حكاية من الغوطة على طريق التهجير

حكاية من الغوطة على طريق التهجير

24 مارس 2018
الدمار في مدينة عربين (فيسبوك)
+ الخط -
نجحت سهام الفوال أخيراً، مع زوجها وأطفالها الأربعة، في الخروج من الملجأ الذي كان يؤويهم في قبو أحد المباني المحفور حديثاً في مدينة عربين بالغوطة الشرقية في ريف دمشق.

خروج سهام لم يكن لأن النظام رأف بمدنيي الغوطة الشرقية، وأوقف القصف للسماح لهم بالخروج، بل إن الخروج من الملجأ يعني الانتقال بالحافلة إلى أرضٍ جديدة لا يعرفون عنها سوى ما يرد في الأخبار.

قالت سهام لـ"العربي الجديد": "سمحوا لنا بأخذ حاجاتنا الشخصية ووثائقنا وأجهزتنا الإلكترونية، وهو ما دفعني لمحاولة تفقّد منزلي بعد أن أمضيت أكثر من أسبوعين في الملجأ".

قصدت سهام منزلها لتجده مدمّراً بالكامل بصاروخٍ اخترقه، لم تتمكّن من دخوله، إذ حذّرها أحدهم من احتمال وجود قنابل لم تنفجر. وأوضحت أنّها عندما خرجت للمرّة الأولى بعد أسبوعين من الاحتماء بالملجأ رأت التغيّر الكبير في معالم المنطقة، التي ترعرعت فيها. شعرت بالصدمة، وقالت "الدمار كبير جداً".

سُمح للمدنيين في القطاع الأوسط للغوطة بالخروج بعد توقّف عمليات القصف، بموجب الاتفاق بين "فيلق الرحمن" الذي يسيطر على هذا القطاع والجانب الروسي. ويقضي الاتفاق بتهجير المدنيين ومقاتلي "فيلق الرحمن" الرافضين للمصالحة مع النظام من القطاع الأوسط للغوطة، الذي يتكوّن من حي جوبر، وبلدات زملكا، وحزة، وعربين وعين ترما.


وتشهد المنطقة منذ ليل أمس هدوءاً تاماً، ولم يسجّل أيّ استخدامٍ للأسلحة، سواء من جانب النظام أو من جانب المعارضة. الهدوء التام مع مشهد المباني التي سُويت بالأرض يدفع إلى القشعريرة بالنسبة إلى أحمد الناصر.

كان أحمد قد أنهى لتوّه جدالاً طويلاً مع زوجته تعالت خلاله أصواتهما في الشارع أمام بقيّة المدنيين، فكان لكّلٍ منهما رأي منفصل حول اتخاذ القرار بالبقاء في المنطقة بموجب المصالحة أو الخروج نحو الشمال السوري.



قال أحمد لـ "العربي الجديد": "آخر أمرٍ توقّعته هو أن نتهجّر من أرضنا بعد أن صمدنا مدّة خمس سنوات تحت القصف والحصار". وأضاف أنّه كان يتوقّع أن يكافأ المدنيون من قبل الفصائل (المعارضة) بعد فك الحصار عن الغوطة، ليكمل الناس حياتهم بأمان، وليس إجبارهم على الخضوع لنظام بشار الأسد أو التهجير إلى شمال سورية الذي بات يغصّ بالمهجّرين وسط انعدام فرص الحياة هناك.

انتهى الخلاف بين الزوجين بالاتفاق على الخروج مع قوافل المهجّرين بالحافلات، وقاما بتسجيل اسميهما ضمن الراغبين في الخروج. ويحمّل أحمد مسؤولية ما جرى لفصائل المعارضة المقاتلة داخل الغوطة قائلاً: "إنّها لم تفعل شيئاً منذ عام 2013 عندما كانت في ذروة قوتها، وإنما اكتفت بانتظار النظام وروسيا حتى يهاجما المدنيين ويقتلا ويهجّرا".

منذ صباح اليوم السبت، بدأت لجنة الاتفاق في "فيلق الرحمن" بتسجيل أسماء الراغبين في الخروج من الغوطة إلى الشمال السوري، وتجهيز المصابين والمرضى لنقلهم إلى خارج الغوطة.


وينصّ الاتفاق الذي توصل إليه النظام وروسيا مع "فيلق الرحمن" على البدء بإخراج الجرحى والمرضى إلى خارج الغوطة عن طريق الهلال الأحمر السوري، وضمان سلامتهم وعدم ملاحقتهم بعد تماثلهم للشفاء، وتخييرهم بين العودة إلى الغوطة أو الخروج إلى الشمال السوري.


  

كذلك ينصّ على الخروج الآمن بإشراف ومرافقة من قبل الشرطة العسكرية الروسية حصراً لمن يرغب من الفصائل مع عوائلهم بأسلحتهم الخفيفة، إضافة إلى من يرغب من المدنيين، إلى الشمال السوري، وضمان عدم ملاحقة أي من المدنيين الراغبين في البقاء بالغوطة من قبل النظام أو حلفائه، إضافة إلى نشر نقاط شرطة عسكرية روسية في البلدات التي تقع تحت سيطرة "فيلق الرحمن" حالياً، والتي يشملها الاتفاق.

المساهمون