حملتا ترامب وبايدن تدخلان المرحلة الحاسمة

حملتا ترامب وبايدن تدخلان المرحلة الحاسمة

08 سبتمبر 2020
يُكثر بايدن من جولاته الانتخابية في الفترة الأخيرة (ألكس وونغ/Getty)
+ الخط -

تنطلق رسمياً، اليوم الثلاثاء، المرحلة الأكثر نشاطاً من حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والتي من المتعارف بدايتها مباشرة بعد عيد العمال الأميركي، الذي يصادف أول إثنين من سبتمبر/أيلول. وعلى بعد أقل من شهرين من انتخابات الرئاسة الـ59 في البلاد، لم يدخل أي رئيس أميركي حملة إعادة انتخابه بعد عيد العمال، بمثل الضعف الذي يعيشه دونالد ترامب، وذلك منذ ذات التاريخ قبل 28 عاماً، حين كان الرئيس جورج بوش الأب بمثل هذا الضعف، وخسر فرصة إعادة انتخابه، أمام المرشح الديمقراطي بيل كلينتون.

الرئيس في موقع الدفاع في ولايات الجنوب والغرب الأميركي

وعلى الرغم من اختلاف الظروف والأحداث، ومن خسارة بوش بعد 12 عاماً من حكم الجمهوريين، أنهت الحرب الباردة، وكانت مفصلية في حرب الخليج الأولى، إلا أن الانكماش الاقتصادي، وتراجع الاهتمام الأميركي بالسياسة الخارجية، اللذين شكلا أبرز أسباب خسارة بوش، قد يدفعان مجدداً إلى حرمان ترامب من 4 سنوات إضافية في البيت الأبيض. ويأتي ذلك بالإضافة إلى حملة ترامب، التي أجبرت في ظرفٍ قياسي أن تنتقل من الهجوم والثقة الذاتية المفرطة، على الرغم من حملة الديمقراطيين لعزل الرئيس، وفضيحتي التدخل الروسي و"أوكرانيا غيت"، إلى حالة الدفاع في مواجهة أكثر من أزمة ألمّت بالبلاد منذ بداية 2020، وتوالت لجعل الرئيس يتراجع في استطلاعات الرأي أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن. وفيما يكثف الأخير خطابه الهجومي على خصمه، وزياراته الانتخابية التي كانت انعدمت لأشهر بسبب ظروف وباء كورونا، تبدو استراتيجية ترامب الانتخابية متمحورة حول استعادة ثقة ناخبين بيض في الأرياف، وفي الولايات المتأرجحة كان فقد دعمهم قبل يوليو/تموز الماضي، بسبب تداعيات الوباء.

