حكاية أرض... من سجن مركزي إلى حديقة عامة في غزة
وسط مدينة غزة في القطاع الفلسطيني المحاصر، أرض حكومية مُعشّبة خضراء تبلغ مساحتها الإجمالية 42 ألف متر مربع. هذه المساحة الجغرافية البسيطة هي أحد شواهد تاريخ المدينة، إذ إنّ مائة عام من التغيرات السياسية مرّت على هذا المكان.
تبدأ حكاية هذه الأرض منذ الانتداب البريطاني على فلسطين (1918- 1948) إذ أسس عليها الحاكم البريطاني، أول سجن مركزي في قطاع غزة، كان يضم مبنى للإدارة وآخر للقضاء، فيما القسم الرئيسي يضمّ زنازين للمقاومين، حتى إعلان قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي. من بعدها خضع المكان للحكم العسكري المصري (1948- 1967) واستمر على حاله سجناً مركزياً إلى أن سقط القطاع تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر بعد حرب 1967، فجهزه باعتباره "سجن غزة المركزي" وكان مُعتقلاً رأى فيه الفلسطينيون كلّ أشكال التعذيب والظلم. وعام 1994، تسلمته السلطة الوطنية الفلسطينية بعد اتفاقية أوسلو، وأصبح مديرية للأمن العام والأمن الوطني، بالإضافة إلى قسم خصص كسجن مركزي. وبعد سيطرة حماس على القطاع عام 2007 اتخذت من المكان سجناً عاماً حتى قصفه الاحتلال في عدوان 2008- 2009، ودمّر ثلثي المكان، وبقي القليل من المساحة عليها محكمة عسكرية وسجن صغير، لكن دُمّر كلياً في عدوان 2012ً.
وفي عام 2013 قررت الحكومة في غزة إعادة استصلاح هذه الأرض لتكون مساحة ذات منفعة عامة لجميع الغزيين، خصوصاً أنّها تقع في مكان استراتيجي بالنسبة لمدينة غزة، فرفعت الركام وأعادت تأهيله بما يناسب مع استخداماته الجديدة، مع تعشيب الأرض وزراعتها بما يتيح للمكان أن يشكل حديقة عامة. وفي الفترة من عام 2013 حتى عام 2018 تم استغلال المكان بالمناسبات الوطنية والدينية والاحتجاجات والتظاهرات، ومؤخراً اعتمد كحديقة عامة حصراً، بعدما بدأ كسجن.
(توثيق مصور بعدسة: محمد الحجار)