خالد الجندي وطبيبة دير سمالوط

خالد الجندي وطبيبة دير سمالوط

30 يناير 2020
+ الخط -
لو عرف الشيخ خالد الجندي، شيخ السلطان ويفتخر بذلك ليلا ونهارا، أن طبيبة دير سمالوط، نورا كمال عبد اللطيف، "الشهيدة الثالثة"، رغم أنف عمامته وقمصانه الكاجوال، هي ابنة قرية صغيرة اسمها دير سمالوط، تبعد عن بلدتي سمالوط كيلومتر واحدا، وأتذكّر أن تلك البلدة الزراعية لم تكن أي سيدة فيها تستطيع أن تخرج ليلاً خارج بلدتها، إلا ومعها خمسة أو ستة من الرجال وبالعصي أيضاً، ولو عرف الشيخ خالد الجندي أن الشهيدة ابنة رجل فلاح، علّمها من عرقه وتعبه، وحصلت على الثانوية العامة بمجموع متفوق، ولم يضطر والدها إلى إرسالها إلى رومانيا مثل وزيرة الصحة، وأن والدها الفلاح البسيط مات في مايو/أيار 2009، فحزنت عليه جدا، مقرّرة ألا ترتبط بأحدٍ من أجل حزنها، وتمنّت، كما كتبت في تغريدة، أن تلحق به. ففي الوقت الذي كانت ترقص فيه ممثلات مصر، بالجملة، في عيد ميلاد الملياردير سميح ساويرس، كانت نورا تحزم حقائبها متوجهة إلى القاهرة، لأداء عملها الذي أمرت به بليل، فتلقى الله، لأنها كانت في ميكروباص بالنفر قديم، وجاء قدرها، ولم يتم، لها أو لزميلاتها، حجز تذاكر طيران درجة أولى، للذهاب إلى جونة ساويرس وفنادقه، كما يحدث دائماً مع سعد الصغير، وإلهام شاهين وغيرهما، لأنها فلاحة بسيطة وقد صارت طبيبة، ولم تتمنّ في يوم أن تكون دبابة أو قنبلة تنفجر في وجه أحد، كما تمنت إلهام شاهين، ولكن تمنّت أن تؤدي عملها فقط وتعود إلى قريتها سالمة، فكيف يتوازى أجر فلاحة بسيطة لم تتمن دخول غزوة أو معركة بواحدة مثل إلهام شاهين، لها السبق في الجهاد والغزو، وتمنّت أن تكون دبابة للجيش والضباط. 
الجهاد بالطبع درجات، ولذا حرم الشيخ خالد الجندي نورا من مسمّى شهيدة، وقال في اليوم التالي لحادث الطبيبات "مينفعش نقول طبيبات المنيا شهيدات". كما أن السيدة إلهام سبقت الطبيبات زمنيا في الرمي بالسهم والرمح والمنجنيق، والدكتورة نورا وصديقاتها فقط مجرّد طبيبات متواضعات في أمة عوز، ولم يبلغن بالطبع ما بلغته نسيبة بنت كعب الخزرجية، لأن نسيبة كانت تقاتل وتضمّد الجراح. والفقه لا يطاول بنان الشيخ خالد الجندي كالعجين، إلا أمام أبواب السلاطين فقط، أما أمام الفقراء فتضيق عيون الفقيه حتى تكون أضيق من ثقوب غربال دقيق، فهو من مكانه يرى مكان السيسي في الجنة، ويرى الحدائق أيضا، والنعيم والحوريات بلا عقد شرعي، ولا حتى عرفي، ولذا يقول بيقين: "اللهم احشرني مع السيسي"، لأنه يرى منزلته في الجنة وهو في مكانه في الدنيا، أما نورا وصديقاتها فيشكّ الشيخ في شهادتهن.
ونسأل الشيخ خالد الجندي سؤالين حول النيّة والعمل وأجر الشهادة، فهل لو حزم المطرب حسين الجسمي حقائبه وجيتاراته ومعازفه، وركب الطائرة الإماراتية في الدرجة الأولى كي يغني لمصر في أعياد 30/6 وفي عرض البحر، لا قدّر الله، سقطت الطائرة، فتوفاه الله، فهل لا يعتبر شهيدا مثل الطبيبة نورا وصديقاتها؟ رجاءً، قبل أن يجيب أن "يتونّس" بآراء الدكتور سعد الهلالي مثلاً، فقد يزيده سعةً في مسالك الفقه والرحمة. والسؤال الثاني: هل لو استشارتك الممثلة ليلى علوي، مثلا، أنها إيماناً منها بوطنها سوف تترك الفن سنة، وتتوجه إلى كلية بريطانيا الملكية لدراسة الطب، من أجل سرطان الثدي الذي يقود السيسي حملته بنفسه من أجل نساء مصر وصحتهن الغالية عليه جداً. وأنت بالطبع وافقت، وسقت لها من أقوال نسيبة بنت كعب وأخواتها في صدر الإسلام والأندلس، وحزمت ليلى حقائبها وسافرت، وبزّت صديقاتها في الإلمام بعلم الطب والسرطان بشهود الأطباء. وفي عودتها أدت الفريضة كعادتها في كل عام، وهناك، لا قدّر الله، خرج السر الإلهي، فهل هي شهيدة أداء الواجب يا شيخ خالد، والرجاء، قبل أن تجيب أن تستشير الشيخ علي جمعة، نظراً إلى طول باعه في الفقه، وربنا يوقف لك ابن الحلال في النُّص.