حلبة "لوس أنخيليس" للرقص في مكسيكو... فارغة إلا من الذكريات

حلبة "لوس أنخيليس" للرقص في مكسيكو... فارغة إلا من الذكريات

20 يوليو 2020
أطفأ "لوس أنخيليس" أنواره في 22 مارس (بيدرو باردو/فرانس برس)
+ الخط -

خنقت جائحة كوفيد-19 صالون الرقص "لوس أنخيليس" في مكسيكو، إذ بات هذا المعلم الشهير في العاصمة المكسيكية فارغاً، يعيش على ذكريات كبار طبعوا خطاهم على حلبته، كليون تروتسكي والفنان التشكيلي دييغو ريفيرا، وعدد من المفكرين... والثوار.

فقد أطفأ "لوس أنخيليس" أنواره في 22 آذار/مارس الفائت، ولم يُعلَن مذّاك عن أي موعد لإعادة فتح هذا المكان ذي الرمزية الكبيرة في شارع غيريرو المركزي في مكسيكو.

ولو كان لألواح "لوس أنخيليس"الخشبية أن تنطق، لَرَوَت حتماً قصّة أولئك الكتّاب المكسيكيين الذين شربوا نخباً في المكان، أو حكاية الثوار الزاباتيين الذين وضعوا أسلحتهم فيه. وبين جدران هذا المبنى، بلونيها الأحمر والفوشيا، التقى الممثل المكسيكي الكبير كانتينفلاس (من أبرز أفلامه "أراوند ذي وورلد إن 80 دايز") حبيبته الجميلة الممثلة المكسيكية من أصل روسي فالنتينا إيفانوفا، بحسب ما ذكره جورج بيريك في كتابه "أتذكّر".

لكن "لوس أنخيليس" العابق بتاريخ يمتد 83 عاماً، يواجه مستقبلاً مجهولاً، إذ إن جائحة كوفيد-19 قد تحيله على الصمت. وقد سارع مالكه إلى إطلاق حملة لجمع التبرعات لمواجهة شبح الإفلاس الذي يقترب.

وقال ميغيل نييتو، حفيد مؤسس النادي، لوكالة فرانس برس: "كان وضعنا المالي صعباً أصلاً، والجائحة تُجهِزُ علينا". ويتولى نييتو إدارة المؤسسة منذ 48 عاماً، ويوظّف فيه 25 شخصاً، ولكن يمكنه فوراً أن يشغّل مائة آخرين إذا اقتضت الحاجة.

وما يهدد أكثر مستقبل النادي هو أن عدداً كبيراً من أكثر رواده إخلاصاً من كبار السن الشديدي التأثر بفيروس كورونا المستجد، والذين كانوا قبل الأزمة الصحية الراهنة يأتون ليرقصوا المامبو ودانزون والتشاتشا.

لايف ستايل
التحديثات الحية

لكنّ "لوس أنخيليس"، أشهر صالونات الرقص على الإطلاق، ليس الوحيد المهدَّد، ففي مكسيكو اليوم، يُحدِق الخطر بنحو 2600 مؤسسة مختصة بحياة الليل، يعمل فيها نحو 380 ألف موظف، بحسب نقابتهم "أنيديس".

ويزخر "لوس أنخيليس" بحكايات عن تاريخ البلاد، حتى قيل يوماً إن "مَن لا يعرف لوس أنخيليس لا يعرف المكسيك".وروى نييتو بفخر أن من الذين رقصوا على حلبة "لوس أنخيليس"، إضافة إلى كانتينفلاس، الممثل خيرمان فالديس المكنّى "تين تان"، والرسّام الجداري دييغو ريفيرا، زوج فريدا كالو.

وفي العام 1998، احتفل فيه الكاتب كارلوس فوينتيس، مع حائزي جائزة "نوبل" للآداب غابرييل غارسيا ماركيز وجوزيه ساراماغو، بالذكرى الأربعين لإصداره روايته الأولى "لا ريخيون ماس ترانسبارانتي" التي انتقد فيها المجتمع المكسيكي.

واستُخدِم "لوس أنخيليس" لتصوير مشاهد عدد من الأفلام، وكان مسرحاً في العام 1997 لاجتماع بين نائب قائد حركة "زاباتيستا" ماركوس وعدد من الثوار الزاباتيين الآخرين. ويتنهد نييتو وهو يستعيد الذكريات قائلاً: "لقد حصلت أمور كثيرة هنا"!

ولاحظ وزير الثقافة المكسيكي خوسيه ألفونسو سواريز دل رييال أن "لوس أنخيليس" هو "القاعة القديمة الوحيدة التي لا تزال على قيد الحياة في المكسيك". واعتبر أنه "يمثّل المكسيك في أربعينيات وخمسينيات القرن الفائت".

وبكثير من الحنين، يتذكر راقصون قدامى "الساعات الجميلة" في "لوس أنخيليس". وكانت تسمية "باتشوكوس" تُطلَق على هؤلاء الراقصين، نسبةً إلى المكسيكيين الذين كانوا يعيشون في جنوب الولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن العشرين، والذين كانوا يلبسون بطريقة غير تقليدية سعياً إلى نوع من الاعتراف الاجتماعي.

ويفتخر الطبيب المتقاعد كارلوس بوينو بكونه "باتشوكو" منذ العام 1977. وما إن علم بأن بيته الثاني "لوس أنخيليس" مهدد بالإقفال، حتى خرج من الحجر المنزلي المفروض بسبب جائحة كوفيد-19.

وقال كارلوس (65 عاماً)، وهو يرتدي بذلة بيضاء ويعتمر قبعة مزينة بالريش: "أشعر بأن عليّ واجباً أخلاقياً هو دعم هذا المكان الذي تعرفت فيه إلى زوجتي". أما زوجته باتريسيا ريفيري فتتذكر قبل أن ترقص بعض الخطوات مع شريكها على الحلبة: "عندما كنا نأتي إلى الصالون أيام الثلاثاء، لم أكن أطبخ أو أغسل الملابس في البيت. كنت أتفرغ لأهتم بجمالي لكي أذهب للرقص".

ويفضل عشاق هذا المكان، ككارلوس وباتريسيا، أن يروا في الجملة التي كتبها فيه كارلوس فوينتس، نوعاً من نبوءة: "كان (لوس أنخيليس) هنا قبل 40 عاماً، وسيبقى ما دام يوجد مستقبل وما دامت الروح قادرة على الرقص". 

(فرانس برس)

المساهمون