خطبة جمعة موحّدة تستبق احتجاجات الجزائر واستقالات بحزب بوتفليقة

خطبة جمعة موحّدة تستبق احتجاجات الجزائر و500 استقالة من حزب بوتفليقة

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
01 مارس 2019
+ الخط -
وسط ترقب الجزائر، اليوم الجمعة، لـمسيرات احتجاجية لدفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الموجود في سويسرا لإجراء فحوصات طبية، إلى سحب ترشحه لولاية رئاسية خامسة في انتخابات 18 إبريل/ نيسان المقبل، فرضت الحكومة، للمرة الثانية على التوالي، خطبة جمعة موحدة على أئمة المساجد للدعوة إلى "الهدوء وتجنب التخريب"، فيما تشهد أحزاب الموالاة نزيفا مستمرا على خلفية الفعاليات الاحتجاجية الرافضة لترشح بوتفليقة.

الحراك يدعو قائد الجيش لـ"رفع يده" عن بوتفليقة

إلى ذلك، طالبت قيادات في "حراك 22 فبراير" قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح بـ"سحب دعمه المباشر لمشروع ترشح بوتفليقة".

وأكد عبد الوكيل بلام، في تسجيل مصور، أن قائد أركان الجيش هو "الجهة القوية داخل السلطة التي ما زالت تتمسك بمشرع ترشح بوتفليقة"، وقال: "كل التحاليل حول من في السلطة لا يزال متمسكا بخيار لعهدة الخامسة تقودنا إلى مكتبك (يقصد قائد الجيش). يجب أن تغير الموقف وترفع يدك عن هذا الموضوع".

ويُعرف عن قائد أركان الجيش ولاؤه لبوتفليقة. 

واعتبر الناشط بلام أن "خطابات قائد الجيش يزعم فيها أن الجيش على الحياد، وأنه بعيد عن الشأن السياسي، فيما تشير مواقفه إلى خلاف ذلك".

وشدد القيادي في "حراك 22 فبراير": "أمامك يا قائد أركان الجيش فرص لدخول التاريخ وبابه مشرع لك في حال ساهم في إنهاء هذه المغامرة.. سيذكر اسمك كثيرا بأنك لعبت دورا هاما وانحزت لصالح الشعب، في حال قررت رفع دعمك لترشح بوتفليقة الذي سيودي بالجزائر إلى الهاوية".

وأضاف المتحدث مخاطبا أحمد قايد صالح: "أنت مجاهد (شارك في ثورة التحرير)، وتعاهدت مع شهداء الثورة، وحان الوقت لكي تفي بالعهد والقسم لحماية الجزائر"

واعتبر بلام ان استعمال قائد الجيش في خطابه الأخير، الذي ألقاه في 26 فبراير/ شباط، خلال لقاء مع القيادات العسكرية في منطقة تمنراست جنوبي الجزائر، لكلمة "المغرر بهم" كان "غير موفق ونحن نتمنى أن تكون مجرد زلة لسان، وأنه عندما تم سحبها لاحقا فهو استدراك عن الخطأ، لكون هذه الكلمة مرتبطة بمسمى الإرهابيين التائبين". 

واعتبر عبد الوكيل بلام، الذي اعتقل أمس الخميس خلال مظاهرة للصحافيين، أن تحذيرات قائد الجيش من أن المؤسسة العسكرية لن تقبل أي استعمال للعنف "غير مبرر، باعتبار أن المسيرات بدأت وظلت سلمية حتى نهايتها"، موجها نداء إلى قوات الشرطة بـ"عدم قمع المتظاهرين واحترام حقوق الإنسان في مسيرة اليوم الجمعة".

وشدد، في بث مباشر وجهه إلى المتظاهرين عبر "فيسبوك" على "ضرورة الالتزام الكامل بالسلمية ومنع أي فوضى أو إثارة للعنف"، وعلى "عدم استفزاز قوات الأمن أو الرد على أي استفزاز قد يصدر منهم أو الاحتكاك بهم". 

نزيف داخل أحزاب الموالاة

وفي ظل تنامي الحركة الاحتجاجية ضد ترشح بوتفليقة، دخلت أحزاب الموالاة الداعمة له في مرحلة أزمة داخلية بسبب موجة استقالات ونزيف داخلي في كوادرها الرافضين لاستمرار دعم أحزابهم للترشح.

وفي السياق، أعلن أكثر من 500 من كوادر حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يتزعمه بوتفليقة، استقالتهم من الحزب ومن كل هيئاته بسبب ما اعتبروه إصرار قيادة الحزب "غير شرعية أصلا" في الاستمرار بالمغامرة بالبلاد ووضع الحزب في صدام مع الخيار الشعبي، وأصدروا بيانات متفرقة في عدة ولايات، كخنشلة وتبسة وغليزان وتيارت.

