خسائر هجرة الوافدين من الكويت: الأزمات تلاحق سوق العقارات

خسائر هجرة الوافدين من الكويت: الأزمات تلاحق سوق العقارات... وأضرار كبيرة للمالكين

29 يوليو 2020
ركود واسع أصاب القطاع العقاري (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

تسببت تداعيات جائحة كورونا والإجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات الكويتية، بأزمات تلاحق سوق العقارات والشقق السكنية التي يستأجرها الوافدون، حيث تكبد ملاك العقارات خسائر فادحة بسبب عدم سداد الإيجارات الشهرية فيما بلغت نسبة الشقق السكنية الخالية والمحال التجارية والتي تبحث عن مستأجرين جدد نحو 28%، وفق بيانات رسمية.
كما لجأت بعض الشركات إلى خفض الإيجارات بنسبة تصل إلى 35% من أجل جذب المستأجرين، وذلك بحسب ما أكده تقرير للمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية في الكويت (معتمد حكوميا).
وذكر التقرير الذي اطلعت عليها "العربي الجديد" أن هناك هجرة واسعة للشقق السكنية والمحال التجارية خصوصا في المناطق التي يقطنها الوافدون والعقارات الاستثمارية، الأمر الذي سيفاقم الخسائر الكبيرة التي لحقت بملاك العقارات الذين تضرروا خلال الأشهر الماضية منذ بداية تفشي فيروس كورونا في ظل تخلف عشرات الآلاف من المستأجرين عن دفع الإيجارات الشهرية.
وحذر التقرير من تأخر التدخل الحكومي لمعالجة أزمة العقارات والإيجارات وتكدس ساحات المحاكم بالقضايا وتفاقم خسائر ملاك الشقق السكنية والمجمعات والمحال التجارية وتأثير الأزمة على الاقتصاد الكويتي الذي يحاول استعادة عافيته بعد التدهور الكبير الذي لحق به نتيجة الغلق الإجباري لمواجهة جائحة كورونا. 

وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، أحمد الهارون، لـ "العربي الجديد" إنه ينبغي على الحكومة وضع حد للأزمة التي يعاني منها ملاك العقارات وأبرزها الإيجارات المتأخرة، باعتبارها قضية تمس الأمن الاجتماعي واستقرار الدولة، مشيرا إلى أن هناك مئات الآلاف من المقيمين قد يغادرون البلاد هربا من الملاحقات القضائية وبسبب الظروف المعيشية الصعبة التي صاحبت جائحة كورونا.
ودعا الهارون الحكومة وأعضاء مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) إلى تعديل قانون الإيجارات لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر خلال الفترات التي تشهد ظروفا قهرية أو أحداث غير متوقعة مثل تفشي فيروس كورونا.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن نسبة الشقق الخالية مرشحة للارتفاع في ظل حالة التراجع الاقتصادي وتسريح مئات الآلاف من وظائفهم فضلا عن تخفيض رواتب الموظفين بنسب تصل إلى 60%، مشيرا إلى أن محاولة معالجة ملف التركيبة السكانية بصورة خاطئة وإجبار الوافدين على المغادرة إلى بلدانهم ستضر بالقطاع العقاري وستفاقم الخسائر الكبيرة للشركات وملاك العقارات.
وتشير التقديرات الرسمية إلى مغادرة أكثر من 190 ألف وافد قبل تعليق حركة الطيران على خلفية الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي كورونا، حيث لم يتمكنوا من العودة لمباشرة أعمالهم مرة أخرى منذ أكثر من 5 أشهر، فيما غادر أكثر من 68 ألف وافد من خلال رحلات "الشارتر" التي تم تسييرها خلال الأشهر الماضية.
وقال مصدر، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" إن هناك أكثر من 54 ألف وافد لن يستطيعوا العودة مرة أخرى إلى الكويت بسبب انتهاء إقامتهم وهم بالخارج جراء توقف حركة الطيران وصعوبة التواصل مع كفلائهم لتجديد إقامتهم، مشيرا إلى أن الأعداد مرشحة للتزايد في حالة تم تقليص عدد الرحلات القادمة من بعض البلدان مثل مصر والهند.

