حكومة الأسد تغرق في أزمة محروقات

حكومة الأسد تغرق في أزمة محروقات

11 يناير 2015
مواطن سوري يبيع البنزين في السوق السوداء (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

كشف برد الشتاء وزيادة الطلب على المحروقات، زيف ادعاءات حكومة بشار الأسد، بعدم وجود أزمة في المازوت والبنزين. وكانت الحكومة أكدت في وقت سابق أن السفن الإيرانية والروسية راسية في مرفأي اللاذقية وطرطوس والأزمة في طريقها للحل، وهو ما كذبه الواقع،

حسب محللين.
 
ويعاني السوريون في العديد من المناطق بسورية من أزمة وقود حادة أدت إلى استفحال ظاهرة انتظار السيارات في طوابير أمام محطات الوقود، بعد تخلي شركاء الحرب في طهران وموسكو عن مد النظام السوري بما يكفيه من الوقود.

وقال المواطن وسيم الآغا، من حي "دمر" بالعاصمة السورية دمشق، لـ "العربي الجديد"، إن سيارات الأجرة والشاحنات تنتظر ساعات طويلة أمام محطات الوقود، كما تعاني المنازل من عدم وجود مازوت تدفئة إلا بسعر 200 ليرة وبالسوق السوداء.
 
وأكد المحلل الاقتصادي علي الشامي أن سبب الأزمة يرجع إلى تباطؤ إيران في تزويد النظام بالمشتقات النفطية؛ بحجة عدم وجود تأمين على ناقلات النفط في ظل الحرب والحصار وعقوبات الغرب على دمشق.

وقال لـ "العربي الجديد": "طالبت حكومة الأسد، طهران بتزويدها بالمشتقات النفطية والغذائية والدعم المالي، مقابل تخصيص استثمارات لإيران في مجال النفط والطاقة والصوامع والاتصالات، وهو ما لم تخفه الحكومة خلال اجتماع رئيس الوزراء، وائل الحلقي، مع رئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية مع إيران وروسيا رستم قاسمي، الأسبوع الماضي في دمشق".

ورأى الشامي أن إيران تستغل أزمة الوقود لحجز مكان على خارطة الاستثمار وإعادة الإعمار، وزيادة سطوتها على ثروات السوريين. وبدأت إيران إبرام العقود مع القطاع الخاص السوري، بعد سماح رئاسة الوزراء بسورية للصناعيين باستيراد المازوت والبنزين، وتورد طهران لدمشق النفط منذ خسارة الأسد الآبار أمام الثوار في 2012، ولكن بدأت تتوجس من استرداد ثمن شحناتها ونفاد التسهيلات الائتمانية التي منحتها للنظام في يوليو/تموز 2013 والبالغة 3.6 مليارات دولار.

وتوقع الشامي عدم منح طهران النفط لدمشق، عبر الوعود بالاستثمار في ظل الأوضاع المضطربة وبالسهولة التي يتوقعها النظام.

وحول دعم روسيا للأسد بالمشتقات النفطية، أكد الشامي أن مهمة موسكو في دعم الأسد تتركز على السلاح وبعض القروض المشروطة بمنح استثمارات للتنقيب عن النفط والغاز، في مقابل التزام موسكو بتورد حاجته من المشتقات، مشيراً إلى أن واقع الظروف الاقتصادية التي تعيشها

روسيا، فإن إتمام هذا الاتفاق يعد ضرباً من الخيال. وأضاف "صحيح أن البيع فرصة، لكن نحو 100 ألف برميل يومياً لا تستحق المخاطرة بالعقوبات وزيادة معاداة موسكو للغرب والعرب وواشنطن".

ولم يجد النظام من طرق لتمويل حربه، وخاصة بعد خسارته آباراً ومواقع النفط في شمال شرقي سورية "الحسكة، الرقة ودير الزور" أمام قوات الثوار وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، إلا عبر رفع أسعار المشتقات النفطية، متخلياً عما كان يتشدق به من دعم واقتصاد اجتماعي، فجاء ذلك عبر رفع أسعار المشتقات النفطية ثلاث مرات متتالية بعد الثورة السورية، كان آخرها في مطلع تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، حيث رفعت حكومة الأسد سعر ليتر البنزين من 120 إلى 140 ليرة والمازوت من 60 إلى 80 ليرة لزوم الزراعة والنقل والتدفئة المنزلية وإلى 150 ليرة لزوم الإنتاج الصناعي.

وأكد عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني المعارض، أنور بدر، لـ "العربي الجديد" أن النظام الحالي يعامل الشعب وفق نهج ليبرالي بتحرير الأسعار، لكنه يمنحهم أجورهم وفق النهج الاشتراكي الذي ورثه بشار عن أبيه حافظ الأسد، فرفع أسعار المشتقات النفطية يؤدي لرفع أسعار جميع السلع والمنتجات، ما يزيد معاناة السوريين.

وأضاف بدر: "لا يجد النظام سوى جيوب السوريين المنهكة ليمول حربه ويضمن الاستمرار، فلو علمنا أن استهلاك سورية من البنزين أكثر من 2.5 مليار ليتر سنوياً ومن المازوت 7.5 مليارات ليتر، وخصمنا الفارق بين السعر القديم والحالي، سنجد زيادة كبيرة في موارد النظام على حساب المواطنين، مشدّداً على عدم تخفيض سعر المشتقات النفطية رغم تراجع سعر البرميل لنحو 50 دولاراً.

وشهدت أسعار النفط العالمية انخفاضاً كبيراً خلال الشهور الستة الماضية، من 115 دولارا للبرميل إلى أقل من 55 دولاراً، أي خسر أكثر من نصف سعره وكان من الطبيعي تخفيض أسعار الوقود في سورية، حسب محللين. وأشار محللون إلى أن الأزمة تزداد في المناطق خارج سيطرة النظام الحالي الذي تنصل من أية واجبات نحوهم.

وقال بدر إن معاناة السوريين من نقص حاد في المحروقات، وارتفاع أسعاره تزايدت في المناطق المحررة الفترة الأخيرة، ومن خلال تواصلنا مع بعض المصادر لاحظنا ارتفاع سعر ليتر المازوت إلى أكثر من 200 ليرة، بعد توقف النفط الخام من الآبار التي يسيطر عليها الثوار وداعش، وتهديم المصافي اليدوية التي كانت تنتشر في دير الزور والرقة وإدلب، وكانت تؤمن جزءا كبيرا من حاجة السوريين وبأسعار تناسب وضعهم المالي الصعب.

وزاد عدم توحيد أسعار المازوت للتدفئة، وللصناعة من نشاط السوق السوداء كما قال الخبير الاقتصادي محمود حسين لـ "العربي الجديد" الذي أكد استحالة مراقبة التوزيع والأسعار في

ظل هذا الوضع.

وأضاف حسين، أنه كان يجب ترك التسعير وفق آلية السوق "العرض والطلب" أو اللجوء للتسعير المركزي كما يتم في معظم دول العالم، ولكن تضارب وغموض القرارات ساهم في زيادة الأزمة.

وتوقع حسين تراجع حكومي سريع عن قرار تعدد أسعار المازوت وتوحيد السعر بنحو 125 ليرة وإعطاء بدل نقدي، أو ما يسمى دعم مباشر للموظفين والعاملين في الدولة قيمته 5000 ليرة شهرياً.

المساهمون