خلافات الحكومة و"طالبان" تغذي العنف في أفغانستان

خلافات الحكومة و"طالبان" تغذي العنف في أفغانستان

17 يوليو 2020
انسحبت قوات أميركية من خمس قواعد (نورالله شيرزادة/فرانس برس)
+ الخط -

بالتزامن مع خطوتين مهمتين، إحداهما انسحاب القوات الأميركية من خمس قواعد في شرق وجنوب أفغانستان، والأخرى بروز خلافات بين الحكومة وحركة "طالبان" بشأن الأسرى، ارتفعت وتيرة أعمال العنف في الأيام الأخيرة، فيما دخلت واشنطن على الخط، داعية إلى إكمال عملية تبادل الأسرى، وخوض الطرفين حواراً مباشراً من أجل إيجاد حل دائم للمعضلة الأفغانية.
وربطت "طالبان" أخيراً بين تكثيف وتيرة عملياتها واستمرار الحكومة الأفغانية برفضها مواصلة الإفراج عمن تبقى من أسرى الحركة، التي كانت شنت في 13 يوليو/تموز الحالي أكبر هجوم منذ توقيع الاتفاق مع واشنطن في الدوحة في 29 فبراير/شباط الماضي، مع استهداف أربعة انتحاريين مركزاً للاستخبارات في إقليم سمنغان شمالي أفغانستان. وفي حين أعلنت السلطات مقتل 13 عنصراً، وإصابة 40، فإن الحركة ادعت مقتل وإصابة نحو 120 من رجال الاستخبارات. وبررت "طالبان" الهجوم بأنه انتقام ممن يعرقلون عملية السلام، وأن لا خيار أمامها سوى التصعيد ضد الحكومة، التي تعرقل عملية السلام من خلال خلق عقبات في وجه عملية تبادل الأسرى.

دعا خليل زاد إلى مواصلة عملية تبادل الأسرى وخوض حوار مباشر من أجل إيجاد حل دائم

 

واعتبر المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد أن الهجوم يناقض التعهدات التي قطعتها الحركة في اتفاق الدوحة، مؤكداً أن الهجوم غير مقبول إذ إنه "يقوي موقف المعارضين للسلام". ودعا جميع الأطراف إلى خفض وتيرة العنف، ومواصلة عملية تبادل الأسرى وخوض حوار مباشر من أجل إيجاد حل دائم للمعضلة الأفغانية. من جهتها، حذرت الحكومة من أن الهجوم قد يعصف بعملية السلام برمتها، مؤكدة أن "طالبان" لم تف بالوعود وهي لا تريد الصلح، معتبرة أن مثل هذه الأعمال قد تقضي على آمال الشعب، وقد تضرب بجميع الجهود المبذولة بهذا الخصوص عرض الحائط. وحذر المجلس الاستشاري الوطني الأعلى للمصالحة الهجوم من أن استمرار هذه العمليات قد تقضي على عملية السلام.

تقارير دولية
التحديثات الحية

لكن أخطر المواقف جاء على لسان الاستخبارات الأفغانية، التي أعلنت وضع جميع قواتها في حالة التأهب القصوى. وأكدت، في بيان، أن جميع قواتها مستعدة للانتقام من "طالبان" وداعميها، ما يعني أن التصعيد سيستمر، على الرغم من الدعوات المحلية والدولية لوقفه. ويأتي كل هذا التصعيد نتيجة الخلافات بين الحكومة و"طالبان" بشأن الأسرى. فبعد أن أفرجت السلطات الأفغانية عن 4400 أسير للحركة من أصل خمسة آلاف، مقابل إفراج الحركة عن نحو 700 أسير للحكومة، أوقفت السلطات هذا الأمر، معللة بأن هناك دعاوى إنسانية وخاصة على الـ600 شخص الباقين، مطالبة "طالبان" باستبدالهم، وهو ما رفضته الحركة التي شددت على أنها توافقت مع واشنطن على هذا الأمر، مطالبة الإدارة الأميركية بألا تسمح لأحد بخرق الاتفاق، والالتزام بتطبيقه.

وعد ماكينزي غني بأن بلاده لن تترك أفغانستان وحدها في جميع الأحوال

 

وتعليقاً على قضية الأسرى، قال المحلل السياسي والإعلامي ولي الله شاهين، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا خيار أمام الحكومة إلا الإفراج عن الأسرى وفق القائمة التي سلمتها لها طالبان". واعتبر أنه "يمكن للحكومة أن تؤخر (عملية الإفراج) لكنها لا تستطيع رفض تطبيق هذا الأمر بشكل كامل". وأشار إلى أنه "لا يتوقع أن تتراجع طالبان عن موقفها بهذا الخصوص، إذ إنه تم الاتفاق على قضية الأسرى في الدوحة، وبالتالي فإنه لا مخرج من المأزق سوى تطبيق اتفاق الدوحة". وكان المتحدث باسم الرئاسة الأفغانية صديق صديقي اتهم، في مؤتمر صحافي في كابول الثلاثاء الماضي، "حركة طالبان باللجوء إلى العنف بدلاً من الصلح"، مؤكداً أن "الحكومة أفرجت عن الجزء الكبير من الأسرى، وعلى طالبان أن تظهر مرونة في موقفها إذا أرادت الخروج من المأزق، وتسعى لإيجاد حل دائم للمعضلة الأفغانية".
ويأتي التباين في المواقف حيال الأسرى، والتي نجم عنها موجة تصعيد جديدة، في ظل استمرار انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، إذ أكدت كابول وواشنطن انسحاب القوات الأميركية من خمس قواعد في أقاليم لغمان، وهلمند، وأروزجان، وبكتيكا. وزار قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي، العاصمة الأفغانية كابول الأربعاء الماضي، حيث ناقش مع الرئيس الأفغاني أشرف غني مستجدات عملية السلام والوضع الميداني في البلاد. ويبدو أن ماكينزي كان يحمل معه رسالة مهمة بشأن مستجدات الوضع الأمني والمصالحة، إذ أعلنت الرئاسة الأفغانية، في بيان، أنه أكد لغني أن بلاده لن تترك أفغانستان وحدها في جميع الأحوال، وهي ستقف معها من أجل إنجاح المصالحة، كما تقف معها أمنياً، وأنه وعد بمواصلة وقوف القوات الأميركية إلى جانب نظيرتها الأفغانية ومساندتها. لكن شاهين رأى أن "القوات الأميركية ستخرج من أفغانستان وفق اتفاقية الدوحة، متوقعاً أن تثمر جهود السلام في إيصال البلد إلى بر الأمان، رغم ما تواجهها من العقبات والعراقيل في الوقت الراهن.