خبراء يعتبرون اختبارات الفيسبوك "كلام فاضي"

09 مارس 2015
أحد الاختبارات المنتشرة على الفيسبوك (العربي الجديد)
+ الخط -
ما هي الغريزة التي تسيطر على حياتك أكثر؟ ما هي الدرجة العلمية التي تستحقها؟ ماذا ستكون لو قدر لك عيش حياة أخرى؟ ما هو لون روحك؟ وهل تملك المقومات لتصبح مليونيراً؟

هي بعض الأسئلة الاختبارية التي انتشرت منذ فترة على صفحات التواصل الاجتماعي، يهتم بها البعض فلا يتركون اختباراً إلا ويقيسون أنفسهم من خلاله، كما تتيح لهم تلك البرامج مشاركة النتائج مع أصدقائهم مباشرة على صفحات الفيسبوك، فيحصلون على قدر مرضٍ من التعليقات، وينشغلون إذا كانت صديقتهم تشبه سعاد حسني فعلاً كما أظهرت النتيجة، أم أنها قد تفوقها جمالاً (على سبيل مجاملة الصديقات لبعضهن البعض)، وذلك كنتيجة لاختبار من تشبهين من الفنانات.

ولكن ما هو الهدف الحقيقي، من انتشار هذه الاختبارات على صفحات التواصل الاجتماعي، وهل تعبر هذه الأسئلة والنتائج عن الحقيقة أو تعكس جزءاً من المنطق؟!.

تقول حنان وهي تهتم بشكل خاص بإجراء هذه الاختبارات، إنها تقوم بها كنوع من التسلية والترفيه، لأنها شيء لطيف لا أكثر. ولكنها تعرف أن النتائج غير حقيقية وغير منطقية.

أما فاطمة، فأشارت حينما أظهرت نتائج اختبار "ما هي المهنة المناسبة لك؟"، أنها تستحق أن تكون كاتبة أو روائية، إلى إنها عادة لا تجري هذه الاختبارات لأنها نوع من "الهبل"، إلا أنها أرادت أن ترى حظها في هذا الاختبار. وعلّقت أخرى على نتيجة اختبار "ماذا ستكون لو قدر لك أن تعيش حياة أخرى؟" ممازحة، "أنا عدت الاختبار كذا مرة علشان تطلع لي رقاصة".

الغريب أنه لا تمر ثانيتين حتى ترى أحد أصدقائك، وقد نشر نتيجة اختبار ما، معلّقاً عليه ومقارناً بينه وبين حاله الواقعي، فتقول إحداهن ممن أظهرت نتائج أحد الاختبارات أنها كان يجب أن تتزوج رشدي أباظة، "علشان بس جوزي يعرف قيمتي".

تقدم هذه الاختبارات، سؤالاً رئيسياً عن موضوع جذاب وبسيط، ومن ثم عدد من الأسئلة التي تقود في النهاية إلى نتيجة معينة، في وقت لا يتعدى الدقيقة الواحدة في بعض الأحيان. فاختبار "ما هي الغريزة التي تسيطر على حياتك؟" على سبيل المثال، يبدأ بجملة تعريفية تقول: "هذا الاختبار يحاول أن يتوقع لك الغريزة البشرية التي تهيمن على حياتك، وتسيطر على طريقة تفكيرك". وعند إجراء الاختبار تكون النتيجة أن "العبادة" هي الغريزة المسيطرة، مع العلم أن العبادة ليست غريزة، ما يعطي المشاركين في الاختبار معلومات مغلوطة.


أما اختبار "ما هو لون روحك؟" المحيّر في معناه يقول: "هذا الاختبار يحدد لك صفات روحك ونوعها وأهم صفاتها، عبر لونها المميز". ويعلق البعض على هذا الاختبار قائلاً: "روحك مصبوغة باللون الأبيض الناصع، وهذا يعني روحاً متسامحة جداً، لديك ثقة عمياء بحب الله لك، أما الروح البنفسجية، فهي من أكثر الأرواح رقة وإحساساً ومشاعر، أما صاحب الروح السوداء، فهو من أعقد وأصعب الأرواح وأهم ما يميزه أنه لا يرحم أعداءه أبدا".


