حفل النظر الكوني

حفل النظر الكوني

19 ابريل 2015
فردريكو هيريرو، مواد مختلطة على قماش، 300 × 500
+ الخط -

شتاء 2012 كان العمّال في مدينة دنماركية تسمّى "أوروس" يرممّون المسرح الكبير والقديم وسط المدينة، حيث كنت أقيم، ليكون جاهزاً للخمسين سنة القادمة.بعد شهور سأجلس على بلكون المسرح نفسه وأشاهد عرضاً إيرانياً.

البلكونات في المسارح القديمة صُمّمت بحيث تكون مشاهدة المتفرجين لبعضهم أوضح من مشاهدة الخشبة. كان الناس يرتادون المسرح ليروا بعضهم بـ "ناظور" أرستقراطي صغير في طقس اجتماعي خاص، وكان ارتياد المسرح أشبه بالذهاب إلى حفل كبير من النظر.

هاأنذا متفرجة عربية على مسرحية إيرانية في الدنمارك، ألا يبدو الأمر مركباً! لا شك أنّ الكل يئس من فكرة الستينيات القائلة أن الحداثة قد تكون الطريق إلى العدالة العالمية، ما نعرفه حقاً أن الحداثة أدّت بشكل ما إلى "التهرئة" Deterritorialization، إحدى المحركات الرئيسة للعالم الحديث، وإحدى النتائج المقدّرة لحركة الهجرة.

ولكن ماذا لو نظرنا إلى المسرح بوصفه نموذجاً للحداثة والتهرئة؟ بوصفه أداة ثقافية أو مؤسسة غريبة تنبت في غير أرض وغير ثقافة، وتسمح لعوامل التهرئة أن تصبح عوامل تمكين، ويصبح الـ Deterritorialization، من حيث هو بتر سبباً في العملية العكسية أي إعادة الوصل الـ Reterritorialization.

الكلام ليس بجديد، والفكرة ببساطة أننا نغادر الأماكن، فهل نغادر معها مكوناتنا فيها؟ أم أن ما يتبقى من أمكنتنا السابقة هو ما نحاول إعادة صياغته من خلال الفن مثلاً. السوريون الآن مثلاً، يستخدمون المسرح في المنافي كفعل اجتماعي وفعل تمكين وكحفل للنظر، يستخدمون مخيلتهم كرد فعل على التهرئة، وكذلك فعل كثيرون قبلهم.

ما حدث بعد مواسم الهجرة والتهجير الكبرى التي عاشها البشر أن حفل النظر أصبح كونياً وأن المدعوين بالملايين.

المساهمون