قرار حل "الإخوان المسلمين" في الأردن: أبعاد سياسية بمعركة قانونية لم تنته فصولها

16 يوليو 2020
لا يزال الحكم بانتظار قرار محكمة الاستئناف (Getty)
+ الخط -

ما زالت هناك جولة قانونية أخرى بعد إصدار محكمة التمييز الأردنية، وهي أعلى سلطة قضائية في الأردن، قراراً في القضية التمييزية رقم 2013/2020، يقضي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين "منحلة حكماً وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية"؛ فالجماعة ما زالت لم تحل على أرض الواقع بانتظار قرار من محكمة الاستئناف.

وحتى في حال كان قرار محكمة التميز قطعيا، فحزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للحزب، مرخص قانوناً، وله 10 نواب في مجلس النواب، ولا تأثير لهذه القضية على وضعه القانوني.

ويتعلق  القرار الجديد بالجماعة التي تقوم بالعمل الدعوي والخيري. فوفق القرار الصادر عن محكمة التميز، فإن "جمعية الإخوان المسلمين التي جرى تأسيسها عام 1946، تعتبر منحلة حكماً من تاريخ 16 يونيو/ حزيران 1953 تطبيقاً لحكم المادة 12 من قانون الجمعيات الخيرية رقم 36 لسنة 1953 المنشور على الصفحة 550 من عدد الجريدة الرسمية رقم 1134 وبعد مرور شهر على نشره في الجريدة الرسمية".

واعتبر قرار سابق لمحكمة الاستئناف "جمعية الإخوان" المرخصة عام 2015 ليست خلفاً  قانونياً لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة قانوناً، لأن الجماعة المنحلة ليس لها وجود قانوني أصلاً منذ عام 1953، وبالتالي لا يكون الخلف لشخصية قانونية منعدمة منذ عام 1953.

الجماعة المنحلة ليس لها وجود قانوني أصلاً منذ عام 1953

ويقول المحلل السياسي الأردني محمد أبو رمان، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، وزير الثقافة والشباب الأسبق، لـ"العربي الجديد"، إن هذا القرار يثبت الوضع الحالي للجماعة الذي بدأ منذ عام 2015، وهو اعتبار جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1945 جماعة فاقدة للشخصية القانونية مع مصادرة أموالها وأملاكها.

ويضيف أن "الآمال التي ربطتها الجماعة على القرار السابق لمحكمة الاستئناف بأن الجمعية الجديدة والمشكّلة عام 2015 ليست خلفا للجماعة، تلاشت مع القرار الجديد، بعد أن كان القرار السابق  يقضي باستعادة الجماعة لأموالها".

ويلفت  إلى أن "الجماعة الآن ليست كيانا سياسيا أو قانونيا بعد القرار، وهذا أعاد الجماعة إلى الحقيقة"، لافتاً إلى أن "توجه الدولة بشكل رئيسي هو عدم عودة العلاقة مع الجماعة إلى صيغتها السابقة خلال الفترة الطويلة الماضية، وبالتالي التفكير ببدائل أخرى".

هناك بدائل، أبرزها الانتقال بشكل كامل وكلي إلى حزب جبهة العمل الإسلامي، وهناك خيار إعادة التسجيل

رغم ذلك، يشير أبو رمان إلى أن "القرار كان متوقعا من الجماعة سابقا، ولديهم سيناريوهات مختلفة، وكان هناك تصور داخل الجماعة أن هذا هو السيناريو الأرجح، وبالتالي هم أمام بدائل؛ أبرزها الانتقال بشكل كامل وكلي إلى حزب جبهة العمل الإسلامي، وهناك خيار إعادة التسجيل، وهو ما سبقتهم إليه الجمعية في عام 2015".

ويستطرد بأن من الخيارات أيضًا "الإبقاء على الوضع الحالي لتبقى الجماعة غير رسمية، كما كان الإخوان في مصر قبل ثورة يناير".