ونشر أعضاء اللجنة المركزية وكوادر الحزب بولاية غليزان، غربي الجزائر، بيانا حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، جاء فيه أنه "وبعد استعراض التطورات الراهنة في البلاد، والمتسمة بالحراك الشعبي عبر كل ولايات الوطن، ونظرا لتصرفات اللامسؤولة الصادرة عن مناصب رسمية مسؤولة في الحزب، ولأن جبهة التحرير الوطني لم يكن ولن يكون في يوم من الأيام ضد طموحات الشعب الجزائري، قررنا الاستقالة من الحزب ومن جميع  هيئاته".

ولفت البيان، الذي يضم توقيعات المستقلين، إلى أن "قيادة الحزب مارست ضغوطا وإكراهات حادة ضد مناضلين وكوادر بسبب انخراطهم في الحراك الشعبي لـ22 فبراير، والتحاقهم بالمطلب الشعبي الرافض لترشح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة وانحيازهم للشعب".

وفي ولاية خنشلة شرقي الجزائر، تجمع عدد من كوادر الحزب الحاكم أمام مقره لقراءة بيان الاستقالة والإعلان عن دعم الحراك الشعبي.

وكان مائة من القيادات البارزة في حزب جبهة التحرير الوطني، بينهم مصطفى معزوزي ورشيد عساس، قد أعلنوا الأربعاء دعوتهم إلى "إعادة الشرعية للحزب وإلى المناضلين، وعدم الاعتراف بالمنسق العام للحزب حاليا معاذ بوشارب، الذي عين بطريقة غامضة بعد إقالة غامضة أيضا للأمين العام السابق جمال ولد عباس".

ويتوقع أن تتوجه التطورات داخل الحزب الحاكم باتجاه المطالبة بعقد اجتماع عاجل للجنة المركزية لـ"إعادة الشرعية لمؤسسات الحزب" بعد قرار مفاجئ من المنسق العام للحزب ورئيس البرلمان معاذ بوشارب بحل اللجنة والمكتب السياسي، و"الانفراد بالقرار في الحزب، بدعم من محيط الرئيس بوتفليقة".

وفي منطقة تيزي وزو، أعلنت مجموعة من كوادر حزب الحركة الشعبية الجزائرية، التي يقودها وزير التجارة السابق عمارة بن يونس، عن استقالتهم من الحزب والتحاقهم بالحراك الشعبي، ورفض قرار الحزب المغامرة بدعم ترشح الرئيس.

وفي السياق، أعلن أحمين العمري، القيادي وعضو المكتب الوطني لحزب تجمع أمل الجزائر، الذي يقوده وزير النقل السابق عمار غول- منشق عن حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر) عام 2012، استقالته من الحزب ورفضه استمرار التجمع في الخيارات السياسية التي وصفها بـ"الخاطئة". 

وقال العمري، لـ"العربي الجديد"، إن "قرار الحزب دعم ترشيح بوتفليقة هو جزء من الدوافع التي حثتنا على الاستقالة"، مشيرا إلى أنه يجري في الأثناء مشاورات مع مجموعة من الكوادر باتجاه الإعلان عن "موقف تقدمي يصحح الأوضاع".

توجيهات لخطباء الجمعة: تهدئة الخواطر

إلى ذلك، أرسلت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تعليمات للأئمة، في بيان تحثهم على "تناول الموضوعات التي تجمع الكلمة وتوحد الصف، وتهدئ الخواطر، اقتداء بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام". 

وورد في التوجيه، الذي ضم ثلاث نقاط أساسية موجهة للأئمة، أنه "وجب تضمين موضوع خطبة الجمعة استدلالات قرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على الحفاظ على الأوطان وسلامتها وأمنها".

وطالبت التعليمات الأئمة بـ"الدعاء للجزائر أن يحميها الله من الشرور والفتن، ما ظهر منها وما بطن"، كما شدد البيان على ضرورة "توخي الحكمة في تناول موضوع خطبة الجمعة".

وتجنبت وزارة الشؤون الدينية توجيه الأئمة نحو دعوة المتظاهرين إلى عدم الخروج إلى الشارع والتظاهر، بعد انتقادات حادة وشديدة وجهت إليها بشأن خطبة الجمعة الماضية التي ألزمت فيها الأئمة بإلقاء خطية تحذيرية للمصلين، وحث الجزائريين على عدم الانسياق وراء "كثير من النداءات الداهية إلى العصيان والاحتجاج، تنشرها وسائط التواصل الاجتماعي، وإبراز نعمة السلم والأمن والاستقرار، وتذكير الجزائريين بالنتائج المأساوية للفتنة في بعض الدول العربية".

وجدد ناشطون سياسيون انتقاداتهم للزج بالمساجد والأئمة في اللعبة السياسية، إذ تأتي تعليمات الوزارة في ظل احتقان شعبي عقب ميسرات شعبية بدأت في ما أطلق عليه "حراك 22 فبراير". 

وقال الناشط عبد الوكيل بلام، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المؤسف أن وزارة الشؤون الدينية ما زالت ترسل خطب جمعة إلى الأئمة، وتزج بالمسجد في نقاش سياسي بحت".

والجمعة الماضية، اعترض مصلون في عدد من المساجد على الخطب التي كان سيلقيها الأئمة حول تحريم الاحتجاجات والتحذير من المسيرات والدعوة إلى عدم التظاهر ضد ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.