يستمر الجدل في المغرب حول الفصل 222 من القانون الجنائي، ومدى تعارض مضامينه مع القوانين الدولية، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على حرية الدين والمعتقد، ويطالب الناشطون المغاربة بحذف هذا الفصل الذي يجرّم المجاهرة بالإفطار في شهر الصيام.
وأطلقت الحملة الدولية "مجموعة أقليات"، لمناهضة التجريم والتمييز ضد الأقليات الجنسية والدينية تحت شعار "222 برا، مغاربة ماشي مسلمين"، ودعت من خلاله إلى تفعيل "هاشتاغ" إسقاط الفصل، إلى جانب بث صور ومقاطع "فيديو" ومقالات، وأشكال احتجاجية، للمطالبة بـ"حذفه من مسودة القانون الجنائي الجديد، وكل الفصول التي لا تحترم الحريات الفردية للمواطنات والمواطنين".
وقال زهير المشردل، وهو أحد نشطاء هذه الحملة "يجب على الدولة المغربية الالتزام بالمواثيق الدولية، وعدم التضييق على الحريات، ومنها الفصل 222 من القانون المغربي، القاضي بمتابعة وسجن كل من أفطر بشكل علني خلال رمضان".
وأضاف "كمواطن مغربي من حقي الإفطار في رمضان علانية في الشارع، في الحدائق والمقاهي والمطاعم، وليس في ذلك أي استفزاز لمشاعر المسلمين، متسائلا لماذا يصلي المسلم في الشارع ويمارس مختلف طقوسه الدينية من دعاء ونشر عقيدته بشكل علني؟".
وطالبت مجموعة "أقليات" أيضا بالتوقف الفوري عن ملاحقة واعتقال الأشخاص في رمضان بتهمة الإفطار العلني في رمضان، وقالت عبر بيان لها "رغم أن المعتقلين غير مسلمين، إلا أن الدولة تفرض عليهم دينها الرسمي، وتجعل منهم مغاربة مسلمين، وبالتالي تطبق العقوبات في حقهم، استنادا إلى الفصل 222 المذكور".
وفي الوقت الذي عبّرت فيه فئة واسعة من المجتمع المغربي عن رفضها هذه الحملة ومضمونها، وشجعت على تجريم الإفطار العلني، كما هاجمت عبر تعليقات صفحة المجموعة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أبدت جمعيات ومنظمات حقوقية تأييدها لهذه الدعوة التي تتكرر للمرة الثالثة على التوالي، ولا تجد أي استجابة من السلطات أو الدولة المغربية.
وقالت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن: "تجريم الإفطار جهرا في رمضان يناقض التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان، خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقع عليه منذ عدة عقود، والذي يضمن احترام حرية العقيدة، كما يناقض التوصية التي صوّت عليها قبل 3 سنوات".
وأضافت: "معاقبة المختلفين عقديا والزجّ بهم في السجن، بموجب الفصل 222، يشكل تعارضا مع التزام المغرب أمام المجتمع الدولي، فأين نحن من حرية الاختلاف العقدي؟ وبأي حق نسجن هؤلاء؟".
ولفتت الرياضي إلى أن هذا الفصل يكرس عقلية الرافضين بمختلف توجهاتهم، والذين يتحيّنون الفرصة للهجوم على من أظهروا الاختلاف العقدي معهم، وأشارت إلى أن الدولة المغربية تتحمل مسؤوليتها كاملة، "ومادامت ملتزمة بحرية العقيدة والتثقيف الحقوقي، فيجب عليها أن تربي الناس على الاختلاف، وتمنع الخطابات الدينية المتطرفة في المساجد وغيرها، وتشجع على تمرير قيم التسامح والاختلاف واحترام الآخر".
وعلى النقيض من هذا الرأي، وقف الشيخ والداعية السلفي حسن الكتاني، موقف الرافض والمناهض لمثل هذه الحملات، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "إطلاق هذه الحملات وما شاكلها للمطالبة بالإفطار العلني في شهر الصيام، هو نوع من الوقاحة والتجرؤ على الدين، بدعم من منظمات خارجية هدفها إفساد العباد وخلق الفتنة".
ودعا الكتاني إلى التصدي لدعوات مثل هذه الأقليات "يجب الوقوف في وجه هذه الشرذمة ومنعهم من التجمع وإبداء مثل هذه الآراء، حتى لا ينتهكوا حرمة الشعب"، مشيرا إلى أنهم إذا اختاروا أن يكونوا غير مسلمين فليغيّروا البلد.
يذكر أن الفصل 222 ينص على أن "كل من عُرف باعتناقه الدين الإسلامي، وجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، من دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر، وغرامة من 12 إلى 120 درهما" (تم اعتماد 200 درهم كحد أدنى للغرامات الجنحية)؛ فيما رفعت مسودة القانون الجنائي الجديد الغرامة إلى ما بين 2000 إلى 10 آلاف درهم، على أن تطاول الجانح إحدى العقوبتين وليس كليهما.