حكومة الوحدة الوطنية: هل تأتي بجديد؟

حكومة الوحدة الوطنية: هل تأتي بجديد؟

07 اغسطس 2016
بعد أيام تنطلق المشاورات لتشكيل حكومة جديدة (Getty)
+ الخط -
سنة ونصف السنة مرت على تشكيل حكومة رئيس الوزراء (السابق) حبيب الصيد التي جاءت بعد فوز الأستاذ الباجي قايد السبسي بالانتخابات الرئاسية وانتخابات تشريعية منحت نداء تونس المرتبة الأولى وحزب حركة النهضة المرتبة الثانية.

تشكّلت هذه الحكومة في ظل مناخ صعب على جميع الأصعدة، أوّلا تخوفات سياسيّة متبادلة خاصة من الحزبين الكبيرين في تونس وفي البرلمان اللذين خاضا حملات انتخابيّة تقوم على ضدّية أحدهما للآخر ممّا جعل رئيس الحكومة من خارج الحزب الأوّل في مقابل قبول الحزب الثاني بتمثيل ضعيف جدا ضمن الطاقم الحكومي مقارنة بحجمه التشريعي والشعبي.


ثانياً، مناخ صعب على المستوى الأمني تأثر بالأزمة الليبيّة، إلى جانب واقع اجتماعي هشّ تعلو فيه الأصوات المطلبيّة وتتعدّد الاحتجاجات والإضرابات القطاعيّة.

حاول الرّباعي الحزبي المشكّل للحكومة أن يجعل منها توافقيّة بقدر المستطاع، وقد مثّل ذلك تحدّيا أمام طبقة سياسيّة تفتقد الحدّ الأدنى من الثقة المتبادلة.

إلّا أنّ هذا التوافق الذي أنقذ التجربة التونسيّة من الغرق والانهيار لم يتجاوز بعده السياسي السّطحي، إذ لم تلامس التوافقات القضايا الاجتماعية والاقتصاديّة الحارقة التي يعايشها المواطن بشكل مستمر.

لقد حققت الحكومة بعض النجاحات على المستوى الأمني، إلّا أنّ حسن نوايا الفريق الحكومي لم يتواءم مع أسئلة الشارع ومطالب الشعب الملحّة.

مع العلم أنّ واقع الأحزاب المشكّلة للحكومة ألقى بظلاله على أداء الفريق، بين حزب النداء الذي يواجه حالة من الانفلات واللااستقرار وحزب النهضة الذي يعيد ترتيب بيته ومرتكزاته، فضلا عن البقيّة التي أخذت من الحكومة أكثر ممّا قدّمت لها.

إنّ إخفاق حكومة السيد حبيب الصيد، وسحب الثقة منها كبوة في مسار التوافق الذي لن يصمد طويلا دون تمتين أرضيته بخطط وبرامج عمل تهتمّ بالأمن الاجتماعي والاقتصادي بقدر اهتمامها بالأمن السياسي.

ويمكن اعتبار الحكومة المقبلة فرصة أخيرة وامتحان صعب أمام مقولة التوافق التي لا تزال ضعيفة داخل الأحزاب المتوافقة نفسها، ناهيك عن خارجها. فجزء كبير من هذه الأحزاب ما فتئ يتربّص بهذا المسار ولم يؤمن بعد بأنّ بناء تونس يقتضي العمل المشترك والتجاوز عن أخطاء الماضي مع الاستفادة منها.

كما يمكن اعتبار الطبقة السياسية برمّتها في اختبار شعبي أخير بعد مرور خمس سنوات على الثورة وأمل التغيير، وهو ما يفرض على هذه الطبقة أن توضّح برامجها العمليّة للإصلاح والفعل داخل الدولة عوض أن تظلّ تتحسّس مسدّساتها في وجه بعضها البعض.

والسؤال الأهمّ في الحكومة الجديدة: هل يكون لها برنامج جدّي؟ وهل ستحظى بالدّعم من الأحزاب والمنظمات الكبرى للمضيّ في إجراءات إصلاحيّة عاجلة؟

هل ستكون حكومة توافق من أجل مصالح الشعب واستقرار الدولة ومستقبلها أم حكومة صفريّة تضمن فقط حقّ البقاء لجيل سياسي مكتنز بالمحن والصراعات وتحفظ مصالحه الضيّقة؟
لقد نجحت حكومة الصيد نسبيا في محاربة الإرهاب، فهل تنجح الحكومة المقبلة في محاربة الفساد؟

تتزامن انطلاقة الحكومة مع موسم جديد يؤكّد الجميع أنّه لن يكون سهلا خاصّة إذا علمنا أنّ جلّ الاحتجاجات في السنة الماضية غير منظّمة، وهو ما يضع اتحاد الشغل أمام مزيد من العمل والضبط لمساعدة الدولة على تحقيق الاستقرار.

وعلى غرار التحدّي الاقتصادي والاجتماعي الذي ستواجهه الحكومة فهي مطالبة بالإعداد للانتخابات البلديّة التي ستمثّل محطّة رئيسيّة في استكمال بناء مؤسّسات الدولة الديمقراطية والتّخفيف من مركزيّتها.

(تونس)

المساهمون