حلف شمال الأطلسي يعقد اجتماعاً غداً بشأن قضية تسميم نافالني

حلف شمال الأطلسي يعقد اجتماعاً استثنائياً غداً بشأن قضية تسميم نافالني

03 سبتمبر 2020
أكدت ألمانيا وجود أدلة قاطعة على تعرض المعارض الروسي للتسميم (Getty)
+ الخط -

تعقد هيئة صنع القرار الرئيسية في حلف شمال الأطلسي اجتماعاً استثنائياً غداً الجمعة، لمناقشة قضية تعرّض المعارض الروسي أليكسي نافالني المفترض إلى التسميم، في وقت رفض الكرملين التهم الموجهة لموسكو بالوقوف وراء تسميمه.

وأعلن الحلف أن "مجلس شمال الأطلسي" سيجتمع، بينما سيتحدث الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ إلى وسائل الإعلام بعد الاجتماع. وأكد دبلوماسي لـ"فرانس برس" أن الاجتماع سيناقش قضية نافالني.

ورفض الكرملين، في وقت سابق اليوم الخميس، التهم الموجهة لموسكو بالوقوف وراء تسميم نافالني، في وقت تزايدت الدعوات لتحرّك دولي بعدما قالت ألمانيا إنه تعرّض للتسميم بمادة "نوفيتشوك".

ويطالب القادة الغربيون موسكو بتوضيحات بعدما أعلنت برلين الأربعاء عن وجود "أدلة قاطعة" على أن معارض الكرملين البالغ 44 عاماً تعرّض للتسميم بواسطة غاز الأعصاب.

وتنفي روسيا وجود أي أدلة على أن نافالني تعرّض للتسميم، بينما قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف اليوم إن برلين لم تقدّم أي إثباتات لموسكو، مضيفاً: "ليس هناك أي مبرّر لاتهام الدولة الروسية"، رافضاً الحديث عن احتمال فرض عقوبات اقتصادية على موسكو، وداعياً الغرب لتجنّب إطلاق "أحكام متسرّعة".

يطالب القادة الغربيون، موسكو، بتوضيحات بعدما أعلنت برلين الأربعاء عن وجود "أدلة قاطعة" على أن نافالني تعرّض للتسميم بواسطة غاز الأعصاب

بدوره، أفاد المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس في بيان بأنه "بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، فإن تسميم أي شخص باستخدام غاز أعصاب يُعدّ استخداماً لأسلحة كيميائية. يُعدّ أي اتهام من هذا القبيل مسألة مثيرة للقلق البالغ". وأضاف أن "استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي جهة في ظل أي ظروف... أمر مستهجن ويتعارض تماماً مع المعايير القانونية التي وضعها المجتمع الدولي"، معرباً عن استعداد الهيئة الدولية لمساعدة أي بلد يطلب منها ذلك.

ومَرِض نافالني، الذي يُعدّ بين أشدّ منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما كان على متن رحلة جوية الشهر الماضي وخضع للعلاج في مستشفى في سيبيريا قبل إجلائه إلى برلين. وأثار إعلان ألمانيا أنه تعرّض للتسمم بـ"نوفيتشوك"، المادة ذاتها التي استخدمت ضد العميل الروسي المزدوج سابقاً سيرغي سكريبال وابنته في بلدة سالزبوري الإنكليزية قبل عامين، إدانات واسعة ودعوات لفتح تحقيق في الأمر.

وتسعى موسكو، التي تعاني أساساً من عقوبات غربية واسعة النطاق فرضت على خلفية ضمها شبه جزيرة القرم وتداعيات تفشي كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط، لتجنّب أي ضغط إضافي على اقتصادها.

"علاقات مسمّمة"

وتسبّب إعلان ألمانيا الأربعاء، بانخفاض الروبل إلى أدنى مستوياته مقابل اليورو منذ 2016، بينما تراجع مؤشر "أر تي إس" في موسكو بأكثر من ثلاثة في المئة.

وقالت صحيفة "كوميرسانت" المتخصصة بالمال والأعمال إن "علاقات روسيا بالغرب تسمّمت مجدداً بواسطة نوفيتشوك"، مضيفة أنه بات من الواضح أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يفكران جدياً بفرض عقوبات جديدة. وأضافت "السؤال الرئيسي هو، إلى أي مدى سيمضيان قدماً بذلك".

ومن شأن أي أزمة جديدة في العلاقات مع الغرب أن تهدّد كذلك مشروع "نورد ستريم 2" لمدّ خط أنابيب غاز بكلفة عشرة مليارات يورو (11 مليار دولار)، وهو على وشك أن يتم استكماله في قاع بحر البلطيق، والذي يتوقع أن يضاعف شحنات الغاز الطبيعي الروسية إلى ألمانيا.

وتأجّل المشروع لشهور بعدما تحرّكت واشنطن لفرض عقوبات جديدة على الشركات المنضوية في "نورد ستريم 2" على خلفية المخاوف حيال تزايد النفوذ الروسي. وأعربت ألمانيا عن غضبها حيال الخطوات الأميركية، معتبرة أن واشنطن تتدخل في شؤونها الداخلية. لكن صحيفة "بيلد"، الأكبر في البلاد، دعت اليوم الخميس إلى تعليق المشروع، مشيرة إلى أنه "ما لم تتوقف الحكومة (الألمانية) عن أعمال بناء نورد ستريم 2، سينتهي بنا الأمر قريباً إلى تمويل هجمات نوفيتشوك التي يقوم بها بوتين".

ورفض بيسكوف هذه الدعوات التي وصفها بأنها "تصريحات عاطفية"، قائلاً إن المشروع "يصب في مصلحة روسيا وألمانيا والقارة الأوروبية بأكملها".

حادثة مزيفة؟

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن النتائج التي تم التوصل إليها بشأن تسميم نافالني بـ"نوفيتشوك" تثير "أسئلة جدية للغاية بإمكان روسيا وحدها، بل ويتعين عليها، الإجابة عنها".

بدوره، قال رئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو، اليوم الخميس، إن قوات الأمن في بلده اعترضت اتصالات ألمانية تكشف أنه تم تزييف عملية تسميم نافالني. وقال لوكاشينكو لرئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، إن الاتصال الذي تم اعتراضه بين برلين ووارسو يكشف أنه تم "تزييف" الحادثة. وأضاف لوكاشينكو، الذي يواجه ضغوطاً من المتظاهرين الذين يطالبون باستقالته، خلال لقائه ميشوستين في مينسك "لم يتم تسميم نافالني. قاموا بالأمر على حد قولهم "لثني بوتين عن التدخل في شؤون بيلاروسيا".

ويذكر أن غاز "نوفيتشوك" سم طوّره السوفيات نهاية الحرب الباردة، ويمكن استخدامه كمسحوق ناعم للغاية أو على شكل سائل أو بخار. واستخدم ضد سكريبال في بريطانيا عام 2018، في إطار محاولة اغتيال تعتقد دول غربية أن الكرملين أمر بتنفيذها، وهو أمر تنفيه روسيا.

ومرض نافالني بعدما صعد على متن طائرة في سيبيريا الشهر الماضي، حيث أشار مقرّبون منه إلى اشتباههم بأنه تناول كوب شاي احتوى على مادة سامة في المطار. وخضع للعلاج في البداية في مستشفى محلي، حيث قال الأطباء إنهم لم يعثروا على أي مواد سامة في دمه، قبل أن يُنقل إلى برلين للخضوع للعلاج في 22 أغسطس/آب.