بدوره، يقول الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لفهم الأبعاد السياسية للقرار لا بد من العودة إلى الماضي، فالجماعة التي عملت منذ عام 1945 لم تحل عام 1957 عندما حلت الحكومة الأردنية جميع الأحزاب السياسية في ذلك الوقت، ولم تعامل كحزب واستمرت كجماعة".

ولفت إلى أنه "تم ترخيص حزب جبهة العمل الإسلامي مع عودة الحياة السياسية، لكن الحزب لا يستطيع القيام بالدور الدعوي والتنموي، وهو ما سيترك أثرا سلبيا على الجماعة"، موضحا أن "الأغلبية من أعضاء الحزب هم أفراد في الجماعة، والعكس صحيح أيضا".

ويوضح أن "الأردن لم يعتبر الجماعة جماعة إرهابية، وهذا موقف الملك عبد الله الثاني، لكن العلاقة حاليا بين الحكومة والحركة الإسلامية ليست على ما يرام؛ فهناك خلافات كبيرة حول الأوضاع في ليبيا وسورية، والسياسة الداخلية".

من جهته، يقول محامي جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بسام فريحات، لـ"العربي الجديد"، إن "القضايا المنظورة أمام المحاكم المختصة في المملكة بالنزاع القائم مع الجمعية  المرخصة لم تأخذ الدرجة القطعية"، مشيرا إلى أن "محكمة التمييز أعادت القضية إلى محكمة الاستئناف والتي لها الصلاحية والحق بأن لا تلتزم بقرار محكمة التمييز".

العلاقة حالياً بين الحكومة والحركة الإسلامية ليست على ما يرام؛ فهناك خلافات كبيرة حول الأوضاع في ليبيا وسورية، والسياسة الداخلية

ويردف: "سنقدم مرافعتنا أمام محكمة الاستئناف، التي أقرت في قرارها السابق بصحة الشخصية المعنوية والاعتبارية للجماعة الأم، وأن من حقها التملك والتقاضي، وتتمتع حتى الآن بوجودها القانوني، وأن القوانين المتعلقة بالجمعيات لا تنطبق عليها كونها في عام 1953 نزعت عنها صفة الجمعية، وأصبحت شخصة معنوية مستقلة".

ويتوقع فريحات أن تصرّ المحكمة على قرارها السابق، موضحا أن "أمام المحكمة خيارين؛ إما اتباع قرار محكمة التمييز، أو مخالفته، وإذا خالفته يكون هناك إلزام باجتماع الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وهنا تكون هناك خيارات؛ إما الاستمرار بالقرار الحالي، أو تغييره، أو رفضه، وهذا يعني أن هناك خطوات قانونية قادمة من قبل الجماعة تجاه القرار".

ويوضح أن هذا القرار "جاء استجابة للدعوى التي رفعتها الجماعة على دائرة الأراضي والمساحة، وعلى جمعية جماعة الإخوان المسلمين في طلب إبطال نقل ملكية الأراضي والعقارات للجماعة القانونية التي صوبت أوضاعها عام 2015".

بدوره، أوضح أستاذ القانون في جامعة العلوم الإسلامية في الأردن حمدي قبيلات، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "جماعة الإخوان المسلمين كانت تعمل دون إطار قانوني وكانت الحكومة تغض الطرف عنها، لكن بعد النزاع مع الجمعية الجديدة التي انبثقت وانشقت عن الجماعة الأصلية، كان الخيار أن من يصوب الوضع القانوني وفق التشريعات الأردنية هو  المعترف به قانونيا، وصوبت الجمعية أوضاعها عام 2015، في حين أن الجماعة لم تصوب أوضاعها".

ويعتقد القبيلات أن الحكم بحل الجماعة "هو ربما يكون إعلاميا أكثر مما هو واقعي، فجماعة الإخوان من فترة طويلة تعمل من خلف الكواليس، وهناك حزب معلن هو جبهة العمل الإسلامي، والآن إما أن يستمروا بالعمل دون غطاء قانوني، أو أن يشكلوا جمعية أو تنظيما جديدا".​