02 يونيو 2024
حُكم القوة في فلسطين
خلال الأسابيع القليلة الماضية دمرت الجرافات الإسرائيلية، حوالي 15 دونمًا من الأراضي الزراعية الفلسطينية في منطقة وادي السمن جنوب الخليل في الضفة الغربية المحتلة. ثم دمرت الجرافات الإسرائيلية 15 دونمًا أخرى من الأراضي الزراعية الفلسطينية في قرية بتير الواقعة غرب بيت لحم، حيث اقتلعت 60 شجرة زيتون. وبعدها قطع المستوطنون الإسرائيليون 40 شجرة زيتون مملوكة لفلسطينيين من قرية المغير في قضاء رام الله وسط الضفة الغربية. وقد شهدت هذه القرية تصعيدًا في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين، مثل دهس قطعان الأغنام واقتلاع الأشجار والاستيلاء على الأراضي وحرق المساجد.
وقد تكرّر مشهد هذا التصعيد السافر في العنف الاستيطاني في قرية المغير، حيث يستمر المستوطنون بمهاجمة القرية. وأعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن "قلقها العميق إزاء تواصل الاعتداء وبشاعة العنف". إذ يُخلِّف العنف الاستيطاني الإسرائيلي تداعيات اجتماعية واقتصادية، كما يوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في
إشارته إلى "أن المستوطنين الإسرائيليين يقوِّضون سبل العيش المعتمِدة على الزيتون في مناطق عديدة بالضفة الغربية، إذ يقتلعون أشجار الزيتون ويخرّبونها، ويروِّعون المزارعين في موسم الحصاد ويعتدون عليهم جسديًا". يُضيف المكتب أيضًا أن متوسط عدد حوادث العنف الشهرية ازداد بتحريضٍ من المستوطنين بنسبة 57% في 2018 مقارنة بعام 2017، وبنسبة 175% مقارنة بعام 2016.
وتفيد منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" أيضًا، بخصوص الأعمال التخريبية التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون، بأن "أعمال العنف والتخريب التي يرتكبها المستوطنون تجري بغطاءٍ كامل من السلطات الإسرائيلية، حيث يشارك الجنود الإسرائيليون أحيانًا في هذه الاعتداءات؛ وفي أحيان أخرى، يقفون متفرّجين لا يحرّكون ساكنًا. ولا تبذل الشرطة جهدًا يُذكر للتحقيق في هذه الحوادث، ولا تتخذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوعها أو إيقافها عند وقوعها". ويضيف تقرير "بتسيلم" أن حوادث العنف الاستعماري الاستيطاني في الضفة الغربية، تُفيد إسرائيل لأن "العنف الاستيطاني يُجرِّد الفلسطينيين تدريجيًا من الأراضي في الضفة الغربية، ما يمهد الطريق أمام الدولة لكي تستولي على الأرض والموارد".
يستكشف كتاب جديد لصاحب المقال "فلسطين وحُكم القوة: المقاومة المحلية مقابل الحوكمة الدولية" الهياكل والعمليات التي تفسر تجليات العنف هذه، وكذلك المقاومة الفلسطينية لها. ويتناول الكتاب، خصوصا، تداعيات الاستعمار الاستيطاني والنيوليبرالية في فلسطين اليوم، وأشكال المقاومة اليومية التي تتصدّى لمنطق الحوكمة النيوليبرالية والاستعمار الاستيطاني وأنظمتهما. توضح القصص الحية التي وردت أعلاه كيف أن للأرض دورًا مركزيًا في النضالات ضد الاستعمار الاستيطاني. ويلقي الكتاب نظرةً فاحصة على إرث الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، وكيف أنه دمَّر ليستبدل، وغيَّر المسميات ليمحي ويطمس.
