حسام عوار: معضلة تمثيل وطن

حسام عوار: معضلة تمثيل وطن

31 اغسطس 2020
حسام عوار يبدأ رحلة جديدة مع فرنسا (Getty)
+ الخط -

ترك النجم حسام عوار بصمة ذهبية في بطولة دوري أبطال أوروبا مع فريقه ليون الفرنسي، وذلك بعد أن لفت الأنظار بأدائه المُميز في خط الوسط، وطريقة لعبه الأنيقة التي ساعدت فريقه في الوصول إلى الدور نصف النهائي من المسابقة.

لكن في وقت يُعتبر الاحتراف خارج البلد أمر مهم لأي لاعب عربي وتعتبره الجماهير حاجة ضرورية لتطوير الأداء ونقل هذا التطور إلى المنتخب الوطني، إلا أنه يختلف تماماً عن التمثيل الدولي والذي يُصبح فيه اللاعب بين ميزة البطل والخائن.

ويُعتبر حسام عوار آخر هذه الأمثلة من قائمة النجوم الجزائريين المولودين في فرنسا والذين قرروا تمثيل منتخب "الديوك" بدلاً من المنتخب الجزائري، وهو ما أثار ضجة كبيرة في الجزائر وهاجم البعض عوار بسبب تفضيله بلدا آخر على وطنه.

عوار لتمثيل فرنسا

سبب قرار حسام عوار، نجم فريق ليون، مؤخراً، تمثيل المنتخب الفرنسي استياء بعض الجماهير الجزائرية التي راقبت بحسرة خسارة المنتخب الوطني الكثير من الأسماء المُميزة المحترفة في الخارج، والتي اختارت تمثيل البلد الذي ولدوا فيه على البلد الذين يرتبطون به عبر الجذور.
ويُعد حسام عوار آخر حلقة في سلسلة لاعبين ولدوا في فرنسا من أبناء المهاجرين الجزائريين، والذين قرروا عدم العودة إلى الجزائر لتمثيل منتخب "الخضر"، ومن هذه الأسماء، التي قدمت مسيرة مُميزة في كرة القدم، زيدان مدرب ريال مدريد الحالي الذي يُعبتر من أصول جزائرية وكذلك المهاجم كريم بنزيمة، بالإضافة للنجم نبيل فقير.

يُعد حسام عوار آخر حلقة في سلسلة لاعبين ولدوا في فرنسا من أبناء المهاجرين الجزائريين، والذين قرروا عدم العودة إلى الجزائر لتمثيل منتخب "الخضر"

وقال الصحافي الجزائري مخلوف مهني في هذا الإطار عن اختيار عوار تمثيل منتخب فرنسا "خيار توقعه الكثيرون لم تملِه إلا الرغبة في تنحية كل الخيارات لأجل تحقيق مسيرة عظيمة تنبأت بها موهبته الكبيرة، من دون الإساءة لمن يخطئون في قياس وطنية الشباب من جيل المهاجرين إلى فرنسا بلون القميص الذي يختارونه".
ودائماً ما يتكرر الجدل كثيراً عند الحديث عن المنتخب الوطني الجزائري، ويتخلله دائماً ذكرى "أبطال الاستقلال" الذي لبوا خلال الحرب مع فرنسا نداء جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وتركوا معسكر "الديوك" قبل مونديال 1958 للانضمام إلى المنتخب الوطني الأول لدولة لم يكن لها وجود آنذاك.
هذه القصة رواها ببراعة مؤلفا السيناريو الفرنسيان برتراند جاليك وكريس، ورسمها الإسباني خابي ري في فيلم

"Un Maillot Pour L’algerie" (دوبوي 2016)، من بطولة رشيد مخلوفي، النجم السابق لفريق سانت إيتيان والمنتخب الفرنسي.
فبعد الاتصال به من قبل جبهة التحرير الوطني الجزائرية، هرب مخلوفي سراً مع زميله في المنتخب مصطفى زيتوني الذي كان يتابعه فريق ريال مدريد الإسباني، وسافرا مع ثمانية جزائريين في المنتخب الجزائري آنذاك عبر إيطاليا ثم تونس للانضمام إلى منتخب تاريخي.
بدأ مخلوفي مسيرته في 9 آيار/مايو عام 1958 في ملعب الشاذلي زويتن في تونس، حيث كان موجودا المنتخب الجزائري الذي لم يكن يعترف به "فيفا"، وفاز آنذاك على المغرب (2 – 1) ما أثار حماس مواطنيه وجيرانه العرب. وبعدها حقق الفوز على تونس (6 – 1)، وسلسلة من 80 مباراة قادت هؤلاء الثوار من دون بنادق للدفاع عن القضية الجزائرية على أرض الملعب.
وتساءل المدرب الجديد للمنتخب الجزائري جمال بلماضي، الذي يتمتع أيضاً بجنسية مزدوجة، قبل أشهر "بعيداً عن أسلافنا الشجعان في فريق جبهة التحرير الوطنية، هل هناك لاعبون قرروا تغيير جنسيتهم الرياضية والانضمام إلى أي منتخب جزائري؟". وأضاف المدرب الجزائري، بعدما تسرب للصحافة أنه كان يسعى لإقناع الحارس لوكا زيدان بالانضمام لمنتخب "الخضر"، "لا يوجد. لو كان ذلك حدث، فستكون أول مرة. لا أقول أن الأمر مستحيل، ولكن لم يحدث أبداً".


رياض محرز الاستثنائي
عادة ما تطرق الجدل في السنوات الأخيرة إلى حالة مهاجم فريق مانشستر سيتي الإنكليزي الجزائري رياض محرز، الذي قاد منتخب بلاده للتتويج بلقب بطولة أمم أفريقيا في عام 2019. ولبى محرز، الذي كان لاعباً مغموراً في بطولة الدوري الفرنسي عام 2013، دعوة المنتخب الجزائري للانضمام إليه آنذاك، قبل أن يتألق ويصبح أفضل لاعب في أفريقيا وذلك بعد تتويجه مع فريقه السابق ليستر سيتي بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز.
وهنا يقول الصحافي الجزائري مهني "لا نعرف ماذا كان سيصبح قراره لو كان لاعباً كبيراً آنذاك. نعرف فقط أنه لم يكن كذلك في تلك الفترة. كان يلعب لفريق لو هافر المتواضع وكانت فرص انضمامه للمنتخب الفرنسي صفر".

كرة عالمية
التحديثات الحية

وأضاف "بالطبع كان يمكن أن يفعل كما فعل آخرون مثل يوري برشيش ويقول إن الجزائر لا تهمه وينتظر بهدوء لمعرفة ما إذا كان سيتم استدعاؤه من قبل فرنسا، حيث سيكون له اليوم مكان فيها، ولكن محرز لم يفعل ذلك"، قبل أن يعود للدفاع عن قرار عوار الذي يتطلع إلى تحقيق ما فعله زيدان وبنزيمة وفقير ويطمح إلى إمكانية الفوز بلقب كأس العالم.
واعتبر أن "قرار عوار ومن سبقوه لا يمثل إخفاقاً للاتحاد ولا إهانة للجزائر وشعبها. الجزائر لا تستطيع استقطاب لاعبين مزدوجي الجنسية من الطراز العالمي لأسباب رياضية بحتة. اللعب لمنتخب وطني كبير يفتح أبوابا كثيرة مقارنة بالمنتخب ذي المستوى الأقل. مرة أخرى، إنه اختيار مسيرة مهنية وليس اختيار وطن".

المساهمون