تعلق د.داليا الشيمي على هذا الموضوع قائلة:"بخصوص اختبارات الفيسبوك التي أغرقت الصفحات، فإن رأيي كمتخصصة في المجال النفسي منذ 17 عاماً، إضافة إلى تدريس قياس نفسي في جامعة عين شمس بالقاهرة على مدى 10 سنوات، هذه الاختبارات ليست علمية ولا دقيقة، تعطي انطباعاً عاماً بصحتها، لكن الإجابات المزيفة أو المقاومة النفسية لها أو العجز عن الإقرار بما تطلبه، يؤدي إلى إيجاد نتائج مزيفة، وليس هذا هو أخطر ما فيها وإنما الخطورة الحقيقية في أنها تعطي قدراً من المعلومات عن المجتمع وشبابه، للدول الأخرى التي لم يعد التجسس والتخابر فيها يقوم على زرع رأفت الهجان، وإنما الوصول إلى كل نفس في المجتمع من خلال هذه النماذج وغيرها، أما الموضوع الرأسمالي البحت، فيستفيد من هذه الاختبارات في وضع تصور عن اتجاهات العينات المختلفة، لوضع خطط تسويقية تغطي التوجهات والطرق الشخصية التي تم التعرف عليها".


من جهتها، تعترف د.سحر طلعت الخبيرة الاجتماعية قائلة:"أقوم بإجراء بعض هذه الاختبارات من باب الفضول، ولكني أعرف أنها غير علمية أو منطقية، فحتى اختبارات القياسات الدقيقة التي تحاول تحليل الشخصية، وتكون مدروسة جيداً، ونجيب فيها عن 50 إلى 100 سؤال، نقول عنها كمتخصصين إنها اختبارات استرشادية".

تضيف طلعت أنه "بمقارنة هذه الاختبارات الخفيفة السهلة، بالمسابقات التي كانت منتشرة "زمان"، كانت هذه الأسئلة في غاية الصعوبة وتحتاج إلى بذل مجهود من أجل حلها، لذا فيمكننا التأكد من ضحالتها وعدم تركيزها على الوصول إلى نتائج حقيقية، بقدر الوصول إلى جمهور أكبر قد يفيد هذه المواقع في عدة أمور، أغلبها تسويقية".

وتختلف مع الآراء السابقة د.دعاء راجح خبيرة العلاقات الاجتماعية، فتقول:"هذه الاختبارات فيها جانب كبير من الصحة، والأسئلة تعكس فعلاً جانباً مهماً من الشخصية، فمثل هذه الاختبارات يقدم لطلاب الثانوية في إنجلترا، وقد قمت بنفسي بإجراء بعض هذه الاختبارات وكانت النتيجة فعلاً دقيقة جداً".

وتستدرك راجح مؤكدة أن هناك اختبارات كثيرة بها "افتكاسات" مثل "مّن مِنَ الفنانين الأقرب إلى شخصيتك، وضحكتك تشبه ضحكة من"، فهذه الإختبارات تعد "كلاماً فارغاً"، ولكن أيضا هناك اختبارات رائعة، مضيفة أن الاختبارات النفسية التي يقوم بها البعض تعتمد على مزاج الشخص وقت إجراء الاختبار، وعلى كونه يريد نشرها ومشاركة أصدقائه تلك النتائج، أم أنه يريد معرفة الإجابة الحقيقية، والبعض الآخر يكررون الاختبار للحصول على الإجابة النموذجية أو إجابات معينة يستهدفونها.


وتوجه راجح كلامها للشباب الذين يتخذون مثل هذه الاختبارات، كنوع من التعرف على ذواتهم نتيجة عدم معرفتهم لها، والذي يعاني منه الشباب خصوصاَ، فتقول إن "من لديه قلّة وعي، فهذه مهارة تُكتسب بالتدريب وبالتدريج، والتعرف على النفس هو نوع من الذكاء العاطفي، ولكن التعرف على الذات من خلال الاختبارات، ليس هو الحل المناسب.

أما حسام عبد الحميد، الخبير في استراتيجيات التسويق وتطوير الأعمال، فيقول إن "هذه الاختبارات غير دقيقة ولا تقوم على أسس علمية، وتضعها المواقع لزيادة عدد الزيارات، واستخدام موقعهم في الإعلانات، لأن الإعلانات على الإنترنت تحسب بعدد النقرات على الإعلان، وليس فقط بعدد المشاهدات، وبالتالي زيادة عدد الزيارات يعني زيادة احتمال نقر الزوار على الإعلان"، مشيراً إلى "وجود برامج وظيفتها اختيار الإعلانات من "الداتابيز" الخاصة بالمعلنين، بحيث يكون الإعلان متماشياً مع الموضوع نفسه المكتوب في الصفحة، وبالتالي تزيد احتمالية أن يكون الإعلان مفيداً ومطابقاً لاهتمامات المستخدم".

اقرأ أيضاً: أسرار التفوّق المدرسي 
اقرأ أيضاً: مراحيض صديقة للبيئة تولد كهرباء لإنارة مخيم