ومن تجليات القوة الأخرى التي يستعرضها الكتاب النظامُ السياسي والاقتصادي النيوليبرالي المحدِّد للسلوك اللائق في عصر الحداثة المتأخرة، والذي أوضح ما يجسده في فلسطين مشروعُ بناء الدولة، فعلى مدار الخمس والعشرين سنة الماضية، منذ توقيع اتفاقات أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية، ظل حُكم القوة يتجلّى في أجندات بناء المؤسسات والالتزامات، حيث تجسَّد في المساعدة الإنسانية والمعونة الأجنبية والتبعية، وفي القطاع السياسي والاقتصادي والأمني.
يرى المقرّر الخاص الأسبق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في فلسطين، ريتشارد فولك، أن هذه المقاربة النيوليبرالية "للسلام" هي التي ظلت سنواتٍ تُهيئ الساحة لمقترح الرئيس دونالد ترامب المسمّى "صفقة القرن" التي تهدف، في جوهرها، إلى إحلال أجندة اقتصادية من الوعود تَؤول، عند تطبيقها، على الواقع الهيكلي الفلسطيني، إلى تقوية الأمن و"الأمننة" وإضعاف المقاومة، من دون المساس بالاعتداءات المجحفة والمفسدة بحق الشعب الفلسطيني. يتحرّى الكتاب طُرق تفاعل النيوليبرالية مع الاستعمار الاستيطاني، للتعبير عن نوع محدّد جدًا من القوة التي تحكم في فلسطين اليوم.
وبينما تتجسّد القوة في هذه الطرق المحدّدة في فلسطين اليوم، يركز الكتاب كذلك على
استكشاف المقاومة والممانعة المحلية في فلسطين اليوم، ولا سيما ردا على حُكم القوة المتحقق من خلال منطق الحوكمة النيوليبرالية والاستعمار الاستيطاني وأنظمتهما.
ومع ذلك، ثمّة تحرّكاتٌ داخليةٌ وخارجية كثيرة تستهدف إسكات هذه المقاومة المحلية تجليات القوة. والمعونة الدولية وسيلةٌ أساسية يتم استغلالها لهذا الغرض، ففي حين أن هذه المعونة فشلت في إحلال السلام الدائم في فلسطين - إسرائيل، إلا أنها نجحت في وضع القواعد لسلامٍ قائم على المصلحة الأمنية، ولعمليات متمحورةٍ حول الأمن لبناء الدولة، ولإصلاحاتٍ سياسية تجرِّم المقاومة الفلسطينية.
يوضح ريتشارد فولك أن منجزات المقاومة المستمرة وطاقاتها الكامنة وانتقادها تبعات التعويل على إعادة الهيكلة النيوليبرالية لشعبٍ يرزح تحت القمع، تعطينا تصورًا مهمًا عمّا يجري في فلسطين، وما ينبغي عمله إذا ما أريد للسلام العادل أن يتحقّق، فعلى الرغم من الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقانون الدولي والإخفاق المخزي للقيادة الفلسطينية في تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني، لا ينبغي التغاضي عن الطاقة التحويلية الكامنة لدى شعبٍ معبأ القوى، وواسع الحيلة، وقادر على الصمود.
وتفيد منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" أيضًا، بخصوص الأعمال التخريبية التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون، بأن "أعمال العنف والتخريب التي يرتكبها المستوطنون تجري بغطاءٍ كامل من السلطات الإسرائيلية، حيث يشارك الجنود الإسرائيليون أحيانًا في هذه الاعتداءات؛ وفي أحيان أخرى، يقفون متفرّجين لا يحرّكون ساكنًا. ولا تبذل الشرطة جهدًا يُذكر للتحقيق في هذه الحوادث، ولا تتخذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوعها أو إيقافها عند وقوعها". ويضيف تقرير "بتسيلم" أن حوادث العنف الاستعماري الاستيطاني في الضفة الغربية، تُفيد إسرائيل لأن "العنف الاستيطاني يُجرِّد الفلسطينيين تدريجيًا من الأراضي في الضفة الغربية، ما يمهد الطريق أمام الدولة لكي تستولي على الأرض والموارد".
