حماية الاحتكار واجب وطني!

25 أكتوبر 2014
+ الخط -

حكومتنا في مصر من أعظم الحكومات إحساساً بمعاناة الشعب وآلامه، واستجابة لتطلعاته. لا تتخذ أي قرار إلا بعد دراسة مستوى الرضى الشعبي تجاهه، ولهذا، استجابت لتطلعات مواطنيها برفع دعم السلع الغذائية جزئياً، وتهلَّل المواطنون بهذا الإجراء السعيد. وعندما ألحَّ المواطنون في طلبهم رفع الدعم عن المواد البترولية، استجابت الحكومة، فوراً، بزيادة أسعار المحروقات، وازدادت معها سعادة المواطنين لهذه القرارات العظيمة!

ما أروعها من حكومة، تتخذ كل قراراتها استجابة لرغبة الشعب، وبناءً على إرادته الحُرّة، والتي يعبّر عنها إعلامنا المحترَم!

ولأنّ الشعوب على دين إعلامها، حسب المقولة الشهيرة، فإنّ كُلّ قرار تتخذه حكومتنا يكون مسبوقاً بزخَم إعلامي، يوفّر غطاءً من القبول الشعبي الحقيقي، وليس المُزَيّف، كما يدّعي المُغرضون.

ومن هذا المنطلق، وحمايةً للصناعة المصرية، فرضت الحكومة رسوم حماية على الحديد الصيني والتركي، بنسبة قدرها 7.3% بما يعادل 290 جنيهاً على الطنّ، لأنّ واردات الحديد من الصين وتركيا تنخفض أسعارها عن نظيرتها في السوق المحلِّي، ما يهدِّد الصناعة المحليّة!

وللمواطن المصري مع حديد الصلب المصري قصص وحكايات، بداية من "إمبراطورية عِزّ" وقصص الاحتكار التي مارستها مصانعه، في ظلّ حماية من الدولة لهذا الاحتكار، فكانت أسعاره تفوق السعر العالمي كثيراً، من دون أن تلقي الدولة بالاً لمعاناة المواطنين، ومستوى معيشتهم المتدني.

ولأنّ اتحاد الصناعات المصرية يسعى إلى حماية رجال الأعمال، وليس الشعب، ويختم إعلانه في إحدى الصحف المصرية بعبارة "حماية الصناعة المحليّة واجب وطني"، فإنّه لم يلتفت إلى ضرورة أن تسعى الجهات المنتجة للحديد للمنافسة وتخفيض السعر لصالح البسطاء، وليس للاحتكار لصالح رجال الأعمال الذين تتضخم أرصدتهم على حساب الشعب.

وحالات الاحتكار السابقة والحالية لأسواق الحديد والإسمنت توضّح أنّ سياسات الحكومة لحماية رجال الأعمال الداعمين للنظام، أوْلى من حماية الفقراء من الاستغلال الذي يمارسونه تحت شعار "حماية الاحتكار واجب وطني"!

ولهذا، ليس غريباً أن نسمع قريباً عن قرارات جديدة للحكومة، تستجيب فيها لنداءات الشعب، بزيادة رسوم الإغراق على الحديد والإسمنت وغيره، حتى يتمكّن التجار "القنوعون" من زيادة الأسعار بصورةٍ تُرضي طموح الشعب الغائب!

avata
avata
أحمد محمد الدماطي (مصر)
أحمد محمد الدماطي (مصر)