وبمقارنة خطاب الاتحاد الأخير الذي ألقاه ترامب بداية فبراير/شباط الماضي، قبل يوم من تصويت الكونغرس على عزله، وأسقطه الجمهوريون، مع خطابه اليوم، يسهل إدراك مدى التأثير السلبي الذي تركته انعكاسات كورونا على الواقعين الاقتصادي والصحي في البلاد، بالإضافة إلى الفوضى التي أحدثها الحراك المناهض للعنصرية في الولايات المتحدة، على رسالة ترامب الانتخابية. ففي فبراير الماضي، كانت التوقعات أن يكون خطاب الاتحاد الأخير لترامب في ولايته الأولى، بمثابة انطلاق لحملته الانتخابية لولاية ثانية، وأن يكون مفعماً بالثقة، ويعبر عن رئيس تمرس في الحكم، وتمكن من تحقيق "العودة الأميركية" التي كان وعد بها حين رفع شعار "أميركا أولاً"، أي أنه لم يعد مجرد ذلك "الدخيل" الذي اختار الناخبون منحه فرصة التغيير في 2016. وهذا الأمر حصل بالفعل، حين تحدث ترامب في 5 فبراير من الكونغرس عن "اقتصاد أميركي في أوجه، وتأمين الحدود، وتقوية الجيش، وازدهار العائلات، وتجديد القيم، واستعادة التفوق". وإلى حدّ ما، تمكن ترامب حينها، وبخلاف التوقعات، أن يقدم خطاباً "وطنياً"، حين تحدث عن "مجتمع جامع"، مركزاً على أرقام انخفاض البطالة وتأمين الوظائف، واتفاق "نافتا" التجاري (مع المكسيك وكندا) والذي جرى استبداله، وعلى مواجهة الصين اقتصادياً.
هذه الثقة تراجعت إلى حدّ كبير، مع أزمتي كورونا وحراك السود، ودفعت ترامب وحملته إلى إعادة التموضع مجدداً، بين خطاب المرشح "من خارج المنظومة" الذي كان عليه في 2016، والرئيس القوي، رافع راية "القانون والنظام" التي يحاول ترامب تسويقها في مواجهة التظاهرات المندلعة في أكثر من ولاية أميركية، لا سيما في الديمقراطية منها، للمطالبة بالعدالة والمساواة العرقية. ويسعى الرئيس لكسب قاعدته من أصحاب الياقات الزرقاء والبيضاء (العمال والموظفين) خصوصاً بتبنيه شعارا صارما يتعلق بالقانون والنظام، حوّل ترامب إلى رئيس "منفصم" مع الواقع، وسهّل الهجوم الديمقراطي عليه. وبحسب مرشحة بايدن لنائبة الرئيس، كمالا هاريس، فإن ترامب "يعيش في واقع مختلف"، عبر نفيه وجود عنصرية منهجية في البلاد. كما انتقدت هاريس، التي تلعب دوراً مهماً لكونها مرشحة "ملونة" في ولايات المعارك، سياسة ترامب في التعامل مع كوفيد 19، مؤكدة أنه فشل ذريع.
إلى ذلك، وعلى الرغم من عنصر المفاجأة الذي لا يزال قوياً، ويبقي ترامب كالمرشح الفائز لدى المراهنين، يواصل بايدن تقدمه في الاستطلاعات، وإن بتراجع إلى ما بين نقطتين و8 نقاط كفارق عن الرئيس، من 10 نقاط مع نهاية يونيو/حزيران الماضي. وقد يحقق ترامب انقلاباً بعد المناظرات الرئاسية الثلاث المنتظرة بين الرجلين، وأولها نهاية سبتمبر. وتشير آخر الاستطلاعات إلى استمرار ثقة نسبة كبيرة من الناخبين في قدرة الرئيس على التعامل مع الاقتصاد، فيما يفضلون بايدن لإنهاء الانقسامات ومواجهة كورونا. في المقابل، يعول ترامب على لقاح أميركي يمكن استخدامه داخلياً قبل الانتخابات، وعلى تأجيج الانقسامات.

أظهرت استطلاعات أجريت بعد المؤتمرين العامين للحزبين، في أغسطس الماضي، ثبات تقدم بايدن

وبحسب "نيويورك تايمز"، أظهرت استطلاعات أجريت بعد المؤتمرين العامين للحزبين، في أغسطس الماضي، ثبات تقدم بايدن، مع احتدام السباق في ولايات تمكن ترامب فيها من استعادة دعم جزء من الناخبين يميلون للجمهوريين، وكانوا تخلوا عنه في أوج أزمة كورونا. لكن بايدن يواصل تقدمه لدى كل الفئات الأخرى، خصوصاً في المناطق الأكثر تضرراً من الوباء. ورأت الصحيفة أن استمرار تحميل ترامب منافسه المسؤولية عن مشاهد العنف التي أفرزها الحراك ضد العنصرية، دفع بايدن لموقع الهجوم بدوره، وهو سلوك حثّه عليه مقربون منه منذ وقت. ويرى الحزبان فرصة ضعيفة أمام ترامب للفوز، تعتمد بشكل كبير على ولايات بيضاء مثل ويسكونسن ومينيسوتا، فيما الرئيس أيضاً في موقع الدفاع في ولايات في الجنوب والغرب الأميركي، كان ربحها في 2016، مثل فلوريدا، كارولينا الشمالية، أريزونا وجورجيا. وزار بايدن بنسلفانيا أمس، ويتوجه إلى ميشيغن غداً الأربعاء. وقال مورغون جاكسون، مستشار لروي كوبر، حاكم كارولينا الشمالية الديمقراطي، إن نائب الرئيس السابق يتمتع بتقدم ثابت لكن متواضع في الولاية، وأن ناخبيها المتأرجحين يركزون على الوباء. وأكدت آمي كلوبوشار، السيناتورة عن مينيسوتا، أن بايدن يعتمد الخطاب الأنسب للقاعدة في مناطق الوسط الغربي، عبر دعم إصلاح الشرطة ومعارضة العنف في آن.