يستكشف كتاب جديد لصاحب المقال "فلسطين وحُكم القوة: المقاومة المحلية مقابل الحوكمة الدولية" الهياكل والعمليات التي تفسر تجليات العنف هذه، وكذلك المقاومة الفلسطينية لها. ويتناول الكتاب، خصوصا، تداعيات الاستعمار الاستيطاني والنيوليبرالية في فلسطين اليوم، وأشكال المقاومة اليومية التي تتصدّى لمنطق الحوكمة النيوليبرالية والاستعمار الاستيطاني وأنظمتهما. توضح القصص الحية التي وردت أعلاه كيف أن للأرض دورًا مركزيًا في النضالات ضد الاستعمار الاستيطاني. ويلقي الكتاب نظرةً فاحصة على إرث الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، وكيف أنه دمَّر ليستبدل، وغيَّر المسميات ليمحي ويطمس.
ومن تجليات القوة الأخرى التي يستعرضها الكتاب النظامُ السياسي والاقتصادي النيوليبرالي المحدِّد للسلوك اللائق في عصر الحداثة المتأخرة، والذي أوضح ما يجسده في فلسطين مشروعُ بناء الدولة، فعلى مدار الخمس والعشرين سنة الماضية، منذ توقيع اتفاقات أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية، ظل حُكم القوة يتجلّى في أجندات بناء المؤسسات والالتزامات، حيث تجسَّد في المساعدة الإنسانية والمعونة الأجنبية والتبعية، وفي القطاع السياسي والاقتصادي والأمني.
يرى المقرّر الخاص الأسبق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في فلسطين، ريتشارد فولك، أن هذه المقاربة النيوليبرالية "للسلام" هي التي ظلت سنواتٍ تُهيئ الساحة لمقترح الرئيس دونالد ترامب المسمّى "صفقة القرن" التي تهدف، في جوهرها، إلى إحلال أجندة اقتصادية من الوعود تَؤول، عند تطبيقها، على الواقع الهيكلي الفلسطيني، إلى تقوية الأمن و"الأمننة" وإضعاف المقاومة، من دون المساس بالاعتداءات المجحفة والمفسدة بحق الشعب الفلسطيني. يتحرّى الكتاب طُرق تفاعل النيوليبرالية مع الاستعمار الاستيطاني، للتعبير عن نوع محدّد جدًا من القوة التي تحكم في فلسطين اليوم.
وبينما تتجسّد القوة في هذه الطرق المحدّدة في فلسطين اليوم، يركز الكتاب كذلك على
ومع ذلك، ثمّة تحرّكاتٌ داخليةٌ وخارجية كثيرة تستهدف إسكات هذه المقاومة المحلية تجليات القوة. والمعونة الدولية وسيلةٌ أساسية يتم استغلالها لهذا الغرض، ففي حين أن هذه المعونة فشلت في إحلال السلام الدائم في فلسطين - إسرائيل، إلا أنها نجحت في وضع القواعد لسلامٍ قائم على المصلحة الأمنية، ولعمليات متمحورةٍ حول الأمن لبناء الدولة، ولإصلاحاتٍ سياسية تجرِّم المقاومة الفلسطينية.
يوضح ريتشارد فولك أن منجزات المقاومة المستمرة وطاقاتها الكامنة وانتقادها تبعات التعويل على إعادة الهيكلة النيوليبرالية لشعبٍ يرزح تحت القمع، تعطينا تصورًا مهمًا عمّا يجري في فلسطين، وما ينبغي عمله إذا ما أريد للسلام العادل أن يتحقّق، فعلى الرغم من الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقانون الدولي والإخفاق المخزي للقيادة الفلسطينية في تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني، لا ينبغي التغاضي عن الطاقة التحويلية الكامنة لدى شعبٍ معبأ القوى، وواسع الحيلة، وقادر على الصمود.