ولجأ العديد من ملاك العقارات إلى اتباع أساليب غير قانونية من أجل إجبار الوافدين على دفع الإيجارات أو إخلاء الشقق السكنية، حيث تم قطع التيار الكهربائي في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتعطيل المصاعد في العمارات السكنية.
كما تداول النشطاء صورا ومقاطع مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر طرد السكان من منازلهم بينهم عائلات الوافدين في المناطق المعزولة صحيا وغيرها من المناطق الأخرى التي يقطنها الوافدون بسبب عدم سداد الإيجارات منذ 4 أشهر، فضلا عن قيام بعض الملاك بقطع الكهرباء والماء عن العقارات لإجبار السكان على دفع الإيجارات أو إخلاء الشقق السكنية. وفي المقابل قامت أعداد كبيرة من الملاك بإعفاء السكان من إيجار شهر أو أكثر مساهمة منهم في تخفيف الأعباء المالية المتفاقمة التي يعانون منها بسبب جائحة كورونا.
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي الكويتي، عادل الفهيد، لـ "العربي الجديد" إن سوء الأوضاع الاقتصادية وتدهور الحالة المعيشية لغالبية الوافدين أدت إلى مغادرة عشرات الآلاف منهم إلى بلدانهم فيما اضطر البعض إلى التكيف مع الوضع الجديد من خلال تسفير الأسرة وترك السكن ومشاركة الآخرين في سكن "العزاب" من أجل تقليص النفقات الشهرية.
وأضاف الفهيد أن الحملات العنصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والضغط على المقيمين وإجراءات عزل المناطق والتصريحات الرسمية التي يدلي بها الوزراء والنواب بشأن الاستغناء عنهم ساهمت أيضا في هجرة كبيرة للوافدين وعودتهم إلى بلدانهم، فيما سيضطر البعض الآخر إلى قبول فرص عمل في دول مجاورة برواتب أقل في مقابل الشعور بالاستقرار الوظيفي والأمان الاجتماعي.
وتشهد العديد من المناطق السكنية التي يقطنها الوافدون وتم عزلها خلال الأشهر السابقة بقرار من السلطات (الفروانية والمهبولة وجليب الشيوخ وحولي وميدان حولي) هجرة كبيرة للشقق السكنية، بينما لجأ ملاك العقارات إلى تخفيض الإيجارات بنسب تصل إلى 35%، من أجل جذب سكان جدد كما انتشرت إعلانات "شقق للإيجار" في مختلف الشوارع.
وحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء، يبلغ إجمالي عدد العاملين في الكويت نحو 2.18 مليون شخص، تحتل الجالية الهندية المرتبة الأولى بنسبة 27%، بما يعادل نحو 578 ألف عامل، تليها الجالية المصرية بنسبة 24% بعدد 518.8 ألفاً.
إلى ذلك، أكد أمين سر اتحاد ملاك العقار (منظمة غير حكومية)، قيس الغانم، أنه بخلاف أزمة الإيجارات المتأخرة، هناك أزمة أخرى تواجه الشركات وملاك العقارات حيث إن هناك عشرات الآلاف من السكان الوافدين تركوا شققهم السكنية من دون إخلائها من الأثاث أو حمل أغراضهم الشخصية، ولن يتمكنوا من العودة مرة أخرى إلى الكويت بسبب انتهاء إقامتهم خلال وجودهم في بلدانهم وتعليق حركة الطيران وإغلاق المطار.
ودعا الغانم خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" الحكومة الكويتية إلى التدخل لمعالجة أزمة الإيجارات من أجل الحد من الخسائر والمشكلات القانونية. كما طالب ملاك العقارات بتفهم الظرف الاستثنائي الذي يمر به العالم والكويت والأوضاع الصعبة للوافدين، مؤكدا أن التفاهم بين جميع الأطراف يضمن عبور الأزمة بأقل الأضرار.

المساهمون