حقوق غير مكفولة

حقوق غير مكفولة

11 ديسمبر 2018
حقوقهم منتهكة (Getty)
+ الخط -


"يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق" (المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان). لا يعرف كثيرون ممّن يولدون على الأرض أنهم متساوون، ربّما لأن هذا ليس حقيقياً. الطفل المولود في اليمن اليوم ليس كالطفل المولود في السويد، على سبيل المثال لا الحصر. في اليمن، قد تكون الرعاية النفسية شبه غائبة، وقد يُنظر إليها كرفاهية وسط حرب مستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات. في البلد نفسه، انتهاكات حقوق الإنسان تبدأ منذ اللحظة الأولى لولادة أي طفل. والقضية هنا ليست المصادقة على المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بل العمل على خلق مجتمع يتعامل انطلاقاً من مفاهيم حقوق الإنسان، التي تخترقها في مجتمعاتنا العربية الذكورية، والأعراف والتقاليد وكثير غيرها.

خلال إحدى الدورات التدريبية التي شارك فيها شباب للتعرّف إلى حقوق الطفل، أشاروا إلى أنهم كانوا يعرفون مبادئ أساسية، كحق الطفل في اللعب والتعليم وغيرهما. وبدا أنهم كانوا يحفظون هذه الحقوق عن ظهر قلب، من دون أن يعرفوا كيفية ممارستها. هل تطبّق أصلاً، أم أنها مجرّد معلومات للقراءة؟

لحسن حظّهم أنّهم اختبروا هذه الحقوق مع أطفال، وحاولوا مساعدتهم على التعامل بعضهم مع بعض انطلاقاً من هذه المبادئ. لكن ماذا عن بيئة بأكملها في الخارج؟ المدرسة، من مديرين ومدرسين وزملاء، والأهل في المنزل، وأصحاب المتاجر، والمسؤولين عن إدارة أماكن الترفيه، وآخرين؟



حتى اليوم، في كثير من المدارس التي تعد مرموقة في لبنان، يغري المدرسون الأطفال ببعض حلويات يحصلون عليها إذا ما توقفوا عن الثرثرة في الصف. وما دام هذا الأسلوب معتمداً، يعني أننا ما زلنا بعيدين عن تكريس حقوق الإنسان كثقافة مجتمع مبني فقط على الثواب والعقاب، وليس الشراكة.

يمكن لأسس التربية في المدارس أن تكون مبنية تماماً على معايير حقوق الإنسان. هل يبدو هذا مخيفاً؟ ربّما. المدرّسة (أو المدرّس) لن ترضى أن يقاطعها تلميذ في الصفّ، ليطلب منها التوقّف عن الصراخ في الصف، وليس من مصلحتها أن تطلِع الطفل على حقوقه، وليس من مصلحة إدارة المدرسة جعل المدرسين أكثر وعياً بحقوقهم. والمصالح في مجتمعاتنا أقوى من الحقوق. والمصالح نفسها تقود الدول إلى التوقيع على معاهدات تتعلق بحقوق الإنسان، وليس الحقوق. إذاً، هي حلقة فارغة من أي مضمون حقوقي، باستثناء المناضلين، وهم كثر، الذين سعوا عبر التاريخ إلى إبراز هذه الحقوق لجهات مختلفة.

فلنتذكر في يوم حقوق الإنسان، الذي صادف في العاشر من الشهر الجاري، وفي كل يوم، أن حقوقنا وحدها تحمينا، وليس مصالحنا.

المساهمون