خطة مغربية استعجالية لإنقاذ مراكش من "الاختناق" بفيروس كورونا

خطة مغربية استعجالية لإنقاذ مراكش من "الاختناق" بفيروس كورونا وتطويق بؤر بمدن أخرى

20 اغسطس 2020
دقت الأطر الطبية المغربية ناقوس الخطر (Getty)
+ الخط -

دخل مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، على خط  ما تم تداوله من صور وفيديوهات توثق لوضع وبائي مقلق بمدينة مراكش، جنوبي المغرب، جراء الارتفاع المهول في الإصابات المسجلة بفيروس كورونا، بالموافقة على القيام بمهمة استطلاعية للوقوف على حقيقة الأوضاع.

وفي الوقت الذي دقت فيه الأطر الطبية والعديد من الجمعيات المدنية والحقوقية بمراكش، خلال الأيام الأخيرة، ناقوس الخطر إزاء ما وصفته بوضع كارثي اضطر مصابين بكورونا إلى افتراش الأرض بسبب عدم توفر الأسرّة، أعطت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب المغربي، اليوم الخميس، موافقتها على طلب القيام بمهمة استطلاعية حول وضعية مستشفيات المملكة، ومدى جاهزيتها لاستيعاب أي تطور وبائي محتمل، وقدرتها على تقديم الخدمات الصحية.

وبحسب مصادر من اللجنة البرلمانية، فإن المهمة الاستطلاعية، التي كان قد طالب بها الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (المعارض) بعد تداول صور وفيديوهات عن الوضع الوبائي بمراكش، تهدف الوقوف على كيفية الاشتغال بالمؤسسات الاستشفائية، وشروط العمل بها في ظل الوضعية الراهنة، والوقوف على وضعية المستشفيات الميدانية المكلفة بعلاج المصابين بـ"كوفيد19"، وكذلك على وضعية فرق التدخل في الأنشطة الصحية الخاصة بالمرض، ومدى قدرتها على المواكبة، والتتبع للحالة الوبائية من أجل التصدي للوباء، وتفادي انتشاره، خصوصاً بعد تسجيل بؤر وبائية في بعض المدن، وتزايد حالات الإصابة، وارتفاع غير مسبوق في الوفيات.

 ويأتي ذلك في وقت كشف فيه وزير الصحة المغربي، خالد آيت طالب، عن خطة استعجالية لإنقاذ مراكش، وذلك بعد الزيارة الميدانية التي قام بها، أمس الأربعاء، للوقوف على الوضع الوبائي المقلق بالمدينة.

وتقوم الخطة على ترشيد البنيات الاستشفائية وإعادة هيكلة وتنظيم مسار التكفل بالأشخاص المصابين بـ"كوفيد-19"، وكذا إعادة انتشار حالات الإصابة بالفيروس، حيث سيتم نقل جل الحالات المستقرة وبدون أعراض إلى المستشفى الميداني بمدينة بن جرير ( القريبة من مراكش)، وذلك لتخفيف الضغط على الوحدات الاستشفائية بالمدينة.

ومن أبرز القرارات التي ضمتها خطة الوزير، منح تراخيص لمختبرات القطاع الخاص لإجراء فحوصات الكشف عن فيروس كورونا شريطة احترامها شروط السلامة الصحية والبيولوجية.

واعتبر الوزير المغربي، خلال ندوة صحافية عقدها ليلة الأربعاء، أنّ منح التراخيص للقطاع الخاص من أجل إجراء تحاليل الكشف عن كورونا من شأنه أن يخفف الضغط على المختبرات العمومية التي تجري التحاليل المخبرية الخاصة بالكشف عن "كوفيد-19".

وإلى جانب تلك التدابير، أكد الوزير أنّ المراكز الصحية للقرب سيتم تأهيلها للتكفل ومواكبة الحالات الأكثر عرضة للإصابة، معتبرا أن البنيات الاستشفائية للقطاع الخاص يجب أن تخضع للتأهيل من أجل دعم القطاع العام وأن تكون على أهبة الاستعداد لأي سيناريو مستقبلي. كما سيجري توسيع المستشفى الميداني لمدينة بن جرير (إقليم مراكش)، الذي ستنتقل طاقته السريرية من 360 سريراً حالياً إلى 650 سريراً، الأمر الذي سيمكن من تخفيف الضغط على مستشفيات مراكش.

وكان نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب قد أطلقوا وسم (هاشتاغ) #مراكش_تختنق، وتم تداوله على نطاق واسع لدق ناقوس الخطر بشأن أوضاع المستشفيات وحالة الاكتظاظ التي تعرفها من جراء ارتفاع إصابات كورونا.

ونشر النشطاء صور مرضى يفترشون الأرض، وضموا أصواتهم إلى أصوات الأطر الطبية التي طالبت في وقت سابق بتدخل عاجل  لإنقاذ أرواح المرضى.

