خبث أم غباء؟

خبث أم غباء؟

08 أكتوبر 2014
+ الخط -
حين قرّرت الولايات المتحدة الاتعاظ من خطاياها في العراق وأفغانستان، وغرقها في المستنقعات التي يستحيل أن تخرج منها سالمة لنواحي السمعة والنفوذ والأرواح والتكلفة المادية والسياسية، فعلت ذلك بطريقة تسجّل لنفسها فيها خطايا أكبر من السابقة. يمكن أن يكون الشعار المركزي لاستراتيجية واشنطن في التحالف الدولي في سورية والعراق، هو عدم الاستعجال وترك الأمور تأخذ مجراها، قبل تشكُّل المشهد المأمول الخالي من التنظيمات المتشددة التي لا طاقة لأحد التعايش معها في الإقليم والعالم.

صحيح أن التكتيك والاستراتيجيا يختلفان جذرياً ما بين العراق وسورية، إلا أنّ هناك خطاً بيانياً يوحّد النظرة الأميركية تجاه الحرب في البلدين: ــ لا نريد سقوط ولو جنديا أميركيا واحدا في المعركة، ــ نريد أن يقوم أهل البلد بالدرجة الأولى، وهم الأَولى بالمعروف، بالمهمة التي تستنزف آلاف القتلى، وإن توفّر متطوعون غير عراقيين وغير سوريين فخير بخير. وأخيراً، لا بأس إن نقص عدد العراقيين والسوريين بضعة مئات الآلاف في حرب أهلية، طالما لن يؤدي ذلك إلى زلازل كبيرة في الجوار الحسّاس، النفطي أو الإسرائيلي أو التركي أو الأردني أو اللبناني أو الكردي العراقي.

وإلى حين إبرام التسويات السياسية التي تتيح تشكيل قوات "محلية" في العراق وسورية تقوم بالمهمة، يصبح تكتيك التحالف الدولي مقتصراً على ضبط النيران وتركها تحرق ما هو محصور بالحدود المرسومة. في سورية، يبدو المشهد أكثر تعقيداً من نظيره العراقي. ففي بلاد الرافدين يبدو الأميركيون مقتنعين بأن لا إمكانية للقضاء على "داعش" من دون تعديل الخريطة السياسية التي ظلمت العرب السنة، ووضعتهم في مرتبة دونية منذ احتلال العام 2003. أما في الشام، فيبدو العقل الأميركي إما خبيثاً أو غبياً، أو الاثنين معاً. ألا يدرك الأميركيون أن بقاء النظام الطائفي في دمشق، سيظلّ بالضرورة السبب الأساس لوجود "داعش" وأشباهه؟ طبعاً يعرفون، لكن كل شيء يوحي بأن إطاحة النظام السوري بالنسبة لواشنطن، يبدو هدفاً بعيد المدى لا يزال الحديث عنه حتى مبكراً، إلا إن ظهر متبرّعون للمهمة يتعهدون بألا تخرج نيران سقوط آل الأسد عن الحدود المرسومة أيضاً.

المساهمون