشق. بعد أكثر من 500 عام، لم يخسر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معركة حلب فقط في العام 2016، بل إنه يحارب اليوم من دون منظومة دفاع جوية لحماية جنوده وحدوده، ومن دون قدرات جوية حاسمة أمام التهاوي التدريجي لمناطق النفوذ التركي في الشمال السوري.

عندما قرر أردوغان فتح الجبهة الشمالية لإسقاط نظام بشار الأسد، كانت الغاية تكريس زعامة إقليمية، عبر استغلال الفرص الاستراتيجية التي وفرها "الربيع العربي". لكن التجارب أثبتت حتى الآن أن أردوغان لا يمثل هذه القيم الأولى التي حلمت بصياغة وعي عربي جديد ضد كل أشكال الاستبداد، لا سيما أنه كان بشكل مباشر، أو غير مباشر، من المسؤولين عن تقويض بروز أي معارضة وطنية سورية مستقلة القرار.

كل خيبات أردوغان السورية قامت على أنقاض رهانات خاطئة. راهن على دعم الأميركيين العسكري في بداية الحرب السورية، وعلى تخليهم عن دعم الأكراد في شرق الفرات، واليوم على تدخلهم لمساعدته في إدلب. كما تمسك بخيار إعادة التموضع في مسار أستانة، الذي كان بداية انحدار النفوذ التركي في سورية. وبعدما فرض على الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً مؤقتاً بالانسحاب الأميركي من سورية تحت ضغط التلويح بحرب برية، شعر أردوغان بنشوة القوة الإقليمية وبأنه قادر على مقارعة القوى الكبرى. تحدى موسكو في شمال أفريقيا، مستذكراً فتوحات الدولة العثمانية، وأرسل مقاتلي المعارضة السورية من أتباعه إلى ليبيا في ذروة معارك إدلب. كان الرد الروسي بتقليم أظافر تركيا في الشمال السوري.

ما جعل أردوغان يخسر معاركه السورية هو هاجس مكانته في تاريخ تركيا، وشعور الرهاب من أميركا، الذي استحكم به بعد محاولة الانقلاب في العام 2016 والهوس المفرط بهزيمة الأكراد السوريين على حساب المصالح التركية في سورية. لا مخرج لأردوغان اليوم سوى الحد من خسائره السورية، وإسدال الستار على بهلوانيات اللعب على الحبلين، الروسي والأميركي. لا واشنطن ستنقذه في سورية، ولا موسكو ستعطيه الهدايا المجانية.

المساهمون