 

وفي سياق ذي صلة، قررت الحكومة المغربية وبناء على خلاصات عمليات التتبع اليومي والتقييم المنتظم المنجزة من طرف لجان اليقظة والتتبع، وعلى أثر تسجيل ظهور بؤر وبائية جديدة بمجموعة من أحياء مدن الدار البيضاء ومراكش وبني ملال، وبالنظر لما تقتضيه الضرورة الصحية الملحة، فقد تم اتخاذ مجموعة من التدابير لتطويق رقعة انتشار فيروس كورونا بهذه المدن.

ووفق بيان للحكومة المغربية، اليوم الخميس، تشمل التدابير إغلاق كل من شواطئ مدينة الدار البيضاء، وإغلاق الحمامات بمجموع تراب مدينة الدار البيضاء، ابتداء من يوم غد، الجمعة،  عند منتصف الليل.

كما تم الإبقاء على الإجراءات المشددة التي اتخذت أخيراً، والتي شملت إغلاق مداخل وأجزاء من  المدينة وأحياء وشوارع وأزقة.

كما شملت الإجراءات إغلاق المقاهي والمطاعم بالإضافة إلى المحلات التجارية للقرب والمراكز التجارية الكبرى عند الساعة الثامنة مساء، مع إغلاق أسواق القرب انطلاقا من الساعة الرابعة مساء، إغلاق الحمامات وصالونات التجميل، منع نقل مباريات كرة القدم بالمقاهي.

وبالنسبة لمراكش، تقرر إغلاق المنافذ المؤدية لـ12 حياً، وتكثيف مراقبة التنقلات من طرف السلطات العمومية بمداخل ومخارج المدينة، وإغلاق المنافذ الهامشية التي تحول دون إخضاع كافة المسافرين لمراقبة تراخيص التنقل الاستثنائية.

بالإضافة إلى إخضاع المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية لتوقيت الإغلاق المحدد في العاشرة مساء مع احترام الطاقة الاستيعابية المحددة في 50 في المائة، ومراقبة احترام الطاقة الاستيعابية لوسائل النقل العمومية والمحددة في 50 في المائة.

وبالنسبة لمدينة بني ملال، التي تسجل بدورها إصابات مرتفعة في الآونة الأخيرة، فقد تقرر  إغلاق المنافذ المؤدية لـ6 أحياء بالمدينة، ابتداء من يوم الجمعة 21 آب/ أغسطس الجاري، عند الثانية عشرة زوالا، فضلا عن إغلاق الحمامات وصالونات الحلاقة والتجميل والقاعات والملاعب الرياضية، وإغلاق المراكز التجارية الكبرى عند الساعة الثامنة مساء، وإغلاق أسواق القرب عند الساعة الثانية بعد الزوال، وإغلاق المجمعات والمحلات التجارية والمقاهي والفضاءات العمومية (متنزهات، حدائق ...) عند الساعة السادسة مساء.

إلى ذلك، كشفت الحكومة أن التدابير المتخذة لإغلاق المنافذ المؤدية للمناطق المستهدفة ستواكب بتشديد للمراقبة من أجل عدم مغادرة الأشخاص الموجودين فيها لمحلات سكناهم إلا للضرورة القصوى، واشتراط تنقلهم خارج محلات سكناهم باستصدار رخصة للتنقل الاستثنائي مسلمة من طرف رجال وأعوان السلطة.

كما سيظل التنقل صوب أو خارج هذه المدن مشروطا بإلزامية التوفر على رخص استثنائية مسلمة من قبل السلطات المحلية، كما سيتم الإبقاء على مختلف القيود الأخرى التي تم إقرارها من خلال حالة الطوارئ الصحية، من منع التجمعات والاجتماعات، والأفراح والجنائز.

وبحسب الحكومة، فإن تخفيف هذه التدابير يبقى رهينا بتطور الحالة الوبائية بهذه المدن، وتراجع عدد المصابين، وتحقيق نتائج ملموسة في تطويق هذه البؤر، والتي تبقى في حد ذاتها مرتبطة بمدى التزام المواطنات والمواطنين بالاحتياطات الوقائية والاحترازية الضرورية من تباعد جسدي وقواعد النظافة العامة وإلزامية وضع الكمامات الواقية وتحميل تطبيق "وقايتنا".

وتأتي التدابير الجديدة المعلن عنها من قبل الحكومة المغربية، في ظل تسجيل ارتفاع قياسي في المعدل اليومي للإصابات بكورونا والوفيات والحالات الخطيرة، وظهور بؤر في العديد من المناطق، ما يربك خطط السلطات في مواجهة الفيروس.

وأمس، الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1510 حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا و574 حالة شفاء، و29 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة المنصرمة، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للمصابين في المغرب إلى 46 ألفا و 313 شخصا منذ الإعلان عن أول إصابة في 2 مارس/ آذار الماضي، ومجموع حالات الشفاء التام إلى 31 ألفا و576، فيما ارتفع عدد الوفيات إلى743.

المساهمون