حوار الإسلاميين واليساريين ممكن في المغرب

16 اغسطس 2014
يالنسبة لإسلاميي المغرب الأيديولوجية عدوّة للسياسة (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -

وصلت العلاقة بين التيارين الإسلامي واليساري، في العديد من الدول العربية، إلى حد القطيعة، لكنها بقيت ممكنة في المغرب، إلى درجة خروج دعوات متزايدة من الطرفين لإرساء حوار سياسي، لمحاربة "الفساد والاستبداد" في البلاد.
وتبرز، بين فترة وأخرى، دعوات تُطلقها قيادات تنتسب إلى التيار الإسلامي أو اليساري، ترمي إلى تدشين حوار سياسي، والتغاضي عن الخلافات الأيديولوجية الموجودة بين الطرفين، من خلال الاتفاق على أرضية مشتركة تنتج آليات للتعايش السلمي بين الاختيارات السياسية والفكرية والعقائدية في البلاد.
وتطورت العلاقة بين الإسلاميين واليساريين في المغرب، خلال الحراك المغربي سنة 2011، بعد ظهور حركة 20 فبراير، التي طالبت بالإصلاح، إذ ضمّت آنذاك جماعة "العدل والإحسان" الإسلامية وتيارات يسارية مختلفة، قبل أن تُعلن الجماعة انسحابها من الحركة الاحتجاجية.

وتنامت الدعوات، منذ اندلاع "الربيع العربي" بصيغته المغربية، إلى إجراء حوار سياسي شفاف بين التيارات الإسلامية واليسارية، قد يُتوّج بمبادرات مشتركة أو رؤية موحدة للعديد من القضايا والملفات السياسية الشائكة في البلاد، رغم الاختلاف الأيديولوجي والعقائدي الظاهر بين هذه الأطياف السياسية.
ودعت جماعة "العدل والإحسان"، من خلال مبادرات العديد من قيادييها، إلى تجاوز التصنيفات "القبلية" بين ما هو إسلامي ويساري وعلماني وليبرالي، والابتعاد عن الاصطفاف الفكري والأيديولوجي، بهدف هدم الهوّة الشاسعة بين هذه التيارات، وتحقيق مطلب الإصلاح الجذري في البلاد.
وبحسب الجماعة، التي تعدّ أكبر التنظيمات الإسلامية المعارضة في المغرب، فإن "التصنيف يجب أن يكون وفق تيارين كبيرين بين مكونات الطيف السياسي في البلاد: الأول يدعو إلى الديمقراطية الحقيقية ومحاربة مظاهر الفساد والاستبداد، والثاني يقف إلى جانب تكريس التفرقة والتناقضات المجتمعية".



وتعتبر أدبيات "العدل والإحسان"، أن "الائتلاف السياسي، بتحديد الأولويات والأهداف المطلوبة، يُبدّد بشكل حاسم بؤر الاختلاف الأيديولوجي، الذي يتعيّن أن يبقى جانباً، وألا يؤثر على التوافقات السياسية المطروحة، باعتبار أن التركيز على الهوة الأيديولوجية بين الإسلاميين واليساريين لا يزيد هذه التيارات إلا فرقة". وبالنسبة للجماعة ذاتها، فإن الأيديولوجية تعتبر عدوة للسياسة، ولا سيما عندما تتصدى لها بمفاتيحها، التي تختلف تماماً عن مفاتيح وآليات السياسة، ومن ثم يمكن أن يحصل تعايش سياسي بين الإسلاميين واليساريين في المغرب، إذا ما تم الاحتكام إلى القانون، والالتزام بقواعد التنافس المدني الحضاري، والاعتراف بالآخر".
هذا الاعتراف بالآخر هو حجر الزاوية الذي لطالما دعا إليه قطاع من اليساريين المغاربة، وخصوصاً التيارات التي شاركت في حركة 20 فبراير، ليكون الخطوة الأولى في تحقيق اتفاق ثابت ومتين على مبادئ ديمقراطية أساسية لا شبهة فيها، ومحددة في ترسانة من القواعد الواضحة. 
وبالنسبة للأحزاب اليسارية، خصوصاً "الاشتراكي الموحد" و"النهج الديمقراطي"، فإن الغاية من الحوار بين فئة من الإسلاميين واليساريين، لن تكون حول برامج انتخابية موحدة، وإنما حول الاتفاق على صيغ للتفاهم والانخراط في مبادرات مشتركة بمطالب سياسية موحدة.

ويدعو اليسار المغربي، التيار الإسلامي، سواء الممثل داخل المؤسسات الرسمية أو الذي يعمل خارجها، إلى ضرورة الاعتراف المتبادل داخل وطن واحد يتسع للجميع، وفق تعبير قياديين يساريين.
كما يرى قياديون في اليسار أن الطريق معبّدة لإجراء حوار سياسي بينهم وبين إسلاميين، يكون خالياً من الشوائب الأيديولوجية، شرط بذل الطرفين جهوداً إضافية، للتعرّف بعضهم إلى بعض، من دون الاستناد إلى أحكام جاهزة مثقلة برواسب الماضي، والمتّسم بكثير من التنافر والخصومات بين الطرفين.
دلالات
المساهمون