Skip to main content
حكواتي: رجب "copy paste" عن أبيه.. بدل "الأسد وشبله"
محمد هديب
الرسم لدومينيك برونوتون / Getty


في حصص المدرسة يمكن للمعلّم أن يشرح على رسمة توضيحية: هذا رئبال يا أولاد، هذا هزبر، هذا سبع، هذا أسامة. لكن إيّاك أن تقول: هذا أسد.

لا يوجد مرسوم، بالطبع، يمنع أن تسمّي ملك الغابة أسداً. لكنّ الخوف من الرسوم لا يُذكر مقارنة بالشرّ الذي تبتعد عنه وتغنّي له.

 "إبعد عن الشرّ وغنّيلو" كانت شعاراً على مدى أربعين عاماً. فكم الشرّ الذي نبتعد عنه، وكم عدد المغنّين؟

حاصله: ممنوع على المعلّم في سورية استخدام اسم الأسد للإشارة إلى حيوان الغابة.

(من المتوقع، منذ ثلاث سنوات، أنّ معلّم المدرسة سيفضّل اسم مدرّس، فلا أحد ينافس وليد المعلّم في العلم والتعليم)!

إذا تابعتَ مسرحية "شاهد ما شافش حاجة" في سورية، فالمطلوب متابعتها "إلى الأبد" محذوفاً منها مشهد: "ده أنا بخاف م الكلب، يطلعلي أسد!".

هذا المشهد محكوم عليه بالحذف من دون تردّد لأنّه يعقد المقارنة بين كائنين يمشيان على أربع، من الثدييات، ولهما مخالب ولا يأكلان سوى اللحم.

هذا المشهد ليس شرّاً تبتعد وتغنّي له مقطعين عالماشي. هذا شرٌّ يقفل عليه الرقيب بالترباس، يخفيه من الوجود، ويبقى يأكل أظفاره، ويعيد مشاهدة المسرحية مرّات ومرّات، حتّى يتأكّد من الحذف.

في الوطن العربي بالتأكيد هناك حساسيات أخرى ومعانٍ مشوّهة أخرى لكن ليس بينها الأسد.

الأسد أسد، وهناك سياق طبيعي يفصل طبيعياً ما بين الإشارة إلى الأسد، ملك الغابة، أو الأسد، ملك سوريا.

منذ ثلاث سنوات عمّ تشوّه الكناية الوطن العربي... وطمّ.

لا يمكنك القول وأنت مرتاح: هذا الشبل من ذاك الأسد. تشعر مباشرة بالحجاب الحاجز يضغط على قلبك.

أنت تريد القول مثلاً: إنّ رجب بيّاع الفلافل يتقن الفلافل مثل أبيه رحمة الله عليه.

 حتّى لو كنت بعيداً في جبال أطلس بتّ تشعر بثقل دم كناية الأسد وشبله.

ربما تقول: إنّ رجب في الفلافل copy paste عن أبيه أو مثله "مخلق منطق"، أو "طبق لزق"، أو بالهندي الخليجي same same.

ستمرّ عقود طويلة قبل أن تتخلّص المعاني من محنتها الفادحة.

يا ويلنا.